الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الطريق الصحيح للزواج من فتاة تعرفت عليها عبر النت؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي هي أني تعرفت على فتاة من خلال الشبكة العنكبوتية، وتطورت العلاقة إلى حب، ولكن سرعان ما انهار هذا الصرح، مضت الآن 3 سنوات، وأنا لا أستطيع نسيانها، والعلاقة ما زالت موجودة تحدثني وأحدثها.

لا أستطيع تخيل نفسي مع غيرها، حاولت ولكن كلها باءت بالفشل، وأعتقد أن السبب يعود أنها ترى أن هذا الشيء يعد من طيش الشباب ومرحلة المراهقة، ولكن أخي الكريم: أنا قصدي هو الزواج، فأنا لا أحب الطرق الملتوية، وستسألني من الشبكة ولا تعرفها، سأجيبك إني أعرفها أكثر من نفسي، فسبحان من خلقها جمالا وخلقا، لكن المشكلة الآن أين الطريق الصحيح؟

هل أخبرها أني أريد الزواج منها؟ وهل أخبر أختي أن تتصل بها؟ وحتى لا أسلبها حياتها، فستكون مجرد خطبة، وبعد انتهاء دراستي ( بعد 3 سنوات، سيكون الزواج).

أحتاج نصيحتكم حول هذا الموضوع.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يكرمك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من المتميزين والمتفوقين.

وبخصوص ما ورد برسالتك –أخي الكريم الفاضل– فاسمح لي أن أقول لك: إني أؤيد وجهة نظر هذه الفتاة، لأن معظم هذه العلاقات التي تتم عبر الشبكة العنكبوتية؛ إنما هي فعلاً من الطيش، وهي نوع من تضييع الوقت، ولا تمت إلى الحقيقة بصلة، ومعظم الذين يدخلون إلى الشات وغيره؛ إنما يدخلون بقصد التسلية، ونادرًا ما تجد أحدًا جادًا في مثل جديتك، أو يريد الصدق، لأن الكلام كله في الغالب يكون مبنيًا على وجهة نظر كل طرف، وحرص كل طرف على أن يُجمّل نفسه للطرف الآخر، ولذلك تنعدم الثقة في مثل هذه العلاقات إلى حد كبير؛ إن لم تكن بنسبة مائة بالمائة.

فالأخت واقعية لأنها ترى أنها ما أرادت حقيقة أن ترتبط بك كزوج بزوجة، وإنما أرادت فقط مجرد إقامة علاقة، أو التسلية، أو نظرًا لفراغ الوقت، أو نظرًا لأنها استراحت لك، فهذا كان قصدها، ولم تتعدَ أكثر من ذلك في تفكيرها، في حين أنك كنت جادًا وكنت تأخذ الأمور على محمل الجد، والدليل على ذلك أنك لا تستطيع نسيانها كما ذكرت؛ رغم مرور ثلاث سنوات على هذه العلاقة.

وأيضًا هناك أمر آخر: أنت الآن تقول أنك لن تستطيع أن تتقدم إليها قبل ثلاث سنوات، واسمح لي: لماذا هي تصبر هذه المدة، وتعيش هذه الفترة وهي مرتبطة بك، ولا تدري هل أنت ستكون بعد هذه الثلاث سنوات جادًا فعلاً في طلبها؟ أم أنك قد تتراجع عن هذا القرار؟ وأيضًا قد يظهر لك أشياء أخرى فتقطع العلاقة بها.

ومن هنا فإني أنصح بإغلاق هذا الموضوع نهائيًا، والتوقف عن الحديث معها بصورة كاملة، أولاً لأنه لا يجوز لك شرعًا أن تتكلم مع فتاة أجنبية عنك، وأن تفضي لها بمكنون قلبك، وأن تعبر لها عن حبك ومشاعرك، وهي ليست بزوجة لك، وأنت شخصيًا أنت لا تقبل ذلك لأختك، يعني بالله عليك هل تقبل أن تُقيم أختك علاقة لمدة خمس سنوات أو ست سنوات مع شاب؟ وأن تتبادل معه عبارات الغرام والحب وغير ذلك، ثم بعد ذلك يتخلى عنها أو يتركها؟!

أعتقد أنك لا ترضى ذلك أبدًا لا لأختك ولا لابنتك –إذا كانت لك ابنة– ولا لأحد من أرحامك، فأنت لن تقبل بحال من الأحوال أن تقيم أختك علاقة مع شاب عبر الإنترنت، وأن تبثّ إليه مشاعرها، وأن تتبادل معه كلمات الحب والغرام والهيام، إلى غير ذلك، فما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك، واعلم أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.

فأنا أرى أن تتوقف نهائيًا عن هذه العلاقة، وأن لا تتكلم معها مطلقًا، وإنما إذا كان هناك من كلام نهائي، قل لها (إن شاء الله تعالى أنا أمامي فرصة، وأنت إذا تقدم لك أحد، فأنا قد أكون أولى بك من غيري) وأغلق هذا الباب، وقل لها (إن شاء الله تعالى موعدنا بعد انتهاء الدراسة، وبعد استعدادي لأن أكون زوجًا وأجهزُ سوف أتقدم لك) واتركها وشأنها، فإن تقدم لها أحد، وقبلت به خلال هذه الفترة، فهي ليست من نصيبك، وإن ظلت على هذا الأمر، ولم يتقدم لها أحد وأنت وجدتها ما زالت غير مرتبطة، فمن الممكن أن تتقدم إليها ما دمت ترى أنها صاحبة خلق ودين.

أما الآن فأرى أن هذه العلاقة علاقة محرمة، وعلاقة غير مشروعة، ويجب عليك أن تنتبه لمذاكرتك ودراستك، وأن تضع نصب عينيك هدفًا كبيرًا أن تكون متميزًا ومتفوقًا علميًا، لأنك في حاجة لهذا التميز شخصيًا، والأمة في حاجة إليه كذلك، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف).

ومن الممكن أن تجعل زواجها هدفًا لك، بمعنى أن تتميز علميًا وأن تتفوق دراسيًا، حتى إذا ما تقدمت إلى أهلها قبلوك على اعتبار أنك ستكون من أوائل الطلبة ومن أوائل دفعتك، ولعلك تكون معيدًا في الجامعة، وقطعًا كل الناس سوف يرحبون بك عندما تكون في هذا المستوى العلمي، لأنهم يعلمون أنك مع الأيام ستصبح أستاذًا كبيرًا، وقد تكون من المخترعين الكبار ومن العمالقة العظام الذين يخططون لمستقبل الإنسانية.

فأرى بارك الله فيك أن تركز اهتمامك على دراستك الآن، وأن تتوقف نهائيًا عن هذه العلاقة، واعلم أنها إذا كانت لك؛ فثق وتأكد أنه لن يتقدم لها أحد، ولن تكون لغيرك بحال من الأحوال، وإذا لم تكن لك في علم الله؛ فثق وتأكد أنها حتى وإن كانت زوجة لك سوف تذهب عنك وتنتهي علاقتك بها؛ لأنها ليست من نصيبك، ولأن الله تبارك وتعالى لا يقع في ملكه إلا ما أراد.

ركز على مستواك الدراسي، اقطع هذه العلاقة من أجل الله تبارك وتعالى، وتب إلى الله تبارك وتعالى منها، وقل لهذه الفتاة (إن شاء الله تعالى أتكلم معك بعد ثلاث سنوات عندما أُصبح جاهزًا لأن أسس أسرة، ولأن أقيم مجتمعًا إسلاميًا صغيرًا، فإن قدر الله ولم يتقدم لك أحد، فأنا أولى بك، وإن رزقك الله تبارك وتعالى أحد فتوكلي على الله، لأني لا أستطيع أن أحبسك خلال هذه الفترة، لأني لا أدري ماذا سيكون حالي بعد ثلاث سنوات).

أسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك إلى كل خير، وأن يجعلك من المتميزين علميًا وخُلقيًا ودينيًا، وأن يجعلك عالمًا عاملاً وأستاذًا كبيرًا في خدمة دينك وقضايا أمتك.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً