الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي سلبي ولا يشاركني في الاهتمام بتربية الأولاد، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة متزوجة، وعندي ثلاثة أطفال، ومشكلتي أن زوجي يصلي ويحفظ القرآن، ولكنه غير متعاون، وكسول، وجاف الإحساس، ويأتي من العمل يضيع معظم وقته أمام النت ومشاهدة المباريات والقنوات الإخبارية حتى ينام، وأشعر أني وحيدة، وأن كل عبء البيت وتربية الأولاد والترفيه عنهم أنا وحدي المسئولة عنه، فالأولاد شخصيتهم انطوائية، ولا يتكلمون مع أحد، ولا حتى يطلبون الخروج، وأنا أشعر أن كل ذلك بسبب والدهم.

فأنا لا أجد وقتا أيضا لأجلس معهم، وأصبحت عصبية، لأن روتين الحياة أصبح يتكرر عندي كل يوم بدون تغير، فأصبحت أكره الاستيقاظ من النوم، وأنام رغم عدم رغبتي في النوم، وأيضا تأثرت فأصبحت لا أضحك ولا أتكلم، ولا أحب شيئا في الحياة، والحمد لله أوظب على الصلاة، وأحفظ كتاب الله، وأسعى في تحفيظه لأولادي، وكل هذه الضغوط التي أشعر بها أصبحت عائقا أمام تحقيق ما أتمناه، فكل ما أحاول طلب العلم الشرعي الذي أحس بحاجتي إليه لا أكمل دراستي بسبب عدم صفاء ذهني، وعدم وجود الوقت.

فأرجو إفادتي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمنية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على السؤال، ولم تطيلي حيث ذكرت معلومات مفيدة.

ما وصفت من الشكوى أيتها -الأخت الكريمة- تتكرر من أخواتنا الزوجات والأمهات، حيث تشعر الواحدة منهن بعدم وقوف زوجها معها في أمور البيت والأسرة والأولاد، فهو الحاضر الغائب من حياة الأولاد، ولاشك أن في هذا آثارا سلبية على كل من الأولاد والزوجة والزوج نفسه.

آثار سلبية على الأولاد، حيث لا تتاح لهم فرصة التماهي والتقارب من أبيهم، ولهذا التماهي والتقارب دور كبير في نمو الأولاد، وفي صياغة سلوكهم وقيمهم ونظرتهم لأنفسهم والناس والحياة، وغيرها. وبعض هذه الآثار أصبحت واضحة عند أولادك، وأنت محقة كثيرا في الربط بين سلوكهم وبين غياب أبيهم عنهم.

وآثار سلبية على الزوجة حيث تشعر بالوحدة وثقل مهمة تربية الأولاد ورعاية الأسرة، وترتيب الأمور المنزلية، وغيرها.

والآثار السلبية على الزوج، حيث أنه في الغالب سيعاني من أولاده نتيجة غيابه الطويل عنهم، وسيعاني من التعامل مع زوجته بسبب عدم تقديم الرعاية الكافية لها، ويعاني من تدهور الظروف العامة للأسرة بسبب ضعف مساهمته في رعاية هذه الأسرة.

يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه..." فالذي يحدد مستقبل المولود ليس فقط الأم أو فقط الأب، ولكنه قال "فأبواه"، أي لابد من مشاركة الأبوين في رعاية الأولاد وتربيتهم.

فما العمل الآن؟
لابد من تركيز عملك الآن مع الزوج في محاولة جديدة لدعوته لأخذ دوره في رعاية أولادكما، وفي رعايتك، فربما هذه هي الخطوة الأولى المطلوبة لتصحيح الحال، سواء أن تحدثيه بشكل مباشر، أو عن طريق وسيط قريب لك ممن يحترمه زوجك.

إنه مصلٍ ويحفظ كتاب الله، ولكنه تغيب عنه، كما تغيب عنا جميعا أحيانا، أن هناك واجبات ومسؤوليات أخرى، بل هي واجبات عينيّة علي، طالما هي تتعلق بأولادي أنا لا بأولاد غيري.

وعند الحديث مع الزوج حاولي أن لا تذكري له الأمور السلبية التي يقوم بها، ولكن حاولي التركيز على الأمور الإيجابية التي تريدين منه القيام بها، ولتكن الأمور بالتدريج، وأمرا واحدا فقط في الوقت الواحد، وليس العديد من الأمور دفعة واحدة، لأن هذا مما يشوشه ويجعله لا يدري من اين يبدأ.

واحرصي على شكره على كل أمر يقوم به، مهما كان صغيرا، وستلاحظين من خلال الزمن، أنه أصبح أقرب وأقرب من أطفاله، ومنك أيضا، والسرّ في حصول هذا التحسّن هو شكرك له على كل أمر إيجابي يفعله، مهما كان هذا الأمر صغيرا أو كبيراً.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً