الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يلازمني الخوف والإحساس بأن الناس تراقبني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا الحمد لله رب العالمين زوجة وأم وموظفة، مشكلتي بدأت في الدوام في بداية عملي كنت نشيطة، ولا أخاف، وأعمل أي شيء يطلب مني، لكن حصل لي موقف أمام أحد المراجعين أني عندما كنت أكتب شيكاً، وكان المراجع ينظر إلي أحسست بالخوف والربكة، تعرق كل جسدي وارتعشت، وأصبحت من ذلك اليوم أخاف من الناس والمراجعين والمسؤولين في العمل، لا أستطيع الكتابة أمامهم، أو مسك أي شي بيدي، أحس برعشة وخوف، حتى هم يلاحظون هذا الشيء، وإذا جاء أحد من الأهل لمكان عملي لإنهاء معاملة لا أستطيع إجراء معاملاتهم، وأحس بنفس الخوف والرعشة والارتباك وحرقة في القلب.

أصبح الخوف يلازمني في العمل والزيارات، أحس أن الناس يراقبونني، وكأن شخصاً بداخلي يقول هم ينظرون إليك فلا أستطيع الكلام أو العمل أو حتى الكتابة لأني أرتعش.

ساعدوني جزاكم الله خيراً، لأني حاولت أكثر من مرة طلب الاستقالة، كوني غير قادرة على مساعدة الغير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم جاسم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

الذي حدث لك هي نوبة قلقية حادة حين كنت تكتبين الشيك أمام أحد الإخوة المراجعين، وربما يكون أتى إلى خيالك تفسيرات خاطئة أو نوع من الظنان أو نوع من الشكوك في تلك اللحظة، ولم تستطيعي تحمل الموقف، ويعرف تماماً أن المخاوف أنها تكتسب في بعض الأحيان من خلال أحداث بسيطة جداً، معظم المخاوف تكون نشأتها دائماً حدث بسيط جداً، ليس ذا قيمة ولكن لسبب ما تتضخم وتتجسم هذه الأحداث على مستوى العقل الباطن، ومن ثم تؤدي إلى ما يمكن أن نسميه بالخوف الاجتماعي الظرفي.

إذن أيتها الفاضلة الكريمة: هذه حالة قلقية ظرفية فيها مخاوف، وأيضاً فيها الطابع الوسواسي، لأنه أصبح لديك ما نسميه بالقلق التوقيعي الوسواسي، وهو فكرة أنك لن تستطيعي أن تنفذي أي شيء أمام الآخرين، أصبحت تستحوذ على فكرك وتستطير عليك.

الحالة حالة نفسية معروفة، والذي أقوله لك هو أن تتجاهليها وأن تحقريها تماماً، وأنا أؤكد لك أن مقدراتك أصلاً موجودة، ولم تفقدي مقدراتك، هي موجودة في أصلها، أنت إنسانة مقدرة، فلم يحدث أي مساس أو نقصان لمهاراتك ومقدراتك، فقط الفكر السلبي الوسواسي هو الذي أشعرك أنك قد افتقدت هذه المقدرات.

إذن أيتها الفاضلة الكريمة حقري فكرة الخوف، وأقدمي على أعمالك دون أي مشاكل، وأنا أؤكد لك أن الطرف الآخر لا يقوم بمراقبتك أبداً هذا ليس بصحيح، هذه مشكلة أساسية تواجه الإخوة والأخوات الذين يعانون من أي نوع من المخاوف الاجتماعية، يعتقدون ذلك دائماً أنهم تحت ملاحظة الآخرين وأنهم سوف يفشلون.

موضوع الرعشة والخوف بالطبع هو ناتج من إفراز مادة الأدرنالين، حين تزداد هذه المادة في معدلات إفرازها يحدث هذا النوع من التفاعل الفسيولوجي، وهذا يمكن أن نتحكم فيه تماماً من خلال تناول بعض الأدوية المضادة للمخاوف، لذا أنصحك لك بعقار لسترال والذي يعرف باسم زولفت، واسمه العلمي هو سيرترالين (Sertraline) ابدئي في تناوله بجرعة نصف حبة أي (25) مليجرام تناوليه بعد الأكل ليلاً، وبعد عشر أيام اجعليها حبة كاملة، واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة ليلاً لمدة شهر ثم توقفي عن تناول الدواء.

هو دواء سليم جداً، ومزيل للقلق والخوف والوساوس، والجرعة التي وصفنها لك هي جرعة صغيرة، أضافة إلى السيرترالين عقار أندرال هذا الدواء مساعد، ويعرف عنه أنه مزيل للرعشة والشعور الداخلي بالخوف والتوتر العضلي، وجرعة الاندرال هي (10) مليجرام صباح ومساء لمدة شهر، ثم (10) مليجرام صباحاً لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أنصحك أيضاً بالتدرب على تمارين الاسترخاء، ويمكنك أن تتصفحي أي موقع من مواقع الإنترنت والتي توضح كيفية ممارستها.

ممارسة الرياضة أيضاً مفيدة، وعليك أن تكوني إيجابية في تفكيرك، واهتمي ببيتك أكثر، أكثري من الاطلاع، روحي عن نفسك، اخرجي من دوامة الخوف من خلال هذا الوسائل، وعليك بالدعاء.

أرجو أن تقومي بفحص مستوى الدم لديك، وكذلك مستوى هرمون الغدة الدرقية، ففي بعض الحالات قد يكون هنالك ارتفاع يسير في إفراز هرمون الغدة الدرقية، هذا قد يؤدي في بعض الأحيان إلى شعور بالقلق والتوتر والرعشة، ولا أعتقد أن هذا ينطبق عليك، لكن دائماً التحوط أفضل ما دامت الإمكانيات الطبية متوفرة، وهذا الفحص فحص يسير جداً.

أيتها الأخت الفاضلة الكريمة: ليس هنالك ما يدعوك أبداً للاستقالة من العمل، هذا أمر عابر، وإن شاء الله تعالى ما ذكرناه لك من إرشاد سوف يفيدك كثيراً وتتخلصي من هذه الصعوبات، وإن شئت أن تقابلي الطبيب النفسي هذا أيضاً إن شاء الله يكون أفضل ويكون فيه خير كثير لك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية زائر

    بارك الله فيك يادكتور واسئل الله ان يشفيني وجميع المسلمين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً