الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما تقدم إليّ خاطب رفضته أختي الكبرى لأنها لم تتزوج، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم,,,

مشكلتي بدأت بتوافد الخطاب عليّ دون أختي الأكبر مني, وكنت دائمًا أرفض بحجة أن أختي الأكبر مني ترفض تمامًا فكرة الزواج قبلها, ثم توالت السنوات وكل عام يأتيني الخطاب وأرفض, وليس فيهم عيب, حتى وصلت إلى سن 28 ولم أستطع الرفض فقد تقدم لخطبتي شاب فأعلمت أهلي بالأمر فوافقوا, لكن أختي الكبرى رفضت, وانهالت عليّ ضربًا, وتأزمت القضية, وبعد كل المشاكل انصرف الشاب, وقد مرضت -والله وحده يعلم المعاناة التي عانيتها في تلك الفترة- حتى أني أضربت عن الزواج, وهذا العام تقدم لخطبتي شاب على خلق ودين فماذا أفعل؟ لأني فعلًا تعبت من هذا الأمر, فأختي حتمًا سترفض, حتى أن أمي قالت لي: يكفينا مشاكل, أرجوكم أنا أموت قهرًا ماذا أفعل؟ علمًا أن والدي متوفى, ودائما تحاول أختي إقناعي بأن الخطاب طامعون فيّ, فما ذنبي إن منَّ الله عليّ بالعلم والخلق والجمال, وأخشى إن فتحت الموضوع أن تحدث مشاكل تكون نهايتها وفاة أمي.

أرجوكم: ادعوا لي, فأنا أكتب والدموع في عينيّ؛ لأني فعلا تعبت, فهل هذا بلاء أم أن الله لم يكتب لي الزواج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يمنّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك من أنه قد تقدم لك عدد غير قليل من الخطاب الذين يرغبون في الارتباط بك، وفي نفس الوقت لديك أخت أكبر منك لم يتقدم لها أحد، وهي تصرُّ على رفض كل الخطاب الذين يتقدمون إليك بحجة أنه لم يتقدم لها أحد، وظل الأمر على ما هو عليه حتى وصلت إلى الثامنة والعشرين من عمرك، وعندما فاتحت أهلك بهذا الخطيب الأخير الذي جاءك ووافقوا عليها انهالت عليك ضربًا حتى تعرضت لكثير من الأذى النفسي، وأيضًا أصابك نوع من المرض، وبدأت المعاناة الكبيرة؛ لأن أختك ترفض كل من يتقدم لك، وأمك تتعاطف معها لأنها لا تريد مشاكل، وكذلك ترفض أيضًا هذا الأخ صاحب الخلق والدين، وأنت تقولين بأنك تموتين قهرًا, وماذا تفعلين؟ دائمًا تحاول أختك إقناعك بأن الخطاب طامعون فيك، وتقولين بأن الله تبارك وتعالى هو الذي حباك بهذه النعم التي أنت فيها، وتقولين: إنك تخشين إن فتحت الموضوع أن يتسبب في مشاكل تكون نهايتها وفاة أمك.

أقول لك -أختي الكريمة الفاضلة-: أتمنى ما دام هذا الأخ الأخير على خلق ودين أن تُخبري والدتك بقبوله, وليأتِ وليقابل ولي أمرك سواء إخوانك, أو من يتولى أمرك من الرجال، وأرى أن تتوكلي على الله, وأن تقبلي به، وأن تدعي فكرة أختك هذه, ولا تلقي لها بالاً، وحتى وإن ضربتك؛ فإن هذا الأمر لابد أن يمر؛ لأنها الآن تضربك سواء تقدم لك أحد وقبلته أو لم تقبلينه، فأنا أرى أن تواجهي هذا الأمر بحزم، وأن تطلبي من أهلك الموافقة على الأخ ما دام صاحب خلق ودين, وليس فيه ما يعيبه، وحاولي أن تقاومي هذه الأحقاد التي تصدر عن أختك، ولا تلقي لها بالاً، واطلبي من أمك أن تعطيك حقك في العيش مع الرجل صاحب الخلق والدين الذي بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام أنه لا يجوز رفضه، ما دام هذا الأخ على خلق ودين فأخبري أهلك بقبولك له, وأنك راغبة في الارتباط به، وأنك سوف تكسرين هذا الحاجز النفسي التي تسببه لك أختك، وتوكلي على الله، وأرى أن لا تستسلمي؛ لأن فكرة أنه لم يأتِها أحد هذه ليست بيدك، والله تبارك وتعالى هو الذي قد حباك بهذه النعم العظيمة التي من أجلها تقدم الخطاب إليك، وهذا من حقهم، فمن حق الرجل أن يتزوج الفتاة التي يرغب فيها, والتي يرى أنها مناسبة له، وأنها صاحبة خلق ودين وجمال وغير ذلك.

وكون أختك لم يمنّ الله تبارك وتعالى عليها بمثل هذه الصفات؛ فهذا ليس ذنبك، وليس من شأنك, ولا دخل لك فيه، وأرى -بارك الله فيك- أن تحاولي إقناع الوالدة بقبول هذا الأخ الأخير، وأن تبدئي في إجراءات ومراسم الارتباط والزواج، وأن تستعيني بالله عز وجل على ذلك، وأن تخرجي من هذا المحيط الذي تحاول أختك أن تجعله هو الأصل، وهو مسألة أن الحقد يسيطر على قلبها, ولا تريد لك أن تسعدي، ولا تريد لك أن تتزوجي، بحجة أنه لم يتقدم لها أحد وأنها الكبرى، ولا يوجد هناك حقيقة دليل في الشرع يدل على أن الكبرى يجب أن تتزوج قبل الصغرى؛ فهذا نوع من الأعراف البالية التي درج عليها الناس، ونحن نراعيها إذا كان الأمر معقولاً، أما ما دام يأتيك عدد كبير من الخطاب, والله قد منّ عليك بالقبول من الناس, وأختك محرومة من ذلك، فكان الواجب عليها أن لا تمنعك من هذا الخير الذي يسوقه الله لك، ولكن يبدو أن نفسها – والله أعلم – قد يكون فيها شيء، فأرى أن تقنعي والدتك بقبول هذا الأخ، وأن تطلبي من أولياء أمرك إذا تقدم إليهم أن يقبلوه، وأن تبدئي في إنهاء مراسم الزواج، وأعتقد أن هذا لن يسبب لوالدتك أي أذىً؛ لأن الآجال بيد الله تعالى، والأعمار بيد الله، والمشاكل نعم قد تكون سببًا في أن يمرض الإنسان، ولكن لا تكون سببًا في موته؛ لأن الموت والحياة بيد الله تعالى.

أرى أن تتوكلي على الله, وأن تقبلي بهذا الشاب، وأسأل الله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، وأن يمنّ عليك بالسعادة و الأمن, والأمان والاستقرار في الدنيا والآخرة، كما نسأله تبارك وتعالى أن يمنّ على أختك أيضًا بزوج مبارك يعينها على طاعة الله تعالى, وأن ينتشلها من هذه الأحقاد التي ملأت عليها قلبها.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً