الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طرق الإحسان إلى الوالدين والأرحام في الدنيا وبعد الممات

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الموضوع باختصار، أن أبي توفاه الله منذ شهر، وعلمت بعد وفاته أنه وصى بألا يدفن في البلد، وكنت قد دفنته هناك بالفعل، وأنا ميسور الحال وباستطاعتي شراء مدفن آخر له كما أراد.

والآن بالرغم أن هذا المدفن أبي هو الذي بناه إلا أن خالتي استولت عليه، وقالت أنها دفنت أبي صدقة، وهذا جعل خلاف بينها وبين عمي وأمي وقفت في صفها، وتريدني أن اقطع علاقتي بعمي وعمتي وكل أقارب أبي وإلا تبدأ بالدعاء علي.... أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يغفر لأبيك ويرحمه، ونشكر لك حرصك على برك به والإحسان إليه بعد مماته.

فأما الوصية التي أوصى بها أبوك فإنها لا تُنفذ ما دام قد أوصى بأن يُنقل إلى بلد آخر، ولهذا لا ينبغي أبدًا أن تحمل لهذا همًّا في نفسك، فإن هذه الوصية حرام عند كثير من العلماء ولا يجوز تنفيذها، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى -: "وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر لا تنفذ وصيته، فإن النقل حرام على المذهب الصحيح المختار".

واستثنى بعض العلماء أو كثير منهم ما لو وصّى بأن يُنقل إلى البلد الحرام مثلاً وهو بجانبها قريب منها، فهذا قد وردت فيه أحاديث، ولكن هذه الوصية التي أوصى بها أبوك ليست من الوصايا التي يُحرص على تنفيذها بعد مماته، فلا ينبغي أن تحمل همًّا في هذا الجانب.

ونوصيك أيها الحبيب بأن تحسن إلى أبيك بعد مماته، وتحرص على بره، ومن بره بعد مماته كثرة الاستغفار والدعاء له، ومن بره كذلك التصدق عنه ببعض الصدقات فإن ذلك يصل إليه، وكذلك أداء الحقوق الواجبة عليه إن كان قد ترتب في ذمته شيء من الديون ونحو ذلك ولم يؤدِّها.

ومن صلته أيضًا بعد مماته صلة أرحامه والإحسان إلى من كان يحبهم ويودهم في حياته، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل وُد أبيه) ومن ذلك عمّاتك وأعمامك، فإنهم إخوانه وأخواته، فينبغي لك أن تحسن إليهم بقدر الاستطاعة، ولا يجوز لك أبدًا أن تطيع أمك في قطع أرحامك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن مع هذا ننصحك بأن لا تُظهر مخالفة أمك ومعاتبتها.

فصل أرحامك في خفاء عنها، وأحسن إليهم بما تقدر عليه من الإحسان، وخير ذلك وعائده يعود عليك بالنفع في دينك ودنياك، وحاول أن تتلطف بأمك بقدر الاستطاعة حتى تستوعب ضرورة صلة الأرحام، وأن قطعها مما لا يجوز.

أما إذا كانت هناك حقوق متنازع فيها فإن هذا مما ينبغي أن يُبحث عن العقلاء، وأهل الرأي لفض هذه النزاعات، وإنهاء الخصومات، ولا ينافي التحاكم والتقاضي بالقضاء الشرعي لأخذ الحقوق، لا ينافي صلة الرحم والإحسان إليهم بقدر الطاقة.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً