الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحقق النجاح ولا أخيب أهلي؟

السؤال

أود أن أشكركم أولا على هذا الموقع الأكثر من رائع، لأنه فعلا حل لكثير من المشكلات بفضل الله، فبارك الله لكم, وجعله في موازين حسناتكم.

حضرة المستشارين:

أود أن أطرح عليكم مشكلتي التي عكرت عليّ صفو الحياة، فحين نظرت في جميع الجهات وجدتها قد أغلقت دون وجود بارقة أمل، ولولا ثقتي بالله عز وجل وإيماني به لكنت قد فكرت بالانتحار؛ لأني سئمت.

المشكلة بدأت عندما أنهيت دراستي الثانوية في أرض الغربة؛ لأني ولدت بها, وعشت بها كل أيام حياتي، وعانيت الكثير، لكني تحديت ذلك, ودعوت الله أن يعوضني في دراستي خيرا حتى أستطيع العودة لبلادي وأكمل دراستي الجامعية، لقد كنت متفوقة في مرحلتي الثانوية، لكن عندما انتقلت للعيش في بلادي صدمت آلاف المرات، بدأت دراستي الجامعية في المجال الذي طالما حلمت به؛ لأني بنيت عليه جل أحلامي، لا أخفي عليكم أن سعادتي كانت لا تقدر بأي ثمن، وعندما بدأت مرحلة الدراسة كان نظام الجامعة غريبا عليّ, لكنه مألوف عند أغلب الدول العربية.

أنا الآن في السنة الثالثة من الدراسة، لكني تعيسة جدًّا، لا أدري ماذا أصابني! أصبحت لا أطيق الجامعة رغم أني أعشق المجال الذي اخترته بنفسي لأني كنت أدرس وأبذل جهدي، لكن دون أي فائدة تذكر، نعم, لا أدري ماذا حصل لي! أهلي أجمعون علقوا ثقتهم بي, وأنا أصبحت أكره نفسي أكثر لهذا السبب؛ لأني لا أريد أن أخيبهم، صدقوني إن الجميع مندهش من حالتي؛ لأني أفهم وأشرح لغيري، وأبذل جهدا في الدراسة, لكن لا فائدة، سنتان ونصف وأنا أتعب وأبذل جهدا لكن دون أي فائدة تذكر، لقد تعبت أكثر، حتى النوم أصبحت لا أنام، وإذا غلبني النعاس أنام نوما عميقا طويلا، وكأني أهرب من واقع لا أريد تذكره.

أصبحت أشعر بأني أكره العالم؛ لأن الجميع يحسدني على مجال تخصصي في الجامعة، حتى أن أغلبهم أصبحوا يريدون تقليدي بهذا المجال، لا أدري ماذا أفعل؟! لا أريد أن أخيب أهلي، ولا أريد أن أدمر حلمي الذي طالما وضعت مستقبلي عليه، أشعر بأني تائهة من غير سند.

أصبحت أكره نفسي, وأكره تخصصي الجامعي, لقد كنت فتاة مرحة, متفائلة, سعيدة, الابتسامة لا تفارقني، حتى أني أصبحت لا أهتم بمظهري الخارجي, على الرغم من أني أتمتع بالجمال بشهادة الجميع، كنت فتاة طموحة, واثقة الخطوة، أما الآن فأتمنى لو أني أستطيع العودة لنفسي، أتمنى لو أعود تلك الأنثى التي طالما كانت تحب الحياة, حتى أنه على صعيد الزواج انتهى الموضوع دون أي سبب، كان كل شيء سيتم, والجميع سعيد، وفجأة ودون سبب انتهى كل شيء، ذهبت إلى راقٍ ليرقيني؛ فأخبرني أن سحرا بي عن طريق السقيا، وأن المراد منه تعطيل عن الزواج والمرض، لكني لا أدري هل فعلا هذا ما بي؟! والراقي أمرني بأن أقرأ القرآن وأرقي نفسي بنفسي بالقرآن، لكنه أخبرني أن السحر مدفون ويتجدد باستمرار، وهذا ما جعلني أفقد الأمل أكثر وأتعب وأحبط أكثر.

أعتذر للإطالة، وربما خرجت مني كلمات مبعثرة، لكن ذلك ما كان يختزنه قلبي؛ فقلبي متعب جدا، وحقا إنني غير موفقة، أنا أقسم بالله، واللهُ على ما أقول شهيد، لا تهمني نفسي, ولا يهمني ما سيقول عني الناس، ولا يهمني هل أتزوج أم لا.

المهم أن لا أخيب أمل أهلي بي - فقط أمي وأبي- أريد أن أرسم الفرحة على وجهوهم، فقد تلاشت بسبب ما نعانيه من مشاكل وإحباطات.

أتمنى منكم الدعاء لي بالتوفيق في دراستي؛ لأنها الأمل الذي أستوقد منه قوتي، ولأني أريد أن أرسم الفرح والسعادة لقلبَيْ أبي وأمي.

أرجوكم ساعدوني فحالتي يرثى لها, وجزيتم كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والنجاح، وأن يعافيك, ويذهب عنك ما تجدين.

نشكر لك -أيتها العزيزة- أولاً: حرصك على برك بأبيك وأمك، وإدخال السرور والفرح على قلبيهما، وهذا دليل على رجاحة في عقلك، وقوة في دينك، نسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقا وصلاحا.

وأما ما تعانينه في أمر الدراسة، فإنا لا ندري أولا: ما هو المجال الذي اخترت الدراسة فيه؟! وما هي الظروف التي تدرسين فيها حتى نشاركك الحرص عليه من عدمه؟! ولكننا نقول ما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فإن كل ذي نعمة محسود)، فربما كانت هذه الأعراض التي تعانين منها من آثار حاسد، فإذا كنت فعلا تعيشين هذه الأعراض كالشرود، والقلق، والكراهة لما تدرسين, وغير ذلك، فنصيحتنا لك أن تلجئي إلى الله سبحانه وتعالى؛ فهو كاشف الضر وحده سبحانه، ولا يقدر أحد سواه أن يدفع عنك هذا الضر، ومن أنفع الأدوية تعلقين قلبك به هو الله سبحانه وتعالى، وهذا التعلق في حد ذاته دواء، وهو أعظم أسباب الفرج، فوصيتنا لك أن تحسني علاقتك بالله سبحانه وتعالى بأداء فرائضه, والوقوف عند حدوده، والإكثار من ذكره، ودوام استغفاره, وستجدين أثر هذا في حياتك، فإن في ذكره تعالى تطمئن القلوب وتنشرح الصدور.

ثم النصيحة الثانية أن تكثري دائما من الأذكار, لا سيما الأذكار المقيدة, كأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، والاستيقاظ.

ثم الوصية الثالثة: أن تكثري دائما من رقية نفسك بالرقية الشرعية، بأن تقرئي خواتيم سورة البقرة -آخر آيتين من سورة البقرة- والمعوذتين، وقل هو الله أحد، تقرئينها في كفك وتنفثين فيهما بشيء من ريقك، وتمسحين بهما جسدك، وسترين أثر ذلك في حياتك، فداومي على هذا, وأكثري من ذلك.

ولا بأس بالاستعانة بالراقي الشرعي إذا كان ممن عرف بصلاح الظاهر، والاستقامة على سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والابتعاد عن الخرافة والدجل والكذب، وأكل أموالهم بالباطل.

وهذا الراقي الذي ذكرت إذا كان يخبر بمكان السحر، ويدعي أنه أُعلِم أين هو، فإن هذا من العرافة، وينبغي تجنبه، وعدم الذهاب إليه، فإن كثيرًا منهم يلبّس على الناس، ويُلبِس نفسه بمظهر المتمسك بالقرآن, والداعي إليه، والحريص على نفع الناس به، لكن إذا كان هذا ما يفعله فإن هذا يدل على أنه بخلاف ذلك.

نسأل الله أن يقدر الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول الحسين محمد الامين

    الله يعطيكم كل خير شكون نتمنى لأختنا الفاضلة الشفا وجذاكم الله خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً