الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضيق ويأس وخوف وتفكير دائم بالموت، أفيدوني عن حالتي وماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا من ليبيا، موضوعي بدأ منذ منتصف السنة الماضية، كنت أفكر كثيرا أثناء الحرب عندنا، وكان يتملكني الوسواس في كل شيء، وأنا عاطل عن العمل، كنت أفكر في إيجاد العمل والزواج، وكنت قد خطبت قريبة لي، وفي منتصف شهر شوال، توفي قريب لي في الحرب (عزيز علي)، وبعدها بدأ الموضوع بشكل جدي، كنت أحس بألم في الصدر، ذهبت للمستشفى، يقولون ما بي شيء إلى أن قال لي دكتور: موضوعك نفسي.

أصبحت أوسوس على نفسي، فجأة تملكني شعور بعدم الإحساس بالعالم والحياة، وفقدت طعم الحياة، أصبحت أفكر بالموت، وصداع في مؤخرة رأسي، سرحان، وطنين قوي في الأذن، مع ذلك الدكتور قال ما بي شيء، وعدم الرغبة في فعل شيء، ضيق وخوف من الظلام والبرق والرعد أتحرك كثيرا، أحك رأسي حتى أني أتهرب من البحث عن عمل.

ذهبت لشيخ قرأ علي، وقال عندك مس ارتفعت يدي، وارتعشت قدمي أصبحت أصلي الصلاة في وقتها في المسجد، وأقرأ القرآن، أصلي قيام الليل، واستمرت معي الحالة، ولم أتغير، سافرت، ورجعت إلي البيت بعد ما مات قريبي زادت حالتي مع التفكير.

ذهبت لشيخ آخر كشف عني قال: عندك سحر مع أنها نفس أعراض الشيخ السابق استخدمت العلاج لشهرين، لم تتغير الحالة أصبحت أخاف من نفسي؛ لأني لم أعرف شعور الرغبة، فالموت نابع من نفسي أو وسواس أصبحت كلما أتذكر الشعور استغفر الله، وأتعوذ من الشيطان، وأخاف كثيرا؛ لأني لا أعرف نفسي هذا؛ لأني أشعر أني أنا من يريد ذلك، ومع ذلك لا أريد ذلك أو أني مسحور أو ممسوس، أصبحت خائفا من اليأس، ومن الموت، مع أني يائس، ونفسيتي متضايقة كثيرا أصبحت أقول في نفسي، إني أنا من يريد الموت، وليس الشيطان يوسوس لي كما يقول لي الشيوخ.

أنا خائف من نفسي، لا أريد قتل نفسي، لا أعرف ماذا بي سحر، أو مرض نفسي، أو مس؟

كنت أفكر كثيرا في إيجاد عمل والزواج بسرعة حتى قبل هذه الأحداث، لكن الإحباط واليأس يثبطني، مع أنه بعض الأحيان تزداد عزيمتي وثقتي في نفسي للتخلص من ما أنا فيه، ولكن سرعان ما يأتي الإحباط واليأس سريعا.

أصبح الخوف واليأس يزيد، مع أني لا أريد إلا أن أشفى، وأصبح طبيعيا، وأمارس حياتي بعيدا عن اليأس، وهذا التفكير السيئ الذي يتملكني، وأتمنى من الله أن يشفيني، ويشفي جميع المرضى المسلمين.

وأرجو إفادتي عن حالتي، وماذا أفعل؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن حالتك واضحة جدًّا وهي أنك بالفعل تعاني من قلق الوساوس القهرية الذي امتزج بشيء من المخاوف، وحدث بعد ذلك اكتئاب ثانوي، وهذه الحالات التي ذكرتها لك يعرف عنها أنها مرتبطة مع بعضها البعض.

أنا لا أعتقد أن الأمر يتعلق بالعين أو المس أو السحر، لا أرى دليلاً على ذلك، ولكن الذي أقوله في مثل هذه الأمور أن المسلم دائمًا مكلف بأن يكون في معية الله، أن يحرص على الصلاة في جماعة، تلاوة القرآن، الذكر، الدعاء، الأخذ بالمعوذتين، وأن تدعو الله تعالى أن يحفظك، وأن تعلم بأن كل شيء بقضاء وقدر، ومن أركان الإيمان (أن تؤمن بالقدر خيره وشره)، وأن تعلم بأن الله خير حافظ، قال تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن تتوكل على الله، قال تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} هذا يكفي تمامًا أيها الأخ الفاضل، وأظن أنك تسير على هذا الطريق، وأسأل الله تعالى أن يحفظك وأن يعافيك وأن يشفيك.

حالتك إذن هي حالة طبية نفسية بسيطة إن شاء الله تعالى، وإن كانت سببت لك الكثير من الألم، ولا شك أن الظرف الذي مررتم به في ليبيا أثر كثيرًا في نفسية الكثير من الناس، نسأل الله تعالى أن يتقبل الشهداء، وأن يرحم جميع الموتى من المسلمين.

الزواج: ليس هنالك ما يمنعك أبدًا، لا تعامل نفسك كمعاق فأنت لست معاقًا، تمر بظرف نفسي مفهوم، وحرصك إن شاء الله تعالى على أن تستفيد من وقتك، وأن تكون متأمّلاً في الحياة بصورة إيجابية، وأن تُحسن استثمار الوقت، وأن تساعد في بناء وطنك، هذا إن شاء الله تعالى يعطيك دافعية إيجابية جدّا.

أضف إلى ذلك: أنت محتاج بالفعل إلى أدوية محسنة للمزاج، ومزيلة للقلق والوساوس والمخاوف، والأدوية في هذا السياق كثيرة جدًّا، من أفضلها دواء يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) واسمه العلمي هو (باروكستين) أظنه موجود في ليبيا.

الجرعة التي تبدأ بها هي نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناولها بعد الأكل يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعلها حبة ونصف، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين في اليوم، يمكن أن تتناولها بمعدل حبة صباحًا وحبة مساءً. هذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، ويجب أن تستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة ونصف لمدة شهر، ثم إلى حبة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

(الزيروكسات) يعتبر من الأدوية الفاعلة والممتازة جدًّا، وإن شاء الله تعالى سوف تجد فيه خيرًا كثيرًا، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

حالتك إن شاء الله تعالى سوف تُشفى تمامًا، وسوف تعيش حياتك بصورة طبيعية، فقط كن متفائلاً، كن إيجابيًا، واعرف أن العلة التي بك هي علة معروفة جدًّا لدينا في الطب النفسي، وإن شاء الله تعالى باتباعك ما ذكرناه لك سوف تتمتع بصحة نفسية ممتازة، وإن تيسر لك أن تقابل طبيبا نفسيا هذا سوف يكون أمرًا جيدًا، لأن مثل هذه الحالات أيضًا تحتاج لشيء من المتابعة.

وللمزيد طالع منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية في الاستشارات التالية: ( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 )

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً