الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد نوبات الهلع أصبت بمخاوف واضطرابات قلقية!

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي بدأت قبل سنتين تقريبا عندما عشت في ضغط نفسي كبير، وقلق من الاشتباه بالإصابة بمرض خطير، وبقيت قلقا لحدود 6-7 أشهر –والحمد لله- أظهرت الفحوصات الطبية سلامتي، ولكن المشكلة أني أصبت بعدها بنوبات هلع تأتي ليلاً وأنا نائم، ولحسن الحظ كانت قليلة جدا (حوالي 6-7 مرات خلال سنة ونصف) وتعلمت أن أتقبلها وأتعايش معها، ولا تسبب لي إزعاجا، ومنذ 4 أشهر لم تأتني، وإن شاء الله لا تأتي، وليست هذه المشكلة.

المشكلة أني صرت أعاني من بعض الأعراض الجسدية للقلق، مثل التحسس من أضواء السيارات ليلا، ومن ضوء الإشارة المرورية، وأيضا أحيانا أحس بعدم القدرة على مواصلة الحديث مع الأصدقاء وأنا أنظر إليهم -لا أدري إن كانت عدم قدرة على التركيز- وهي تحدث أحيانا فقط، وهي عرض من أعراض القلق، كما أني أحيانا أعاني من Blurred Vision بسيط عند قراءة العبارات المكتوبة المتحركة في التليفزيون، كما أنها تحدث حين أشاهد فيلما أو مسلسلا، وتكون الكاميرا متحركة بشكل سريع، وأيضا أصبحت أعاني من مشكلة الخوف والتوتر حين أقود في الخط السريع ليلاً، خصوصا حين أضطر أن أكون في منتصف الطريق، وأشعر براحة أكبر وأنا أقود في الجانب الأيمن منه.

من خلال قراءتي علمت أن السبراليكس مفيد في حالتي، لكني متخوف من زيادة الوزن عليه؛ لذلك بدأت منذ أسبوع باستخدام البروزاك 20 مليجراما بواقع حبة يوميا بعد صلاة الظهر، وأحس منذ يومين بتحسن ملحوظ ولله الحمد.

أريد منك أن توجهني بشأن أفضل خطة علاجية لي، وهل تؤيدني في إكمال البروزاك؟ وهل تنصحني بإضافة دواء آخر -أفضَل أن لا يسبب زيادة وزن- مع البروزاك؟

شكراً لك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تركي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد أعجبني في رسالتك أنها واضحة ومفصلة، وأعطيت التاريخ المرضي بتدرج يجعلني أن أقول لك –وأنا إن شاء الله تعالى على ثقة تامة– إنك تعاني من حالة قلقية عامة، وهذا القلق له جزئيات وتشعبات كما هي معروفة، فأنت كنت عرضة لنوبات الهرع، ثم بعد ذلك أتتك مخاوف متعددة، وأصبح القلق أيضًا يأخذ الطابع الوسواسي، فمثلاً تفكيرك حول حين تشاهد فلما أو مسلسلا، وتكون الكاميرا متحركة وسريعة أيضًا، وأيضًا أصبحت تعاني من مشكلة الخوف والتوتر حين تقود السيارة في الخط السريع ليلاً، هذه مخاوف وسواسية ولا شك في ذلك.

أنا لا أريدك أبدًا أن تنزعج لكل هذه المسميات (خوف، وسواس، قلق) فهي كلها أصلاً تأتي تحت تعبير تشخيصي واحد وهو (اضطرابات القلق النفسي)، والقلق مطلوب في الحياة، والإنسان يحتاج لأن يوسوس قليلاً حتى يكون مُجيدًا ومنضبطًا، والإنسان يحتاج لأن يخاف حتى يحمي نفسه، ومحتاج لأن يقلق حتى يستشعر بأهمية الأمور ويقوم بأدائها على أكمل وجه، لكن قطعًا إذا زادت جرعة القلق فهنا قد تكون التبعات سلبية.

العلاج: أنت اتخذتَ الخطوات الصحيحة، بدأت في تناول البروزاك، وهو دواء فعال جدًّا وسليم، وأنا حقيقة لن أضيف أي دواء آخر، لكن أقول لك: بعد شهر وأنت على البروزاك ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم لمدة شهر واحد فقط، ثم ارجع إلى كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هنا نكون قد بدأنا العلاج وانتهى اتباعًا لمراحل علمية عالية الجودة، وهي أن تبدأ بالجرعة التمهيدية، ثم الجرعة العلاجية، ثم جرعة الوقاية والاستمرارية، ثم التوقف التدريجي، والبروزاك دواء متميز، وأنت إن شاء الله تعالى على إلمام ومعرفة بذلك.

تبقى الجوانب العلاجية الأخرى، وهي: تحقير فكرة القلق، وحسن إدارة الوقت، وحين نقول حسن إدارة الوقت لا نعني أن يشغل الإنسان وقت الفراغ، لكن أن يقوم بأشياء مفيدة له ولغيره في أوقات معينة، وأن يرتاح في أوقات أخرى، وأن يتواصل اجتماعيًا، وأن يروح عن نفسه بما هو مباح، وأن يكون حريصًا في عبادته، وأن يطور نفسه معرفيًا واجتماعيًا ومهنيًا، هذه هي إدارة الوقت بصورة صحيحة وتُشعر الإنسان بالرضى، وهنا يتحول القلق السلبي إلى قلق إيجابي إن شاء الله تعالى.

النقطة الأخرى هي: ممارسة الرياضة، أنت لديك تخوفات من زيادة الوزن، وإن شاء الله تعالى البروزاك هو أقل الأدوية التي قد تؤدي إلى زيادة في الوزن، هو في الغالب يؤدي إلى انخفاض في الوزن في الشهرين الأولين، لكن بعد ذلك قد يثبت الوزن كما كان عليه سابقًا، أو قد تحدث زيادة بسيطة وبسيطة جدًّا.

لذا أنا أقول إن الرياضة سوف تكون أمرًا مفيدًا جدًّا في حالتك، وفعلاً سوف نصطاد عصفورين بحجر واحد:

أولاً: نضمن أن وزنك لن يزيد.

ثانيًا: الرياضة وبما أنها فعالة جدًّا في امتصاص الغضب والقلق والتوتر ومحسنة للمزاج، فهذه إن شاء الله تعالى فائدة إضافية عظيمة جدًّا بالنسبة لك.

هذا هو الذي أنصحك به، وتجاهل الفكر القلقي مهم جدًّا، وكما قلنا القلق يمكن أن يكون طاقة نوجهها بصورة أفضل من أجل أن ندير أوقاتنا، ومن ثم ندير حياتنا بصورة صحيحة وناجحة بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً