الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاقة صعوبات الحياة ومشاكلها والتفكير فيها بالقلق والتوتر

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني القائمين على هذا الموقع الذي صراحة أفتخر به, وأتمنى من الله عز وجل أن يحفظه, ويديمه لما فيه من الفضل الكبير على الكثير من المسلمين, أقول لكم: حياكم الله وبياكم, وجعل الجنة مثوانا ومثواكم, أما بعد:

أخي الكريم، عمري 32 سنة، أعيش في دولة أوروبية منذ خمس سنوات بدون أوراق إقامة، وهذا يعني أني مقيد الحركة، لم أر فيها عائلتي ووطني، مستقبلي غامض، لا يوجد عمل في ظل أزمة اقتصادية حادة.

مشاكل الإيجار, ومصاريف الأكل تضايقني خصوصا أن أهلي هم الذين يرسلون لي النقود، أفكار مشتتة ومضطربة، عدم القدرة على التركيز، لا أستطيع النوم، وساوس الموت والأمراض تطاردني، شعور بالانقباض في الصدر، وأشد على الشيء بقوة، تزايد في دقات القلب, والشعور بألم في جهة القلب والبطن، وأحيانا أشعر بالخوف.

أحيانا أشعر كأن شخصا ينازعني في داخلي في أفكاري، أتسابق ضد الوقت، الغم والهم لأبسط الأشياء، ثم بين البحث عن عقد العمل الذي سيمكنني من تسوية أوراق الإقامة، وبين التفكير في الزواج من فتاة مسلمة؛ مما قد يحل لي الكثير من المشاكل, أصبحت مضطرب الأفكار، لا أعرف ماذا سأفعل, فرأسي يكاد ينفجر من كثرة التفكير، وخائف أن يؤثر مرضي هذا على زواجي؛ مما أثر على نفسي بشكل كبير.

علما أنني كنت أتناول (الباروكستين)، -وقد كنت جيدا لمدة 9 أشهر- بجرعة 20 ملغ، وانقطعت عنه لمدة شهرين، وبما أن تسوية حالتي من خلال أوراق الإقامة لم يتم حلها بعد، فقد عاد معي ما سبق ذكره وبذلك انتكست مرة أخرى، للعلم فأنا أصلي لكن إذا قمت بعمل يغضب الله تعالى أغتُّم وأحزن، وأخاف أن يتوفاني الله وأنا مذنب، فأنا أطلب منك -أخي الكريم- بعد الله عز و جل أن تدرس حالتي هذه، ومدى خطورتها على مستقبلي، فهل أعود إلى تناول الدواء من جديد أو أستبدله؟

هل العودة إليه بعد قطعه طريقة سليمة، وفعالة كما في الأول؟

أحيانا أخاف أن أصبح أحمقا؛ فهل لهذا القلق والاضطراب النفسي علاقة بالحمق، وما علاج الضغط على الأسنان؟

في الأخير أسأل الله أن يجعل هذا في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك, وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

ما تعاني منه هي أعراض قلق وتوتر, واكتئاب ثانوي بسيط من الدرجة الأولى، وهذه -يا أخي- تعتبر حالة ظرفية فأنت تتفاعل مع ظرف اجتماعي غير مواتٍ, أنت تعيش في بلد بعيد عن أهلك، ولديك مشكلة حول قانونية الإقامة, وأوراقك الثبوتية لم تكتمل, مثلك ومثل بقية الناس لديك آمال في الحياة, والحصول على العمل, والزواج, وهذه حقيقة آمال طيبة وجيدة, ومشروعة جداً.

الذي أراه هو أن التكوين النفسي لديك قد يكون فيه جانب القلق في سمات شخصيتك، بعد ذلك جاءت هذه الظروف الحياتية التي تعيشها, ومن ثم تكون ما لدينا, أو ما نسميه بعدم القدرة على التكيف, أو عدم القدرة على التواؤم، وهذا يعرف بالاكتئاب القلقي, أو القلق الاكتئابي, وهي حالة لا تعتبر صعبة العلاج، قد تكون مزعجة بعض الشيء، لكننا نعتبرها من الحالات النفسية البسيطة.

أخي الكريم: أنت مدرك تماماً لطبيعة الصعوبات التي تواجهها، والإنسان دائماً يسعى في هذه الحياة, ويجب أن لا يحل مشكلة بمشاكل أخرى، أنت مثلاً في موضوع الصلاة يجب أن تكون حريصاً على الصلاة، والصلاة هي مفرجة للكرب والهموم, وهي مريحة للنفس, ولا شك في ذاك، الابتعاد عن ارتكاب الذنوب, والتوبة النصوح أخي هذه متطلبات رئيسية، الإنسان إذا فوض أمره لله, واتجه إلى الله, وأحسن الظن بالله, وأطاع الله, لا شك أن أموره كلها ستتيسر، ويا أخي: لا تدع للشيطان مجالاً ليتلاعب بك, هذا من ناحية.

من ناحية أخرى -أخي-: مهما كانت ظروفك ففيها سلبيات, فلابد أن تفكر أنها ليست أسوء الظروف أبداً، وأنت لست في نوع الكرب أو الكدر الحقيقي الذي يجعلك تفكر بكل هذه السوداوية، أسعَ وانتهج المنهج الصحيح فيما يخص البحث عن عمل, وتصحيح وضعك، وهذا ممكن, وإن شاء الله تعالى بالصبر والدعاء والمثابرة والاجتهاد والسعي الحثيثث كل هذا -إن شاء الله تعالى- سينتهي.

أنصحك أيضاً بأن تتواصل مع إخوانك المسلمين الذين حولك، وهم كثر -والحمد لله تعالى-، والإنسان يحتاج بالفعل لمن يعينه على أمور الدين والدنيا في مثل حالتك.

أخي: حالتك لا علاقة لها بالإصابة بالحمق, حالتك حالة نفسية بسيطة ظرفية, ليست علة دماغية, أو ذهانية, أو اكتئابية حقيقية, هي ظاهرة نفسية معروفة جداً تحدث لكثير من الناس الذين في وضعك، وإن شاء الله تعالى تتغير مفاهيمك على الأسس التي ذكرناها لك، وبإدارة حياتك بصورة أفضل سوف تجد أن هذه الأعراض قد انتهت تماماً -بإذن الله تعالى-.

العلاج الدوائي مهم وفعال, وسوف يفيدك كثيراً، (الزويركسات) والذي يعرف باسم (باروكستين), أرى أنه دواء جيد وفعال, وكل الذي تحتاجه أن تبدأ في تناول الدواء مرة أخرى, أبدأ بنصف حبة (10) مليجرامات تناوله يومياً لمدة عشرة أيام, بعد ذلك اجعلها حبة كاملة, استمر عليها لمدة شهر، وبعد ذلك اجعلها حبة ونصف لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين في اليوم.

هذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في مثل حالتك، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة ونصف يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر, ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أخي الكريم: هذا هو البرتوكول العلاجي الصحيح لتناول عقار (باروكستين أو زيروكسات), وأسأل الله تعالى أن ينفعك بذلك، وهنالك أدوية كثيرة جداً مشابهة له, ولا داعي أبداً أن ندخلك في تجارب, أو مغامرات دوائية جديدة.

أخي الفاضل: ممارسة الرياضة مهمة جداً، وسوف تجد -إن شاء الله- فيها فائدة كثيرة, وكن إيجابياً في تفكيرك, وهذا مهم جداً.

للمزيد طالع الاستشارات التالية:
وسائل تقوية الإيمان:(240748 - 231202 - 278059 - 278495)
منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: (272641 - 265121 - 267206 - 265003).

بارك الله فيك, وجزاك الله خيراً ونسأل الله لك العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً