الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب، ومدى فاعلية استخدام أدويته لفترة طويلة

السؤال

أنا أعاني من الاكتئاب منذ عشر سنوات، وأخذت أدوية بشكل متقطع منها (السيبرام والسيتالوبرام) وأحاول أن أخففها أو أتركها، فأصاب بنكسة أسوأ، ويزيد لي الطبيب الجرعة.

منذ ثلاث سنوات آخذ الدواء بشكل مستمر، بدأت بجرعة 60 ملغم باليوم، وخففتها مع مرور الوقت إلى أن وصلت لـ 20 ملغم، وأنا مستمرة عليها، لكن حدثت مصيبة، لقد توفي زوجي، وانهارت أعصابي، وأحاول أن لا أعود للجرعة السابقة.

سؤالي: هل استمراري على الدواء مدى الحياة له أضرار؟ أرجوكم ساعدوني، لأني عندما أخفض الجرعة أتعب كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لزوجك، ونسأل الله تعالى لك الصبر والسلوان والثبات.

الاكتئاب النفسي يجب أن يتم التعامل معه في كثير من الحالات كمرض عادي، مثل الأمراض المنتشرة – أمراض السكر، أمراض الضغط – وهذا يعني أن الاكتئاب ربما يكون مزمنًا بعض الشيء، هذا يجب أن لا يسبب أي حسرة أو شعور بالتشاؤم، لأنه في المقابل أصبحت الآن - الحمد لله تعالى - العلاجات متوفرة، وهي علاجات سليمة وفعالة وليست إدمانية.

هذه الحالات لا تتطلب العلاج مدى الحياة، لكن الإنسان ما دام جرّب أن التوقف عن الدواء قد يسبب له صعوبات فهذا يعني وجود قابلية واستعداد للإصابة بالاكتئاب، وهذا يحتّم تناول الجرعة العلاجية الوقائية لمدة طويلة، هذه المدة في مثل حالتك يجب أن تستمر عامين على الأقل، ومن شروط نجاح العلاج الاستمرار في تناوله بصورة منتظمة، لأن تناول الدواء بصورة متقطعة يضر كثيرًا بمنظومة فسيولوجية داخل الدماغ تسمى بالمستقبلات العصبية، فيعتقد – وبأدلة مقنعة جدًّا – أن الاكتئاب في الأصل هو نتاج من اضطراب في كيمياء الدماغ، مثل أن السكر ينتج من اضطراب في غدة البنكرياس التي تفرز الأنسولين، وهكذا بالنسبة للاكتئاب، فالخلل الكيميائي يصحح من خلال السبل الكيميائية، وهي تناول الدواء.

فالاستمرار والانضباط في تناول الجرعة الوقائية أمر مهم جدًّا، وأنت الآن تتناولين 20 مليجرام فقط من السبرام، وهذه جرعة بسيطة، وأنا أقول لك ليس هنالك ما يمنع أن تجعليها 30 مليجرام – أي حبة ونصف – حتى ترتاحي قليلاً بعد وفاة زوجك - رحمه الله تعالى – وبعد انقضاء شهرين أو ثلاثة ارجعي إلى جرعة العشرين مليجرامًا، فهي جرعة وقائية ممتازة وفاعلة وسليمة، وتعتبر جرعة صغيرة، لأن السبرام يمكن تناوله حتى ثمانين مليجرامًا في اليوم.

يجب أن لا تتجاهلي الوسائل العلاجية الأخرى: في مثل عمرك تكثر نوبات الاكتئاب النفسي، وأيضًا المرأة عرضة لهشاشة العظام، وصعوبات طبية أخرى كثيرة، لذا نقول أن الوسائل العلاجية الأخرى سوف تفيد وتفيد كثيرًا، مثلاً:

1) ممارسة رياضة المشي فيها خير كثير جدًّا لك من الناحية النفسية وكذلك من الناحية الجسدية.

2) تنظيم الوقت وإدارته بصورة صحيحة.

3) الانضمام لحلقات ومراكز تحفيظ القرآن.

4) زيارة الأرحام.

5) بر الوالدين.

هذه أسس علاجية حقيقية فيما يخص التقليل من وطأة الاكتئاب، وأؤكد لك مرة أخرى أن الدواء سليم، وأنه فاعل، وأن استمرارك على الجرعة العلاجية فيها خير كثير لك، خاصة فيما يخص الوقاية من الاكتئاب، والدواء لا ينغص حياة الإنسان أبدًا، لكن المرض ينغصه كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً