الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أرغب في القيام بأي عمل، فهل أنا مصاب بالاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أريد الاستفسار عن بعض الأمور التي تجعلني أشك في أني أعاني مرضاً نفسياً منذ سن المراهقة وحتى اليوم: أنا زوجة وأم، أشعر بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقي، ولكن لدي صعوبة في تأدية واجباتي اليومية نحو زوجي وأبنائي ومنزلي، من فترة لأخرى أشعر باليأس والضيق، وأبكي دون رغبة في القيام بأي عمل، أحياناً يستمر هذا الأمر لأيام, تمر عليّ أيام أشعر فيها برغبة شديدة في النوم، وأنام لساعات طويلة.

أيضاً ليس لدي صديقات, لا أحب الخروج كثيراً من المنزل, لا أؤدي الواجبات الاجتماعية, زوجي يغضب لأني لا أستطيع زيارة والدته أسبوعياً, تكاد تنطبق معظم صفاتي التي ذكرتها على معظم إخوتي وأخواتي, والدي رحمه الله كان منعزلاً عن الناس بشكل كبير.

هل أعاني مرضاً نفسياً كالاكتئاب مثلاً؟ وهل يمكنني أن أستخدم دواء فافرين؟ وهل يتعارض هذا الدواء مع حبوب منع الحمل؟

جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمسيرتك مع الحياة لا تدل أنك تعانين من مرض نفسي حقيقي، فأنت -الحمد لله تعالى- قد تعلمت وقد تزوجت ورزقت بالذرية، ومهما كانت مشاعرك سلبية حول نفسك، لكن لابد أن تكون لديك نجاحات، والذي بك من وجهة نظري هو ضعف أو سوء في تغيير الذات.

بعض الناس يصابون بهذا، وعدم تقدير الذات يعتبر مشكلة كبيرة جدًّا، وبعض الناس أيضًا لديهم العكس تمامًا، لديهم ما يعرف بانتفاخ الذات، أي يُقدرون ذواتهم تقديرًا مبالغًا فيه، وهذا أيضًا يضر بهم كثيرًا وكذلك بمن حولهم، إذن الوسطية هي الأفضل، الإنسان يكون موضوعيًا ومنصفًا مع ذاته، هذا مهم.

أنا أعتقد أن مجرد أن نذكرك بهذا بأنك ناجحة وفاعلة، ولكنك لا تستشعرين ذلك، هذا في حد ذاته يعتبر دفعًا علاجيًا إيجابيًا إذا أخذت به، وأتمنى أن تقومي بذلك.

بالنسبة للاكتئاب النفسي: أنا أرى أنك تعانين من درجة بسيطة منه، ولكنه اكتئاب ثانوي، أي نتيجة لعدم تقدير الذات وتأكيدها والسعي لتفعيلها وتنميتها، الإصابة بشيء من الإحباط لم يصل لدرجة الكدر أو لدرجة الكرب، هو اكتئاب ثانوي من الدرجة الثانوية.

العلاج أولاً: أتمنى أن تكوني قد تفهمت حالتك، وأنا أؤكد لك أنها بسيطة.

ثانيًا: أنت ملزمة إلزامًا قاطعًا بأن تُحسني إدارة الوقت، لا تتركي الأمور حسب المزاج أو المشاعر، ضعي برامج يومية، هذه البرامج يجب أن تشتمل على الواجبات الزوجية والمنزلية والواجبات الاجتماعية، ولا شك أن والدة زوجك لها حق عليك، هذا جانب اجتماعي ممتاز، ولا أعتقد أنه مطلب صعب من جانب زوجك، ويجب أن تتواصلي مع أرحامك من ذويك ومع أهل زوجك، وهذا طيب ومهم.

ثالثًا: من المهم جدًّا أن ترتبطي ببرنامج اجتماعي ملزم أيضًا، مثل الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، هذا فيه علاج سلوكي واجتماعي وترويحي أيضًا.

رابعًا: من المهم جدًّا أن تُدخلي على حياتك أشياء جديدة، وذلك من خلال تغيير نمط حياتك، الانشغال بالقراءة، الاطلاعات، تنمية الهوايات... هذا كله علاج، وعلاج ضروري جدًّا، ويجب أن تكوني صارمة جدًّا مع نفسك في إدارة الوقت.

خامسًا: الرياضة مهمة جدًّا في مثل هذه الحالات، فهنالك أنواع من الاكتئاب النفسي الثانوي التي لا يمكن أن تتجدد طاقات النفوس إلا إذا تجددت طاقات الأجساد، وهذا يعني أهمية الرياضة وممارستها والالتزام بها، فأرجو أن تضعي برنامجا مع زوجك الكريم بخصوص ممارسة أي نوع من الرياضة.

سادسًا: العلاج الدوائي، هنالك أدوية مضادة للاكتئاب، ومنها الفافرين، وجد أنها تساعد كثيرًا في هذه الحالات، لكن الدواء الأفضل هو (البروزاك)، لأنه يحسن من دافعية الإنسان جسديًا ونفسيًا، وهو كذلك دواء سليم جدًّا، الجرعة المطلوبة هي كبسولة واحدة في اليوم، يتم تناولها بعد الأكل لمدة ستة أشهر على الأقل، بعدها يمكن أن يتم تناول الدواء كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، وكما هو معروف الدواء لا يسبب الإدمان أو التعود، وهو سليم جدًّا ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وإن استطعت أن تقابلي طبيبة نفسية فهذا أيضًا سوف يكون أفضل، وهذا لا يعني أنك مريضة، لكن الظاهرة النفسية التي تعانين منها تستحق شيئًا من المتابعة المهنية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً