الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقوي شخصية زوجي اجتماعيا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة من سنتين، وعندي طفل، وزوجي يعمل بشركة بوظيفة مشرف، أي له مكان جيد في الشركة.

زوجي طيب لأبعد الحدود، لكن شخصيته ضعيفة، وأريد أن أقوي من شخصيته، لا أعرف كيف؟

إليكم الأمثلة:

1- عندما يتحدث مع أحد أجده يتبعه في آرائه ولو كان يخالفه في الرأي، وأحيانا يقول رأيه، وإذا خالفه أحد سرعان ما يغير رأيه ولو كان صحيحا.

أحيانا أحس أنه ما يعرف يتكلم، خصوصا لما يجيئنا ضيف، يعني مثلا مرة جاءنا ضيوف، وقالوا لنا عفوا جئناكم متأخرين، رد عليهم قائلا لا ما يضر، المفروض نعشيكم، لكن وما عرف يكمل، ووجهه احمر، عرف أن الكلمة في غير محلها، لأنهم كانوا توهموا شيئا.

أخاف أوجهه ويكون توجيهي خطأ، ويحس أنه مراقب ويزيد عناده.

2- على نياته :

لما نروح لأهلي يجلس معي أحيانا، ونجلس ساكتين ما في كلام، لأن أهلي ما يأخذون راحتهم معي إلا أحيانا، وأضطر أأشر له أنه يقول لي هيا نمشي.

إذا أعمامي راحوا استراحة مثلا، وعزموني، أقوله سأذهب مع أهلي، يقول لي أنا أوصلك، وأنا أحب الجلسة مع أعمامك، وأضطر أحيانا أكذب وأقول تعبانه حتى ما نروح، لأني ما أريد أحد يتضايق منه، لأنها تكون أهليه ما في أحد غريب، لأنه لو جاء فعماتي ما يقدرن يجلسن مع إخوانهن، وأحس أنها صعبة أن أقول له إنها أهلية، ما أبغى أحرجه.

الله يستر عليكم ساعدني في الطريقة المناسبة لتقوية شخصيته، فقد بدأت أحس أني ممكن أصير مثله يعني أحيانا أحس أني غير واثقة من نفسي.

أنا عندي طفل، والطفل محتاج تربية، والتربية محتاجة والدين تكون شخصيتهما قوية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على أنك ساعية لأن يكون زوجك في أطيب حال، جزاك الله خيرًا على ذلك.

أود حقيقة أن أطمئنك أن الناس تتفاوت في شخصياتهم، في مفاهيمهم، في درجة تفاعلهم الاجتماعي، فهنالك من الناس من هو متحفظ، يغلب عليه الحياء والأدب وربما الخجل، وربما شيء من الرهاب الاجتماعي، وهنالك من تجده يتدخل ويتطفل وتسيطر محاولة إبراز الذات عليه، وهذا بالطبع علة، والوسطية دائمًا هي الأفضل.

أنا حقيقة أريدك أن تبني انطباعًا إيجابيًا عن زوجك، هذا أمر مهم جدًّا، فيجب أن لا يكون هذا الموضوع هاجسًا بالنسبة لك أبدًا.

اجعلي توقعاتك في حدود المعقول، لا أقول لك إنك مبالغة، لا، كلامك منطقي وكلامك جميل جدًّا، لكن لا تضعي سقفًا معينًا لشخصية زوجك، وانظري دائمًا إلى الجوانب الإيجابية فيه، أشعريه دائمًا بأنه هو صاحب القِوامة -هذا مهم جدًّا- شجعيه على الانضمام لبعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية، شجعيه على الاطلاع -هذا مهم جدًّا- مثلاً تسابقي معه في أن يقرأ كل واحد منكما كتابا كل أسبوعين، ليس في هذا مانع أبدًا.

التقاؤه أيضًا بأصدقائه سوف يفيده، اجلسي معه أحيانًا للتلفزيون، ناقشوا بعض الأمور التي تطرح، هذا النوع من الحوار جيد ومفيد، دعيه مثلاً يدعو أصدقاءه من وقت لآخر في البيت، وأن تذهبوا إلى زيارات للآخرين.
هذه سبل جيدة وسبل بسيطة جدّا، والتغير -إن شاء الله تعالى- سوف يأتي.

لا أريدك أن تعتبري شخصية زوجك ضعيفة، إنما اعتبريه رجلاً فيه شيء من الحياء، والحياء خير كله، والحياء أمر جيد، وهو شطر من الإيمان.

بالنسبة لموضوع عدم التفاعل الاجتماعي الذي يكون مرده للمخاوف الاجتماعية: هذا ربما تكون مشكلة تتطلب العلاج.

حقيقة لم أستشعر استشعارًا كاملاً أن زوجك يعاني من خجل اجتماعي حقيقي، وإن كان قد استوقفني التغير الذي يظهر على وجهه، فقد ذكرت أن وجهه يحمّر في بعض الأحيان، هذه ربما تكون ناشئة من زيادة في ضخ الدم، لأن بعض الناس في المواقف الاجتماعية يحدث لهم نوع من الرهاب والرهبة ينتج عنه إفراز (الأدرنالين)، وحين يزداد (الأدرنالين) يظهر هذا الاحمرار.

هذه حقيقة نقطة قد تكون هامة، لأن الخوف الاجتماعي يعالج عن طريق الأدوية بصورة ممتازة جدًّا -هنالك أدوية مثل الزيروكسات والزولفت تعتبر أدوية مفيدة- لكن هذا الموضوع يتطلب المزيد من الاستقصاء، والمزيد من الفحص، فيمكنك بصورة لطيفة جدًّا أن تقولي لزوجك (أنا أعرف أنك رجل بفضل الله تعالى في قمة الأدب والذوق، لكن هل تحس أنك غير مرتاح في المواقف الاجتماعية؟ هل تحس مثلاً أنك تريد أن تتخلص من الموقف الاجتماعي في أسرع وقت ممكن، هل تجد حرجًا في مقابلة الآخرين، هل لديك صعوبة في التفاعل مع الغرباء؟).

قولي له إنك قد قرأت حول ظاهرة تعرف باسم الخجل الاجتماعي، وهو ليس عيبًا وليس مرضًا، لكنها ظاهرة يجب أن تُعالج، وهذه يمكن أن تعالج عن طريق المزيد من التفاعل الاجتماعي، وتناول بعض الأدوية البسيطة.

هذا ربما يكون منهجًا طيبًا، ولا تحملي همًّا أبدًا، وادعي الله تعالى بأن يحفظ أسرتك وزوجك وأبناءك، -والحمد لله تعالى- أنا دائمًا أعتقد أن الرجل الذي لا يتحفظ غالبا مع الآخرين اجتماعيًا أفضل كثيرًا من الشخص المتطفل والذي يتفاعل بصورة سلبية.

كما ذكرتُ لك: لا تجعلي سقفًا معينًا لشخصية زوجك، وفي بعض الأحيان وكنوع من مواساة النفس قولي لنفسك (ربما تكون تطلعاتكِ وتوقعاتكِ فيها شيء من المبالغة البسيطة).

أرجو أن تعذريني في هذا، ولكن هذه الطريقة من حيث المنهجية السلوكية مفيدة جدًّا للإنسان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً