الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي لا يحب الذهاب إلى المدرسة ويخاف الاختلاط بالأطفال!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي الصغير يبلغ من العمر 6 سنوات, يدرس في أول ابتدائي، لديه مشكلة، وهي أنه لا يحب الذهاب إلى المدرسة، والخوف من الاختلاط بالأطفال في مثل سنه، ونجده يسأل عن يوم العطلة فقط حتى لا يخرج من المنزل, في صغره وقبل دخوله المدرسة التحضيرية كان يقضي وقته كله في مشاهدة الرسوم المتحركة، وكان يحب الحيوانات بمختلف أنواعها، ويشاهد الأشرطة الخاصة بها، وبسبب أننا كنا نسكن أمام طريق كبير كنا نخاف عليه من السيارات، فلم يكن يخرج للعب مع الأطفال، أي أنه لم يختلط مع الأطفال إلا نادراً إذا أحضر ضيوفنا أولادهم الصغار.

المشكلة بدأت عندما دخل إلى التحضيري؛ حيث أنه في الأسبوع الأول، ولدرجة صمته غير المحتمل أصبح المعلمون يسألوننا إن كان يتكلم أو لا، وأحيانا كانوا يقولون إنه معقد بسبب عدم كلامه أو لعبه مع الآخرين، وبعد فترة استطعنا أن نتغلب على هذه المشكلة، وأصبح يتكلم بشكل عادي مع معلماته وزملائه، وعادت لنا نفس المشكلة في السنة الأولى ابتدائي، وللأسف لم نستطع أن نتغلب عليها، رغم أننا ندرسه جيداً في البيت، وأنه يحفظ كل دروسه، ويجيد كتابة كل الأحرف والأرقام، إلا أنه عندما ذهب إلى المدرسة في الأيام الأولى لم يكن ينطق بأي حرف، ولا يرد على المعلم أو يتجاوب معه، وبعد أن ضغطنا عليه في البيت وطلبنا منه أن يخبرنا سبب صمته، قال إن صوته غير جميل، وأنه يخاف أن يخطئ، فشجعناه على التكلم، وعملنا على إزالة هذه الفكرة من رأسه.

تجاوب معنا وأصبح يشارك ويعمل الفوضى أيضا, وعندما نبهناه عن الفوضى عاد إلى صمته مجددًا, كما أنه إذا سألته أمه وأخطأ ووبخته فإنه يرفض أن يعيد الإجابة.

أعتذر لأني أطلت الحديث، ولكني أتمنى منكم أن تساعدونا لحل هذه المشكلة، وجلعه يخرج من صمته ويختلط بالأطفال ويحب المدرسة.

ملاحظة: هو يتجاوب مع إخوته وأسرته بشكل طبيعي وعادي جدا في المنزل، ويلعب معنا في البيت، ولا يصمت كما يفعل في المدرسة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إلياس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن هذا الطفل –حفظه الله تعالى– لديه مشكلة بسيطة فهو من الواضح أنه لا يكره المدرسة، لكنه يحب أمان البيت، ويشعر أنه أكثر طمأنينة؛ وذلك لظروف موضوعية جدًّا، فكما تفضلت وذكرت هو لم تتح له الفرصة لأن يتفاعل خارج البيت، وذلك نسبة لمخاطر الطريق –كما ذكرت– وكذلك لمشاهدته الرسوم المتحركة، ربما بصورة متواصلة ولأوقات طويلة، وهو بلا شك استأثر بالكثير من الحماية الأسرية، وهذا يجعل الطفل لا يحب الذهاب إلى المدرسة.

البعض يعتقد أن الطفل يخاف من المدرسة، وهذا ليس بصحيح، الطفل ليس خائفًا من المدرسة، لكن الأمر بالنسبة له مقارنات، فهو يقارن ما بين الأمان في البيت والأمان والراحة في المدرسة، وحين يحسب حساباته ويراجع نفسه يجد أنه من الأفضل له أن يبقى في البيت، ومن الناحية التشخيصية تسمى هذه الحالة بقلق الفراق، يخاف أن يفترق من البيت.

العلة الثانية: وهي ما يسمى بالصمت التخيري، أي أن الطفل يتكلم في أوضاع معينة، ويصمت في أوضاع أخرى اختياريًا، هذه أيضًا مرتبطة حقيقة بحالة التواؤم الشديدة التي وجدها في البيت.

أرجو أن لا تنزعج لهذا الأمر، والذي أريده أولاً: هو أن نشعر هذا الطفل بالأمان.

ثانيًا: نعطيه شيئا من الاعتمادية على نفسه في البيت، فيجب أن يتعلم أن يجلس في غرفته مثلاً وحده فترة حتى وإن كانت قصيرة، دعوه يرتب ملابسه ويقوم بترتيب فراشه في الصباح، دائمًا نحفزه حول الأعمال الإيجابية التي يقوم بها، ونحاول أن نتجاهل موضوع السلبيات، نحببه في المدرسة وذلك من خلال أن نقارن بينه وبين أصدقائه مثلاً، وأن يكون هنالك نوع من الاتفاق مع المعلمين ليعطوه المزيد من الاهتمام والاطمئنان، ومن المهم جدًّا أن لا نساوم الطفل في أمر الذهاب إلى المدرسة، هذه يجب أن تكون واضحة جدًّا، فيجب أن يبدأ في تحضير حقيبته المدرسية وملابسه منذ الليلة التي تسبق الصباح الذي يذهب فيه إلى المدرسة، لا بد أن يعيش هذا الواقع.

وأرجو أيضًا أن تدعموا نظام التحفيز والإثابة له من خلال تطبيق نظام النجوم، وهي طريقة معروفة جدًّا لدى الآباء والأمهات، توضع لوحة بالقرب من سرير الطفل مثلاً، ويتفق معه على عدد النجوم التي سوف يكتسبها حين يقوم بأي فعل إيجابي، وعدد النجوم التي سوف يخسرها في حالة التصرفات السلبية مثلاً كالتردد في الذهاب إلى المدرسة أو عدم ترتيب وتنسيق كتبه، وفي نهاية الأسبوع يعرف أنه سوف يستبدل عدد النجوم التي اكتسبها بشيء من الأشياء المحببة إليه، وليس من الضروري أن يكون هذا الشيء ماديًا أبدًا، قد يكون شيئًا معنويًا، مثلاً أن يجلس للتلفزيون فترة أطول، وهكذا.

هذه هي الأسس التربوية التي تساعد هذا الطفل، وأرجو أيضًا أن تتاح له فرصة التفاعل مع الأطفال، أنا أقدر تمامًا أننا نعيش في زمنٍ من الصعب على الإنسان في كثير من الأحيان أن يأمن على أطفاله، لكن حاولوا أن تجدوا أطفالاً تطمئنون إليهم ودعوه يتفاعل ويتمازج معهم.

أنا أؤكد لك -إن شاء الله تعالى- أن هذا الطفل ليس لديه أي مشكلة، هؤلاء الأطفال دائمًا يكونون من الأطفال النجباء والأذكياء جدًّا، فقط الذي أرجوه هو أن تعطوه شيئًا من الاعتمادية على نفسه، وبالطبع الأمر يتطلب الصبر والتدرج؛ لأن ما اكتسبه من تقارب ومودة يجب أن يفقدها أيضًا تدريجيًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً