الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوحد وفرط الحركة وعدم الانتباه لدى الأطفال هل يؤدي للتخلف العقلي؟

السؤال

جزاكم الله خيرا على هذا البذل والمجهود الرائع.

باختصار حتى لا أطيل عليكم: ابنة أختي عمرها سنتان وتسعة أشهر, وهي لا تنتبه لأي شيء, دائمة الحركة في جميع الاتجاهات تقريبا, لا تمل من البكاء, ولا تستجيب لأي أحد سوى أمها –نادرا-, شخَّص الأطباء حالتها باشتباه في زيادة نسبة الأمونيا في الدم, أو توحد, ثم اكتشفنا أن نسبة الأمونيا طبيعية, فالنسبة 13 من الطبيعي 33 -والحمد لله-.

السؤال: هل هذه فعلا أعراض توحد؟ وهل الحجامة ستكون مفيدة؟ وما نسبة الشفاء-بإذن الله- من مثل هذه الأعراض؟ فنحن نخشى أن تتحول حالتها إلى تخلف عقلي -لا قدر الله-.

في انتظار ردكم الكريم, أحسن الله إلينا وإليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

متلازمة التوحد سببت الكثير من القلق والذعر لكثير من الناس، وذلك لعدة أسباب:

1) كثيرًا ما يكون التشخيص ليس دقيقًا, ويعتمد على مجرد اشتباهات, أو لم يقم به الخبير المختص.

2) ما يقال الآن أن التوحد ربما يكون أحد العوامل الرئيسية فيه العوامل الجينية - أي الوراثية – هذا قد يكون فيه شيء من الحقيقة، لكن ليس كل الحقيقة.

3) هناك حالات كثيرة جدًّا تماثل التوحد لدرجة كبيرة، منها (متلازمة اسبرجر), وبعض حالات التخلف العقلي، وبعض حالات زيادة فرط الحركة, هذه كلها تتداخل مع متلازمة التوحد.

أنا أقدر تمامًا الوضع النفسي الذي تكون فيه الأسرة حين يُشتبه أن أحد أطفالها يعاني من هذه العلة، فهذه الطفلة – حفظها الله تعالى – ليس أمامي الآن أي مؤشرات حقيقية تعتمد على المعايير العلمية الصحيحة لتشخيص التوحد, والأهم من ذلك أن علة التوحد يجب أن لا تشخص مطلقًا إلا بواسطة الخبير المختص، وبعد أن يقوم بإجراء الفحوصات, والمناظرات, والمعاينات العصبية, والسلوكية, ويستعين الخبير نفسه بالفريق المعالج معه؛ لأن تشخيص التوحد تترتب عليه أشياء كثيرة:

1) أصبح الآن العلاج متاحًا لدرجة كبيرة، خاصة إذا بدأ التأهيل مبكرًا.

2) وقع التوحد ذاته على الحالة النفسية للأسرة -إذا لم تُشرح لها الأمور وتوضح, وتكون هنالك مساندة حقيقية- كبير جدًّا وسط أفراد الأسرة.

أخي الكريم: الذي أنصح به هو أن يتم عرض هذه الابنة على أحد المراكز المختصة في تشخيص علة التوحد، وأنا عرفت من الإخوة الزملاء الأطباء أن هناك مراكز كثيرة بالقاهرة، وفي المدن المصرية الأخرى، فأخذها لأحد هذه المراكز هو الشيء الأفضل، كما أن معظم أطباء الأطفال المختصين في الطب العصبي لديهم المقدرة على تشخيص هذه الحالة.

موضوع الأمونيا والتغيرات غير الطبيعية في الأحماض الأمينية واستقلابها: هذه إحدى الاحتمالات التي دائمًا يضعها المختصون كسبب لزيادة فرط الحركة, أو تأخر المقدرات المعرفية، وهناك أمر إيجابي، وهو أن هذه الطفلة تستجيب لأمها, هذه الاستجابات الوجدانية للأم معيار رئيسي لنفي الإصابة بعلة التوحد؛ لأن معظم الذين يعانون من التوحد يعاملون الناس كالأشياء، حتى الوالدين، وهذا أمر معروف.

شيء آخر مهم، وهو أن علة التوحد يصعب التأكد من تشخيصها قبل أن يُكمل الطفل ثلاث سنوات، لكن الاشتراطات العالمية هي بعد عمر ثلاثين شهرًا، وهذه الطفلة قد بلغت ذلك العمر، فيجب أن يؤخذ الأمر بجدية, ويتم فحص الطفلة، فأرجو أن يتم عرض هذه الصغيرة على المختصين، - وإن شاء الله تعالى - سوف تجدون العون والمساعدة الكبيرة فيما يخص التشخيص, وكذلك رعايتها وتأهيلها.

لا أعتقد أن الحجامة تفيد في هذا الأمر، أو على الأقل لم أسمع أن هنالك من بحث في موضوع الحجامة وأثبت نفعها وفائدتها، والحجامة كثير من الناس يختلط عليهم أمرها، فنحن نقول: نعم إن الحجامة هي وسيلة علاجية طبية ذكرت في الطب النبوي، لكن حتى من يمارسها في الوقت الحاضر يجب أن يكون مُلمًّا بها، ويجب أن تُتخذ التحوطات الطبية التامة، كما أن الحجامة غالبًا يجب أن لا يُلجأ إليها إلا إذا لم توجد هناك بدائل طبية غيرها، لكن لم أسمع أبدًا أنها تناسب الأطفال, أو أنها تناسب علاج متلازمة التوحد، والله أعلم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً