الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانفصام العصابي وعلاجه دوائيا وسلوكيا

السؤال

السلام عليكم.

حياك الله دكتورنا الكريم.
جئت اليوم أرجو مساعدتكم, ولو بتقديم النصح والإرشاد لي.

أنا منذ سنتين تقريبا كنت جالسا في الغرفة, أتأملها قطعة قطعة, وأنظر إلى وجودها وماهيتها, وكيفية انسجامها مع الجو العام والقطع الأخرى؛ وإذ بعقلي يذهب مني! وفقدت وعيي, وقمت على قدمي أمشي إلى غرفة أهلي, فرآني أبي فأجلسني وقرأ علي بعض السور من القرآن الكريم.

استيقظت تقريبا بعد ثلاث دقائق من الحادثة, فقال لي والدي أنني صرت أهذي: من أنا؟ ومن أنتم؟ وماذا أفعل هنا؟ وهكذا ...
لم أكترث كثيرا للأمر, لكن بعد عدة أيام صرت أفكر كيف حدث هذا؟ وكيف فقدت عقلي؟ وهل من الممكن للإنسان أن يفقد عقله ووعيه وذاكرته؟ وبدأت هنا قصتي المؤلمة, وبدأت تأتيني نوبات من الرعب, وعقلي بدأ يذهب لمدة خمس ثوانٍ تقريبا, ومن ثم يعود, وهكذا إلى أن أنام, وعندما كان يذهب عقلي كنت أدخل في عالم آخر, وأرى صورا قديمة, وعالما لا أعرفه في مخيلتي, وكان ينتابني الرعب الشديد, بحيث لا أرجع إلى العالم الأساسي إلا وقلبي عند قدمي من الرعب, راجعت طبيبا فوصف لي زولوسير عيار 100 واولان بريكسا وترانكيل مضاد اكتئاب وذهان ومهدئا.

لم أستفد كثيرا, وما زالت نوبات الانشقاق تأتيني كل أسبوع, على الأقل ليلة أو ليلتين, ولا أستطيع أن أشرح لكم وضعي حينذاك لأني أكون بقمة الرعب والخوف والهلع والتعب, وقد تستمر أحيانا ساعات طوالا.

فذهبت إلى طبيب آخر فقال لي: استمر على زولوسير, ولكن سأغير لك الدواء بدواء آخر اسمه ريسبريدين, وقال لي: الذي تعاني منه هو اضطراب انشقاقي.

فعلا تحسنت على الدواء كثيرا -ولله الحمد- وبقيت أستعمله ستة شهور تقريبا, وحين رأيت نفسي أني تحسنت, والنوبات قد انقطعت؛ توقفت عن الدواء, وبقيت مرتاحا تقريبا مدة ثلاثة أشهر, ومنذ يومين عادت إلي نفس الحالة الأولى, ذهب عقلي, ولم أشعر بمن حولي إلا بعد خمس دقائق, فاتصلت بالطبيب فورا وأخبرته, قال لي لم أوقفت الدواء؟ ما كان يجب أن توقفه, وطلب مني أن أرجع لاستعمال ريسبردين يوميا قبل النوم, وأنا من يومين إلى الآن تعبت جدا, أكاد أفقد عقلي ووعي نهائيا.

علما أني مرة -وهي المرة الوحيدة- خرجت من البيت ليلا الساعة الثانية , ومشيت أكثر من مئة متر وأنا حافٍ, وفاقدٌ لعقلي ووعيي.

فبم تنصحني يا سيدي الكريم أكرمك الله وزادك من فضله؟

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عصام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك, وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك .

أخي وصفك للحالة يدل فعلاً على أن الذي حدث لك هو ما يسمى بالانشقاق العصابي, وهي حالة نفسية لا تعتبر خطيرة, لكنها قد تكون مزعجة.

هنالك عدة طرق للعلاج, أهمها أن تتجنب الكتمان, وأن تعبر عما بداخلك؛ لأن كثيرا من علماء النفس يرون أن هذه التحولات الانشقاقية قد تكون ناتجة عن احتقانات نفسية داخلية.

ثانياً: ممارسة الرياضة دائماً فيها فائدة لعلاج مثل هذه الحالات.

ثالثاً: عليك أيضا بالتدرب على تمارين الاسترخاء، فتمارين الاسترخاء تساعد على استرخاء النفس داخلياً وخارجياً, وهكذا الجسد؛ مما يقلل من هذه النوبات الانشقاقية -إن شاء الله تعالى-, للتدرب على تمارين الاسترخاء يمكنك أن تتصفح أحد مواقع الإنترنت التي توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.

رابعاً: من المهم جداً التجاهل، كثير من علماء النفس يرون أفضل الوسائل لعلاج الحالات الانشقاقية هو تجاهلها بقدر المستطاع.

خامساً: أعتقد أنك تحتاج إلى عقار رزبريادال (Risporidal) وبجرعة صغيرة, وأبدأ بمليجرام واحد ليلاً لمدة عشرة أيام, ثم بعد ذلك تناول مليجرامين اثنين لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر, ثم خفضها إلى مليجرام واحد ليلاً لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر أخرى، هذه -يا أخي- جرعة بسيطة جداً, وإن شاء الله تعالى بتطبيقك للعلاجات السلوكية التي ذكرناها سوف تجد أن الحالة قد انتهت تماماً.

بقي أمر واحد أريدك أن تناقشه مع طبيبك, وهو: أنك ربما تحتاج إلى إجراء تخطيط للدماغ؛ وذلك لسبب واحد وهو: أن بعض هذه الحالات الانشقاقية ربما تكون مرتبطة ببعض التغيرات في جزء من المخ يعرف باسم الفص الصدغي، وغالباً هذه التغيرات ليست خطيرة, وليست مخيفة, ولكن إذا اتضح أن الومضات الكهربائية في داخل الدماغ غير متوازنة, أو أن هنالك زيادة في إفرازها, وصادرة من الفص الصدغي, فهنا ربما تحتاج لدواء واحد وليس أدوية كثيرة. وذلك لوضع الدماغ في مستواه الطبيعي, هذه الآليات العلاجية المعروفة لدى الأطباء، فأعتقد أن تخطيط الدماغ سيكون أمراً مفيداً لك ومطمئناً.

وانظر العلاج السلوكي للمخاوف: (262026 - 262698 - 263579 - 265121).

أخيراً أسأل الله تعالى لك العافية والشفاء, والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً