الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس بفتور ونفور من العبادة، وعدت لممارسة العادة السرية فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب جامعي، وعمري 22 سنة، مررت في عدة مراحل من حياتي ومتغيرات أثرت في شخصيتي كثيراً.

كنت قد تعرفت على فتاة بغرض الزواج، ولكن وصل بنا المطاف إلى معاص كثيرة حتى كشف أمرنا، ومن حينها تبت عن الكلام مع تلك الفتاة، وبقية الفتيات بشكل عام -والحمد لله-، وبقيت على هذه الحال وحفظت أجزاء من القرآن، وتعلمت الكثير عن العقيدة والعلوم الأخرى، واعتمرت في الأواخر من رمضان، ومن ثم تغير حالي كثيراً فبدأت أفتر وأنفر عن العبادة، وعدت لممارسة العادة السرية بكثرة، وأحس بأن ثقتي بنفسي قلّت، فأصبحت أخجل من التحدث أمام الناس، وأتأتأ -قليلاً- فضعفت ذاكرتي، وقل تركيزي، ولا أدري ما هو السبب المباشر لهذا الكلام؟

أرجوكم أفيدوني بما يجب علي فعله لاستعادة إيماني وتركيزي وكل شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا نرحب بك أشد الترحيب في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله لك الثبات على الحق والطاعة.

وبخصوص ما مضى من ذنوبك، فاعلم أن الله غفور رحيم، وأنه سبحانه يقبل عبده التائب إليه ما دام صادقا في توبته، نادما على ذنبه، مستقيما على طريق الجادة والحق.

وأحسبك -أيها الفاضل- منهم بدليل ما أحدثت بعد هذه المعصية من طاعات نسأل الله أن يتقبلها منك.

وأما مسألة الفتور عن العبادة، فإن الفتور بعد الطاعة له عدة أسباب أوردها لك تباعا، وأسأل الله أن يثبتنا وإياك على الطاعة.

1- قد يكون من أسباب الفتور ضعف البيئة الصالحة، فانظر -حفظك الله- إلى محيط بيئتك، وهو صداقاتك وأصحابك؛ فإن تأثير الصاحب في صاحبه شديد، والعرب تقول: الصاحب ساحب، وقد أخبرنا القرآن العظيم أن الظالم يعض على يديه يوم القيامة متحسرا على أصحاب السوء قائلا: "يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا".

2- وقد يكون أسباب الفتور عدم وجود مرب أو انعدام اقتفاء أحد طلاب العلم أو العلماء فإن سير المرء وحده خطأ، بل لا بد من مرشد وموجه صالح ترحل إليه بين الفينة وأختها ييسر لك العسير، ويصحح لك المسير، ويوجهك الوجهة الصحيحة، ويقوي عزمك إذا ضعفت همتك.

3- المبالغة في الطاعة والتشدد فيها، فإن بعض الناس إذا خرج من معصية أفرط على نفسه، وأخذها بالشدة، ولم يأخذها بالتدرج، فلذلك بعد فترة يسيرة تذهب همته، وتضعف قوته ويشعر بالفتور، ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم الاعتدال، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: " أحب الأعمال إلى الله: أدومها وإن قل" وقد كان هناك بعض المواقف لبعض الصحابة وجههم النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها إلى الاعتدال.

ومن هؤلاء عبد الله بن عمرو رضي الله عنه إذ قال : قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أخبرت أنك تقوم الليل، وتصوم النهار. قال: قلت: يا رسول الله، نعم. قال: فصم وأفطر، وصل ونم، فإن لجسدك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا، وإن لزورك عليك حقًا، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام"، -زورك: أي ضيوفك- قال: فشددتُ فشُدد عليَّ. قال: فقلت: يا رسول الله، إني أجد قوة. قال: "فصم من كل جمعة ثلاثة أيام" قال: "فشددتُ فشُدد عليَّ. قال: فقلت يا رسول الله إني أجد قوة" قال: "صم صوم نبي الله داود، ولا تزد عليه" قلت: يا رسول الله، وما كان صيام داود -عليه الصلاة والسلام-؟ قال: "كان يصوم يومًا ويفطر يومًا" رواه أحمد وغيره.

ورويَ أيضًا عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحبُّ الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصفه ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا".

هذه -أيها الحبيب- بعض الأسباب التي قد تدفعك إلي الفتور وفي الجملة ينبغي أن تعلم أن القلوب تتغير وتتحول فما سمي القلب قلبا إلا أنه يتقلب؛ ولذلك أمر العبد أن يكثر من الدعاء بالثبات "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".

وأما العادة السيئة فأضرارها وخيمة، وأتمنى عليك أن تراجع تلك الاستشارات حول أضرار هذه العادة السيئة: (38582428424312 - 260343 )، وكيفية التخلص منها: (227041 - 1371 - 24284 )، والحكم الشرعي للعادة السرية: (469- 261023 - 24312).

وفي الختام -يا أخي- أتمنى عليك أن تبحث عن أسباب الخلل، وأن تصادق أهل الصلاح، وأن تسير إلى الله في جماعة من أهل الدين، واعلم أن الذئب يأكل من الغنم القاصية.

أسأل الله أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الطاعة، وأن يهديك إلى الطريق المستقيم.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً