الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يمنعني من الزواج فما حكم الدين في ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في 50 من العمر، والدي لا يرغب بتزويجي، وكل ما جاءني خاطب
ألصق به العيوب، مع العلم أنه لا يكون به أي عيب، ويقول لي لماذا ستتزوجين بهذا العمر، حتى تكونين له خادمة، وما الفائدة من زواجك وأنتِ بهذا العمر؟ تريدين أن تتزوجي حتى تمارسين الجنس.

مع أن الزواج ليس فقط جنس هو سكن ومودة، ولقد كلمته كثيرا ولكن لا فائدة ترجى وهو مصر على أن لا أتزوج، فما حكم هذا في الإسلام؟ وكيف أريد أن أقنعه، هو لا يرد على أحد لتفسير موقفه؟

مع أن والدي حاج، ويصوم ويصلي ويقرأ القرآن يوميا، وأيضا يفرق بيننا نحن الأخوة، يعامل الصبيان بمحبة، وأنا بالكره، يظل يعيرني ويضحك مني، ويقول لي كلمات جارحة جداً.

أنتظر ردكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ R H H حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يجعل لك من أمرك فرجًا ومخرجًا، وأن ييسر لك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.

لا شك -أيتها الكريمة- أن في الزواج منافع ومقاصد كثيرة، ولذا رغب الشرع الحنيف به، وأمر الأولياء بتزويج البنات ونهاهم عن عضلهم عن الزواج، وهذا ما جاء به القرآن الكريم ونطقت به أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد نهى الله -عز وجل- عن عضل النساء من الزواج كما في سورة البقرة، وأمر بتزويج البنات كما في سورة النور، قال: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإيمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عليًّا بأن لا يُؤخر ثلاثًا إذا حضرت ومنها (الأيم إذا حضر لها الكفؤ).

فهذا هو هدي الإسلام يأمر الولي بتزويج ابنته إذا حضر الكفؤ لها وينهاه عن عضلها ومنعها من الزواج، ويعد هذا ظلمًا واعتداءً.

وإذا أصر الولي على المنع فللمرأة أن ترفع أمراها إلى القاضي الشرعي ليوجب هذا الولي على تزويجها، فإن لم يفعل زوّجها القاضي نيابة عنه.

فهذا هو هدي الإسلام في هذا الباب، أنصف المرأة وحافظ عليها وجمع في تعاليمه وشرعه ما يحقق لها الصيانة والحفظ، مع القيام بحقوقها على أتم الوجوه، ولكن للأسف يسيء بعض المسلمين فهم هذه الأحكام ويقعون في الظلم الذي حرمه الله -عز وجل-، ومن ذلك هذه الصورة التي أنت واقعة فيها.

فنصيحتنا لك -أيتها الكريمة- أن تحاولي إقناع أبيك وأن تسلطي عليه من له كلمة مسموعة من الأقارب كأعمامك وأخوالك وإخوانك الكبار ونحوهم، فربما استجاب لهم، وإذا رأيت أنك لا تقدرين على إقناعه وكان بإمكانك أن ترفعي أمرك للقاضي الشرعي أو من يقوم مقامه ممن يتحاكم إليه المسلمون في البلاد غير الإسلامية، فلك ذلك.

ونوصيك بالإحسان إلى هذا الأب بقدر الاستطاعة، فإن إساءته لا تُسقط حقه في البر به والإحسان إليه، فقد أمر الله تعالى الولد بالإحسان إلى الوالدين مهما بلغت الإساءة منهما، فقال سبحانه: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا}.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير وييسر لك أمرك كله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً