الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أدرس الفيزياء وأخاف من فقد الحافز!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم على الموقع الرائع، وجزاكم الله خيرا على ما تقدمونه وتبذلونه.

أنا طالبة بفرع الفيزياء الإشعاعية، وقد أكملت المرحلة الأولى فيه، وأنا في الدراسات العليا الآن، والحمد لله على كل حال.

المشكلة أنني كنت أرغب بشدة بدراسة الطب، ولم يؤهلني معدلي لذلك، ودخلت لدراسة الفيزياء، وكنت متحفزة في البداية إذ كنت أقول: إن المهم هو أن يتفوق الشخص في المجال الذي هو فيه، وكان عامي الأول رائعا، وكنت من الأوائل، أما عامي الثاني فحسن، والثالث كان سيئا، وقد من الله علي بأن نجحت، ولم أرسب، وبالتأكيد كنت في ذيل قائمة الناجحين، وهذا ما آلمني.

قررت هذا العام أن أفتح صفحة جديدة في حياتي الدراسية وقررت أن أتفوق مرة أخرى إن شاء الله، ولكنني أخاف أن أفقد هذه الهمة؛ لأنني لا أرى لي حافزا.

الحقيقة أنا أحب الفيزياء، ولكن تعثري في المراحل السابقة يؤرقني، وأقول في نفسي أني لن أكون متمكنة منها حقا وكما أريد، وفي الوقت الذي تحاصرني فيه هذه الأفكار، أعود إلى سؤال أخافه كثيرا، هل هذا حقا ما أريده؟ هل حقا أريد أن أدرس الفيزياء؟ ثم أعود إلى رغبتي الأولى، وأحاول التخطيط للوصول إليها ثم أجد جدار السن يقف أمامي لأني أصلا أدرس لأكون أما ناجحة، وأقوم بوظيفتي التي خلقني الله لها، أما أن أبقى أتتبع الدراسة التي تتعارض مع واجب الأمومة فلا.

وأقول أحيانا أني أجهل ما أريد أصلا، وليست مسألة طب أو فيزياء لأني ربما اعتدت افتعال جو تنافسي في داخلي والذهاب دوما إلى ما يعتقد أنه الشيء الأصعب، لذلك درست في الثانوية الرياضيات رغم أني لم أكن أحبها، ولكن عدم تفوقي فيها جرني إلى دراستها لأنتزع هذا الخوف الذي في داخلي منها، وكذلك الفيزياء كانت المادة التي أخذت أدني علامة فيها، وأردت أن أتفوق فيها وأنا أفسر حالتي بأني لما لم أنل ما أريده ظل هذا يحسسني بعدم الأمان الداخلي أو النفسي، فأظل دائما أفكر فيه لذلك لا أعتقد أني أريد شيئا.

أظن أني أريد أن أتفوق وحسب، ولا يهم أين، وأحاول دوما إبعاد هذه الأفكار عني، وأقول أني أستطيع التغلب عليها وأستطيع أن أتفوق لأني والحمد لله أملك سمعا وبصرا وقلبا فكيف لا أتفوق.

الآن أريد أن أصب كل رغبتي وطاقتي وحبي كذلك للفيزياء، ولست أدري كيف، الحمد لله أني لا أفتقد الثقة بنفسي، ولكن ما أخافه أن أفقد الحافز الذي يدفعني للدراسة، فهل أجد عند سادتنا الكرام جوابا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إلهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على السؤال.

ومن منا يعمل بكل حماس وكل حافزية 24 ساعة، 7 أيام في الأسبوع، 365 يوما في السنة... فهكذا طبيعة الإنسان وطبيعة الحياة، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك )

أي أن الإنسان تأتيه أوقات يكون في غاية الحافزية والنشاط، ولكن تعتريه أيضا أوقات يكون فيها أقل حماسة وهمة من المعتاد.

من الواضح أن شخصيتك تميل للتحليل والتأمل الذاتي، وهذا شيء حسن من شأنه أن يساعدك لتكوني في طليعة الناجحين، وقد لمست في حنايا سؤالك، ومن خلال سيرتك الذاتية وما حققته في الماضي، بأن إمكاناتك أكثر من جيدة، بل ممتازة، وهذه نتائجك السابقة تشهد عليك.

الفيزياء والكيمياء والطب والرياضيات، والحاسوب الآلي والمعلومات، وعلم الألسنيات وعلم النفس، وكذلك علم التربية والأنثروبولوجيا، أو علم الإنسان وعلم القانون ، وعلوم التغذية.... وغيرها كثير، كلها تخصصات نحتاجها وتحتاجها بلادنا، ولكن المهم أن نتوزع كل هذه التخصصات، لأنها كلها فرض كفاية علينا، أي أن على بعضنا أن يقوم ببعضها، وإلا فكلنا آثم إن أهملنا واحدة منهما.

ولكن عندما يختار الإنسان تخصصا من هذه التخصصات، وبغض النظر عن أي من هذه التخصصات، فعندها يصبح هذا التخصص على صاحبه فرض عين عليه، لأنه انبرى للتخصص في هذا الجانب، وهو يقوم به نيابة عن بقية الناس.

ولا شك أن من أهم أسباب النجاح والتوفيق أن يقبل الإنسان على تخصصه، وبغض النظر عن طبيعة هذا التخصص، أن يقبل عليه بكل سرور ومحبة ولذة بما يدرس أو يعمل.

ويحضرني هنا مفكرنا الكبير الجزائري الأصل، الأستاذ "مالك بن نبي" والأصح أن نقول "مالك بن نابي" كما صححه لي أحد أساتذتي. الأستاذ مالك كان رحمه الله مهندس كهرباء إلا أن عطاءه وكتاباته تجعله أيضا في خيرة من كتب وتكلم عن المشكلة الثقافية والاجتماعية للعالم الإسلامي، فمن يدري فربما تنتج لنا الجزائر مفكرة كبيرة كجدها الأكبر الأستاذ مالك.

وفقك الله في دراستك للفيزياء، فهو من العلوم الأساسية التي تساعدنا على فهم الكون وسننه، ويساعدنا على تسخير ما في هذا الكون لخير الناس.

يقول الرسول الكريم "اعملوا فكل ميسّر لما خلق له".

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر بعرعور

    شكرا لكن زد بعض المواضيع المثيرة ليكون هناك تعليقات اكثر المرسلة?

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً