الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن يرجع لي زوجي كما كان، أريد حياة سعيدة.

السؤال

أنا متزوجة منذ خمس سنين ولدي ابنان، وزوجي من أقاربي، فهو ابن خالتي.

في بداية زواجي كانت الأمور جيدة -والحمد لله- ثم جاءت المشاكل، عائلة زوجي طبعهم- تصرفاتهم مع بعضهم- مختلف عن طبعنا، فزوج خالتي -والد زوجي-رجل عنيد ومتسلط، يضرب زوجته حتى هذه اللحظة، ويهينها أمام أي أحد -أبنائها والأقارب- لا يحترمها.

أنا أسكن معهم في الطابق العلوي، زوجي تربى على هذا الشيء، فبدأ لا يحترمني، ويهينني أمامهم، إلى أن وصلت الأمور إلى الضرب.

في المرة الأولى عندما أهانني ذهبت إلى والدي وأخبرته، وغضبت في بيت أهلي حوالي 7 شهور، بعد ذلك حلت الأمور ورجعت إليه، وكانت الأمور بعد الرجوع عادية، ثم ساءت الأمور أكثر من الأول، فأصبح يشتمني ويضربني على أتفه الأسباب وأمام أبنائه.

عندما كنت في بيت أهلي لم يكن يضربنا أبي ولا يشتمنا ولا يعاقبنا، كنا إذا فعلنا شيئا يعاقبنا عقابا نفسيا، يحرمنا من شيء أو من هذا القبيل، يعني علاقتي بوالدي علاقة صديق بصديق، أحكي له كل شيء: مشاكلي، خواطري، لم أشعر يوما بأنه متسلط أو غاضب، عكس بيت خالتي، فأبي صديقي، علما بأنني أنا الابنة الكبرى، صرت الآن متشتتة عقليا وذهنيا بين المعاملة في بيت زوجي وبيتنا.

زوجي طيب، وبنفس الوقت عصبي وغيور، وتطبع بطبع والده,،المشاكل دائمة في حياتنا بسبب اختلاف الطباع، وعائلة زوجي تريدني تحت أمرهم في كل شيء، وأنا أحب زوجي كثيرا، ولا أعرف أن أتأقلم معه بسبب طبعه الغريب، في المدة الماضية بدأ زوجي يعاملني بجفاف، ويصرخ علي، ويهملني عاطفيا ونفسيا وجنسيا، عندما أكلمه في هذه الأمور يقول لي: إن حالتي النفسية لا تسمح، وإنني مهموم يعني يهرب من الرد، وأنا -والله- تعبت جدا من المشاكل، فهو يهملني، إذا كلمته في البداية يقول لي: اسكتي، إذا تماديت في النقاش يهينني ويشتمني، إذا احتد أو كثر النقاش يضربني، لا أعرف ماذا أفعل؟

أفيدوني بالحل أرجوكم، وقد اكتشفت أن زوجي له علاقات على النت في الفيس بوك، ومواقع أخرى، يعني زوجي مدمن النت؛ لدرجة أنه يقفل عليه الباب بالساعات، ولا يهتم بأولاده ولا أنا، حتى علاقتنا الجنسية أصبح فيها فتور وجفاف، مل كل منا من الآخر، أريد الحل أرجوكم.

أريد أن يرجع زوجي لي، أريد حياة سعيدة بعيدة عن المشاكل؛ لأني صراحة مللت، أريد حياة زوجية سعيدة أربي فيها أولادي بعيدا عن كل هذه الأمور، أنا أحب زوجي جدا، ولا أريده أن يبتعد عني أنا وأولادي، لكن في ذات الوقت لا أريده أن يعاملني هذه المعاملة.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب,،نسأل الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، ويقر عينك به.

لا شك -أيتها الكريمة- أنك أصبت في تشخيص أسباب هذا التصرف من زوجك، وأنه متأثر بوالده، وعلمك بهذه الأسباب يسهل عليك العلاج، ولذا فنصيحتنا لك أن تتعاملي مع مشكلة زوجك بنوع من الصبر، وتأخذي بالأسباب التي تجنب زوجك الوقوع في مثل هذه المواقف، ولذا نضع بين يديك بعض النصائح نتمنى أن تأخذي بها بجد، -وإن شاء الله- سترين آثار ذلك في حياتك ظاهرة جلية.

أول هذه النصائح -أيتها الأخت-: أن لا تعاملي زوجك معاملة الند بالند، فيحتاج بعد ذلك إلى استخدام العنف، أو القوة لقوته وقوامته عليك، فتجنبي دائمًا معاملته بالندية، وإذا وجد أنك لا تضعين نفسك ندًّا له فإنه لن يلجأ إلى أساليب أخرى ليفرض إرادته وقوة شخصيته.

الوصية الثانية: تجنبي -أيتها الكريمة- أسباب الغضب بالنسبة لزوجك بقدر الاستطاعة، فالجدال في الكلام مذموم مع كل أحد، وهو بين الزوجين أشد، قد يكون النقاش مطلوبا في بعض القضايا لكن إذا وصل إلى حد إغضاب أحد الطرفين فإنه لا ينبغي الاستمرار فيه، فحاولي دائمًا أن تتجنبي مواطن الغضب، فإذا كان النقاش سيجرك إلى الغضب فتجنبيه، وهذه وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد جاءه الرجل يسأله وصية فأوصاه ثلاث مرات قائلاً له: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب) أي لا تدخل نفسك فيما يؤدي بك إلى الغضب، فتجنب أسباب الغضب أمر مهم جدًّا، لاسيما وأنت تعلمين أن زوجك يغضب، وإذا غضب تغيرت أخلاقه، وأتى إليك بما لا حاجة لكما به.

الأمر الثالث -أيتها الكريمة-: حاولي أن تغتنمي أوقات هدوء زوجك فتبيني له موقف الشرع الإسلامي من الغضب، وأنه مذموم شرعًا قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عن تعاطي أسبابه، وأنه يوقع في أخلاق وتصرفات وسلوك لا يرضي الآخرين، فإذا وجهت له هذه النصائح في أوقات هدوئه فإنها ستفعل -إن شاء الله- فعلها فيه.

هناك أمر مهم -أيتها الكريمة- أنت وزوجك في حاجة إليه، وهو: تقوية الإيمان، وتحسين الصلة والعلاقة بالله تعالى، فهذا هو مفتاح السعادة الحقيقية، والذي به تفتح السعادة أبوابها على مصارعها، ومن فقده فإنه سيعيش أنواعا من التعاسة بحسب بعده عن الله تعالى، فحاولي أن تقوي إيمانك أنت بكثرة الطاعات، والاستماع إلى المواعظ، وحاولي أيضًا أن تفعلي ذلك مع زوجك، فإنه إذا قوي إيمانه ردعه هذا الإيمان عن الوقوع فيما حرم الله -عز وجل- عليه، فحاولي أن تسمعي أنت وزوجك في أوقات الفراغ، وقد يكون ذلك أثناء سيركم بالسيارة أو نحو ذلك، أن تستمعا جميعًا إلى المواعظ التي تذكّر بالآخرة، بالجنة وما فيها، والنار وما فيها، وأحوال الناس عند العرض على الله تعالى يوم القيامة، وكيفية عرض الأعمال، والوقوف على رؤوس الأشهاد والناس يوم القيامة، وأحوال القبر وما فيه من أهوال، فكل هذه المواعظ من شأنها أن ترقق القلب، وتطرد عنه الغفلة، وتحسن بذلك أعمال الجسد الظاهرة من أعمال وأقوال، فإن القلب إذا صلح صلحت سائر الأعمال، وإذا فسد فسدت سائر الأعمال.

أنت بحاجة -أيتها الكريمة- أن تحسني التبعل لزوجك بقدر الاستطاعة، وتكوني له الزوجة اللينة الذلولة، وكلما أحسنت أداء هذا الجانب في حياتك الزوجية فإن أثر هذا سيعود عليك وعلى زوجك، وستجدين أن أخلاق زوجك تحول كل يوم من الشدة إلى اللين، ومن القسوة إلى الرحمة، فإذا شعر بأنك أضعف منه، وأنك ألين منه، فإن هذا سيدعوه إلى أن يبادلك نفس المشاعر، ويعاملك بالأسلوب ذاته.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير وزوجك وأولادك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب هبة الرحمن

    صديقتي تعيش نفس المشكل من ناحية زوجها و تعرفه علي البنات في فيسبوك
    مع أن زوحها ليس من عائلتها فهي تعيش حياة تعيسة هي أيضاً تحبه كثيرا لا تستطيع العيش من غيره أسأل الله ان يصلح ما لكما أخواتي حياتكم الزوجية

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً