الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي معاملته قاسية وولّد عندنا خوف وكره له، فهل عققناه؟

السؤال

نحن أسرة مكونة من ثلاثة أبناء وأمي وأبي، أبي كان يعمل في الشرطة، وأصبح كتوماً قليل الكلام وجديا وقاسيا بعض الشيء معنا ومع أمي، ولم يكن يضحك معنا كثيرا ولا يلاعبنا إلا عندما كنا صغارا، وولد ذلك عندنا رهبة منه وخوفا، وعندما كبرنا قليلا بدأنا نلاحظ قلة احترامه لأمي عندما يخاطبها وهو غاضب وعصبيته ظاهرة لأنه مريض بالسكري، وأصبحنا نحقد عليه أنا وأختي.

أما أخي فلا أعلم نسبة ذلك، لكنه كريم ينفق علينا في الصحة والمرض وكل حاجياتنا يقضيها، ومستوى عيشنا كريم جدا - والحمد لله - لكن عندما يعامل أمي بقلة احترام وفظاظة ويجرحها بالكلام أمامنا وينقص من قيمتها أحقد عليه أنا وأختي، وأستغفر الله على ذلك، لكن هذا ما يحصل لنا، وعندما نغضب منه جراء ذلك نتحدث عنه بسوء بيننا، وأقول لأمي أنت السبب في اختيارك وسبب عقدنا النفسية.

فهل نحن جاحدون لجميله وعاقون له؟ ونغضب أمنا ونؤلمها بهذا الكلام؟ كيف أبر والدي وأمي؟ كيف أكفر عما اغتبته به في لحظات الغضب وغيرها؟ كيف أتعامل معه وأنسى ما يفعل؟ كيف أبره؟ هل يمكن أن أعتذر منه مثلا بشراء هدية؟ أو أستغفر الله؟ أو أقوم بأمر يأمرني به بنية البر والاعتذار؟

جزاكم الله خيرا، وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم بحول الله، ووفقكم الله يا إخواني الكرام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مغربية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك أختنا الفاضلة في موقعك إسلام ويب، وأسأل الله أن يبارك فيك وفي أمك وفي إخوانك جميعا.

أختنا الفاضلة: إن حق الوالدين عظيم القدر لا يبلغ الإنسان مهما فعل أن يوفيهما حقهما، لقد أخطأت أيتها الفاضلة وأخطأت معك أختك كذلك، فما بين الزوجين أمر معظم، والأصل ألا يتدخل الأبناء في مثل هذه الأمور قط، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيعتقه) وقد انتهى العتق ووالدك حر، وهذا يعني أنك مهما فعلت فلن توفيه حقه، كان ينبغي عليكما أن تراعيا تعبه وجده واجتهاده من أجل أن يحصل لكم ما تحتاجون وأنتم آمنون مطمئنون، كان ينبغي أن تراعوا كبر سنه ومرضه، وأن تكونوا سندا له، كان ينبغي أن تعرفوا ما فعل لأجلكم وأنتم أطفال صغار، وأن تعرفوا مدى معاناة الوالد والوالدة من أجل حمايتكم من كل مكروه، لقد نظم شاعر عربي قصيدة في والده يقول في بعضها:

كم سابقَ الفجرَ يسعى في الصباح ولا
يعودُ إلا وضوءُ الشــــــمــــــس قد حُجبـــا

تقول أمي: صغارُ البيــــــت قد رقدوا
ولم يَرَوْك, أنُمضــــــي عمرَنــــا تعَبــــا؟

يجيب: إنِّي سأســــــعى دائمــــاً لأرى
يوماَ صغـــاريْ بُدُورَاً تزدهــــــي أدبــــــا

حماك ربي من الحُسَّـــــــــــــاد يا أبتي
قد ارتقيتَ, وكـــم من حاســـــــدٍ غَضِبَــــــا

فاحفظ لنا ربَّنا دينــــــــــــاً نَديـــــنُ به
قد شرَّف العُجمَ طُولَ الدهــــــــرِ والعَــــربا

واحفظ لنا والدي والأُمَّ يا ســـــــــــندي
وإخوتـــــــي وأناســــــاً حبُّــــــهُم وجَبـــــــا

وأتمنى عليكما مراعاة عدة أمور:

1- الاستغفار عما قمتما به والتوبة إلى الله عز وجل.

2- عدم التدخل فيما بين الوالدين إلا للتهدئة، كأن تخبري أمك مثلا أن تصبر وأنه مريض وهو يحبك، ومثل هذا الكلام.

3- الاجتهاد في البر به وطاعته في أمر.

4- لا تخبروه بما تحدثتم فيه عنه فإن ذلك يؤذيه.

وأخيراً: أسأل الله أن يبارك فيكما وفي والديكما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً