الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الخجل وأدير الحوار بشكل جيد؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحب أن أشكركم على الجهود المبذولة، جعلها الله في ميزان حسناتكم.

أنا أدرس في أمريكا, وأنا الآن في الشهر الثاني، أعاني من مشكلة بسيطة وهي: أنني إذا أحرجت أحاول أن أتكلم كثيراً وأشعر بارتباك, - والحمد لله - أنا أمتلك شخصية جيدة، ولكن وقت الإحراج، وغالباً في المواقف التي تأتي صدفة مثل أن أمشي في الشارع وفجأة ألتقي بمدرسي, وبعض الأحيان أحرج وأتكلم كثيراً، أحاول فقط أن أتكلم وأكون محرجاً لا أدري ما السبب، ويكون تفاعلي ليس جيداً.

على سبيل المثال بالأمس شاهدتني مدرستي وأنا آكل في المطعم مع زملائي فسلمت علي وقالت لي: كيف حالك قلت: طيب, وأنتِ كيف حالك قالت:(good) وبدأت مظاهر الإحراج تبدو علي، فبدأت أتكلم كثيراً وأسأل كثيراً وأحاول أن أظهر بشكل جيد، وأتمنى أن ينتهي اللقاء بسلام, وبعد اللقاء أشعر بتأنيب الضمير وأن أدائي لم يكن جيداً، فأتحطم.

كيف أدير الحديث في المواقف التي تأتي صدفة أو إذا شعرت بالإحراج؟ أريد أيضاً معرفة كيف أصبح شخصية لا تستحي أبداً؟ وكيف أكون متحدثاً جيداً ولبقاً وأنهي المواقف بشكل جيد وأصبح محبوباً؟ علماً بأنني دائماً أسمع كلاماً جيداً وثناء لي, وعلاقاتي جيدة.

أيضاً مدرسة القراءة تحب أن تتحدث إلي، ولكني طول الوقت أشعر بالإحراج ولابد أن أكون لبقاً وأنهي المحادثة بشكل لبق، فأصبح مهووساً وأحاول أن أتحدث كثيراً, وفي بعض الأحيان أشعر بثقة كبيرة إذا لم أحرج.

سؤال آخر: كيف يصبح الإنسان ناجحاً ومجتهداً ومتحدثاً ومديراً جيداً للحوار؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

من الواضح - كما ورد في سؤالك - أن لديك شخصية جيدة ومحبوبة واجتماعية، إلا أنك تجد حرجاً عند اللقاءات الفجائية التي لم تتوقعها، حيث ترتبك وتحاول إخفاء ارتباكك بكثرة الكلام وطرح الأسئلة, وربما يعود هذا الأمر- وفي سؤالك القليل مما يشير لهذا - إلى أنه عندك ربما صفة النزعة إلى الإتقان والكمال (perfectionism) حيث تحب أن تكون الأمور في حياتك أقرب إلى الكمال والمثالية، والذي عنده مثل هذه الصفة قد يميل للسيطرة على الموقف الذي هو فيه، ولا يرتاح عادة للمفاجأة، لأنه لا يكون قد استعد وجهز نفسه بالشكل الكامل، ولذلك يرتبك، حيث يشعر بأنه في بيئة غريبة لم يحضر نفسه لها.

أنا أرجح هذا التفسير لما ورد في سؤالك من رغبتك في أن تصبح متحدثاً جيداً ولبقاً، وأن تصبح ناجحاً ومجتهداً، وأن تصبح مديراً للحوار، فإن لم يكن هذا ميلاً للإتقان والكمال والسيطرة فماذا يكون؟!

ما يؤكد هذا أيضاً أنك ترغب في تحصيل كل هذا، مع أن آراء الناس فيك جيدة، وأنك تسمع منهم كلاماً جيداً وثناءً، ولكنك تطمح للمزيد والمزيد، وهذه الصفة من الميل للإتقان والكمال ليست مشكلة بحدّ ذاتها، بل هي صفة تقف وراء الكثير من الناس الناجحين في الحياة، يقول المتنبي في هذا المعنى:

ولم أر في عيوب الناس عيباً *** كنقص القادرين على التمامِ

نعم، بشرط ألا نبالغ في هذه الصفة، وما زاد عن حده انقلب إلى ضده - كما يقال - وربما تفرض علينا الحياة أحياناً القبول بما هو أقل من الكمال، وصاحب هذه الصفة قد لا يعاني الكثير بقدر معاناة الذين يعيشون معه، حيث إن ما يريد تحقيقه يفوق بكثير ما يستطيعه الآخرون.

الأمر الآخر: أنك في أمريكا منذ شهرين فقط، ولاشك أنك تشعر الآن بالشوق لأهلك، والوحشة من البعد عن بلدك وأهلك، فارفق بنفسك، وأعط نفسك بعض الوقت لتستقر، وتشعر بالمزيد من الارتياح.

ننصحك بمراجعة هذه الاستشارات التي تتحدث عن علاج الخجل سلوكيا (267019 - 1193 - 280445 - 278063) ففيها نفع كبير.

وفقك الله في دراستك، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً