الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من تأثير للحبوب النفسية على الجنين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني في شبكة إسلام ويب: بارك الله فيكم، وأجزل لكم الأجر والمثوبة على ما تقدمونه لإخوانكم المسلمين.

سأطرح عليكم استشارتي مباشرة.

أُصبت قبل سنتين بمرض الرهاب الاجتماعي، وأخذت على إثره عقاقير نفسية، وهي سيروكسات 20 mg حبة ونصف حبة 1 mg يومياً، ولله الحمد ارتحت كثيـــراً بعد تناولي إياها، وعدت لطبيعتي قبل المرض، وأصبحت مطمئنة مرتاحة آمنة.

ثم بدأت أترك تلك الحبوب تدريجياً، وأثناء ذلك اكتشفت أني حامل فتركتها مباشرة لعلمي بخطورة بعض الحبوب النفسية على الأجنة وما تسببه من تشوهات وغيرها، ومع بداية الحمل عاد إليّ المرض وعادت أعراضه الكريهة والوضع يزداد سوءاً، لدرجة أني لا أطيق الخروج من منزلي لخوفي الشديد من الناس، والآن أنا حامل في الأسبوع الأخير من الشهر التاسع، فهل يمكنني الآن تناول تلك العقاقير؟ وهل هناك خطورة منها على الجنين؟

وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل يمكنني تناولها بعد الولادة مباشرة، مع العلم أني أودّ إرضاع طفلي الرضاعة الطبيعية، فهل من الممكن أن تؤثر تلك الحبوب على رضيعي أو تسبب له خطراً لا سمح الله؟

وهل تلك الحبوب من النوع الذي يدمن عليه المريض فلا يستطيع الفكاك منه؟

أسأل الله بمنه وكرمه وجوده وإحسانه أن يمّن عليكم بالنعيم المقيم والصحة الدائمة، وأن يبارك فيكم ويحفظكم ويرزقكم من خيري الدنيا والآخرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عدي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن الرهاب الاجتماعي مرض منتشر، ويتفاوت في حدته وشدته، وهو نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، وأهم شيء في علاج الرهاب الاجتماعي هو أن يصحح الإنسان مفاهيمه حول هذا المرض، فالكثير من الناس يأتيهم اعتقاد بأنهم يتلعثمون أمام الآخرين، وأنهم ربما يصابون بالإغماء في حالة المواجهات الاجتماعية، هذا كله ليس صحيحًا.

والجانب الآخر في تصحيح المفاهيم هو أن الإنسان عليه أن يشعر بقيمته الذاتية، وأنه لا يقل عن الآخرين أبدًا في أي شيء، والبشر هم البشر مهما كانت مواقعهم أو مناصبهم أو درجاتهم.

والأمر الآخر هو ضرورة التواصل الاجتماعي، هنالك أنواع من التواصلات الاجتماعية المحفزة والمشجعة، مثل هذه التواصلات ممكنة جدًّا، وكثير من الناس عالجوا أنفسهم من خلالها، وأعطيك أمثلة بسيطة: مثلاً حضور حلقات تحفيظ القرآن لدى النساء، هذا تواصل اجتماعي ممتاز، والإنسان يحس أنه يعيش ويتفاعل مع مجموعة تبعث فيه الطمأنينة في نفسه، وهذا يقضي تمامًا على موضوع الخوف والهرع، أيضاً زيارة الأرحام، وزيارة المرضى في المستشفيات، والانخراط في الأعمال الخيرية ، هذا كله تواصل اجتماعي مهاراتي مفيد وفي نفس الوقت يعالج الرهاب الاجتماعي.

النقطة الثالثة أختي الكريمة هي: من المهم جدًّا أن يكون الإنسان إيجابيًا في تفكيره، فمن الأشياء المضرة جدًّا للناس هو سيطرة الفكر السلبي المشوه على الإنسان، فتجد بعض الناس ينظرون إلى حياتهم بقتامه وسوداوية وسلبية مطلقة، هذا الأمر حقيقة يجب أن يتم التخلص منه مهما كانت هنالك العثرات، لكن أنا أعتقد اعتقادًا جازمًا أن كل إنسان لديه إيجابيات في حياته، فانظري إلى حياتك من هذا المنحى، ولا شك أنه لديك إيجابيات كثيرة، فأنت الحمد لله لديك الأسرة، ولديك البيت، ولديك الزوج، والآن بفضل الله تعالى تستعدين لاستقبال مولودك، نسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة، وهنالك أشياء كثيرة أنت أدرى بها في حياتك، وكلها إن شاء الله تعالى محطات إيجابية، يجب أن تعظمي من شأنها ويجب أن تعطيها الاعتبار.

ربما أكون قد أطلت عليك بعض الشيء، لكن هذه النصائح التي ذكرتها لك مهمة جدًّا من حيث إنها موجّهات سلوكية تساعد كثيرًا في علاج القلق والرهاب والاكتئاب.

كما أن تمارين الاسترخاء لا بد للإنسان أن يتدرب عليها وهي سهلة جدًّا، واجعليها نمطاً في حياتك، يمكنك أن تتحصلي على كتيب أو شريط أو تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت لتتدرب على هذه التمارين.

فيما يخص العلاج الدوائي: أولاً أنا لا أريدك أبدًا أن تعيشي تحت القلق الافتراضي، ماذا سوف يحدث بعد الولادة؟

من الجميل أن تطرحي سؤالك من أجل التشاور، لكني في نفس الوقت لا أريدك أبدًا أن تكوني قلقة حول المستقبل، المستقبل دائمًا بيد الله، وإن شاء الله تعالى تضعين الطفل بالسلامة وتفرحي به، وليس من الضروري أن يأتيك أي خوف أو اكتئاب أو رهاب، ضعي عنك هذه الاحتمالات، هذا أمر مهم جدًّا.

الأمر الثاني هو: بالنسبة لاستعمال الأدوية في أثناء الحمل، أنت الآن في مرحلة متقدمة في الحمل أو في نهاياته، وهذه مرحلة سليمة جدًّا بالنسبة للأدوية، لكن يفضل في الأسبوع الأخير قبل الولادة أن لا يتناول الإنسان أيضًا الأدوية النفسية، لأن التأثير على الطفل في بعض الأحيان قد يكون موجودًا، وذلك في صورة أن الطفل يولد وهو يعاني شيئاً من الهمدان أو الضعف البسيط، وحتى صرخته ربما تكون ضعيفة، وهذا قد يزعج الكثير من الأمهات.

لا توجد خطورة حقيقة لكن هذه ملاحظة، ولذا نحن ننصح الأمهات بتجنب الأدوية النفسية في الأسبوع أو الأسبوعين الأخيرين قبل الولادة، أما في هذه المرحلة التي أنت فيها فالدواء سليم جدًّا، وفاعل وليس له أي أضرار.

بالنسبة لتناول الدواء بعد الولادة، أنا لا أفضل ولا أحبذ أبدًا أن يتم تناول الأدوية النفسية بعد الولادة بالنسبة للأم المرضع، لكن هنالك حالات استثنائية، هذه الحالات الاستثنائية يفضل أن تكون تحت الإشراف والإرشاد الطبي اللصيق.

والمبدأ العام هو: إذا احتاجت الأم أن تتناول دواء نفسياً يجب أن لا تُرضع، هذا أفضل، وفي نفس الوقت نطالب الأمهات بأنه يجب أن لا يحدث أي إحساس بالذنب أنها قد قصرت في حق الطفل وأنها لم تكمل الرضاعة وشيء من هذا القبيل، لا، إذا كانت هنالك حاجة للعلاج فالعلاج أولى والطفل إن شاء الله لن يتأثر سلبًا لأنه توجد بدائل كثيرة جدًّا، هذا هو القانون الذي أفضله.

هنالك أمر آخر: فترة الثلاثة أشهر الأولى في عمر الطفل يكون موضع ووضع الكبد فيه شيء من الحرج فيما يخص ما يسمى بالنشاط أو التمثيل الأيضي والاستقلاب للأدوية، هذا أيضًا سبب مهم، لذا لا ننصح باستعمال الدواء، وإن كان يقال أن الزيروكسات بجرعة نصف حبة في اليوم لا بأس في ذلك.

أرجو أن تتركي الأمور عند هذا الحد، ويمكنك أن تتواصلي معنا بعد الولادة إذا أحسست بأي شيء، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً