الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بقلق يلازمني وعصبية وحزن ووساوس، فهل من علاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بدأت مشكلتي منذ سنوات سابقة قد تصل ل10 سنوات حين تعرضت لضغوطات نفسية ومشاكل مع إحدى المدرسات وقت دراستي وأثرت فيني تلك الضغوطات تأثيرا سلبيا ولاحظ أهلي تغير حالي للأسوأ، ذهب أبي بي لطبيب نفسي ما فعله هو إعطائي حبوب لمساعدتي على النوم.

حاليا وبعد سنوات طوال من معاناتي مع الأرق والقلق الذي يأتي ويعود لي بعد أشهر لكن هذه المرة طال مكوثه معي . أصبت بضغط نفسي شديد أثر على تعاملي المباشر مع آهل زوجي، وكنت أشكو قلة النوم والتفكير المستمر وصعوبة الشعور بالراحة لدرجة أني أصبت بوساوس مختلفة أثرت فيني وهزّت كياني، لا أنكر أني استفدت من استشاراتكم بهذا الخصوص ولكن ما يلبث أن يعود لي التفكير والهم والحزن، أحاول أن أخرج من هذا النطاق الغير سار.

أم لطفلتين وأعاني من سرعة الغضب وقلة الراحة، أتألم بشدة وأبكي بغزارة حين اضرب ابنتي (سنتين ونص) لا استطيع وصف حالتي، أصرخ بقوة وكأنها ستمتنع ثم أضربها بيدي لعلها تفهم! لكن لا يزيدها إلا عناد وصراخ ويزيدني ألم وندم وتعذيب لنفسي.

وصلت لمرحلة تعبت نفسيتي أكثر وأكثر، صرت لا أحس بالفرح ولا بالمرح، من فترة ذهبت لمستشارين للأسف الشديد لم استفد منهم كل ما خرجت به نصائح جدا بسيطة ولا أي تقدير لحالتي.

أصلي وأعبد الله وأبكي ليلاً ونهاراً أن يشفيني مما فيني، لأني تعبت أريد أن يتغير تفكيري كليا وأرجع كما كنت قبل 10 سنوات إنسانة تحب الحياة والمرح لا يخلو مني، الآن صرت عصبية وأفكر كثيرا فيما يقال لي، قد أستمر بالتفكير لعدة أيام.

زادت حدة القلق عندي بعد خضوع بنتي لجراحة ليست بالخطيرة ولله الحمد لكن إلى الآن مازلت أشعر بالقلق عليها، أفكر بمستقبل بناتي، أفكر بحياتي لكن لا أجد لخانة الفرح مكانا بتفكيري كلها أفكار سلبية، سألت نفسي مرارا وتكرار لماذا لا يتغير تفكيري إلى الايجابية ؟
أرشدوني رزقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم ضي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن حالة القلق والأرق وعدم الارتياح النفسي ربما تكون هي مؤشر على وجود اكتئاب نفسي من درجة بسيطة إلى متوسطة، والقلق الاكتئابي دائمًا يعطي الإنسان الشعور التشاؤمي واللجوء إلى الأفكار السلبية وأن يحمل الإنسان الأمور فوق ما تحمله من معاني حقيقية.

الفكر السلبي في بعض الأحيان يكون هو السبب في تعميق الاكتئاب النفسي، بمعنى أن الكدر وعسر المزاج ليس هو السبب المباشر في وجود الاكتئاب، إنما الفكر التشاؤمي هو الذي يؤدي إلى الكدر والاكتئاب، ولذا كثير من علماء السلوك ينصحون من خلال العلاجات المعرفية - لكن هذه لابد أن تكون تحت إشراف مختص - يُطلب من الإنسان السلبي والمتشائم والمكتئب بأن يكتب كل أفكاره السلبية، ثم تُناقش معه فكرة فكرة، ومن خلال الحوار والمداولة المستمرة وأن تُخضع الأمور للمنطق يصل إن شاء الله الشخص صاحب العلة إلى أن أفكاره هذه فعلاً أفكارًا مشوهة ويجب أن يتجاهلها، بل يجب أن يستبدلها بالفكرة المضادة لها، وهي بالطبع بفكرة إيجابية، وهنا يعمل المعالج على تدعيم الفكر الإيجابي.

هذه الطريقة جيدة جدًّا للعلاج، لكنها تتطلب الإشراف من المختص، بصفة عامة ما يمكن أن تقومي به هو: أن تفكري إيجابيًا، أن تتذكري النعم التي أنت فيها، أن تديري وقتك بصورة صحيحة وتستفيدي منه تمامًا، أن لا تتركي للفراغ مجالاً، أن تتواصلي اجتماعيًا، أن تمارسي الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة متى ما كان ذلك متيسرًا، لأن الرياضة وبما لا يدع مجالاً للشك أثبت العلم أنها هي من وسائل علاج القلق والتوتر والاكتئاب.

عليك بالرفقة الصالحة الطيبة، هذا أيضًا يمثل ركيزة ودعم أساسي للإنسان، إذن قد لا نكون أضفنا كثيرًا للنصائح التي ذكرها لك الطبيب، والقليل الذي ذكرناه نسأل الله تعالى أن ينفعك به.

لا شك أن العلاج الدوائي مطلوب ومفيد، لكن بكل أسف بعض الناس يعتمدون اعتمادًا قاطعًا على الدواء ويتركون الجوانب السلوكية الأخرى، والإنسان حباه الله تعالى بقوة داخلية خفية متى ما استغلها يمكن أن يتغير، قال تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} ومن وجهة نظري المتواضعة أن التغيير يأتي من خلال الإصرار والحكم على النفس بما تنجزه من أفعال وليس من خلال المشاعر، وإدارة الوقت بصورة صحيحة، وأن يكون إنسانًا نافعًا لنفسه ولغيره، وأن يعيش حياته بقوة والمستقبل بأمل ورجاء، هذه هي الأسس التي تؤدي إلى تغيير الذات.

الأدوية المضادة للاكتئاب كثيرة وجيدة، والدواء الذي يساعد في تحسين النوم وإزالة الاكتئاب هو عقار (ريمارون) والذي يعرف علميًا باسم (ميرتازبين) وجرعة البداية هي نصف حبة - خمسة عشر مليجرامًا - يتم تناولها ليلاً، ساعتين قبل النوم، وبعد شهر ترفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلاً، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم يمكن التوقف عن تناول الميريتازبين.

هنالك دواء آخر داعم لفعالية الريمارون ويزيل القلق والانفعالات السلبية، الدواء يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول) واسمه العلمي (فلوبنتكسول) وجرعته هي حبة واحدة في الصباح، يتم تناولها يوميًا لمدة ثلاثة أشهر.

الصحة النومية تحسن من خلال التركيز على أذكار النوم، وأن يجعل الإنسان نفسه في راحة نفسية وجسدية ساعة على الأقل قبل النوم، وأن يثبت الإنسان وقت الفراش، وأن يتجنب تناول الميقظات مثل الشاي والقهوة والبيبسي والكولا والشكولاتا، أو كل مركب آخر يحتوي على مادة الكافيين، هذه يفضل أن لا يتناولها الإنسان بعد الساعة السادسة مساء.
ممارسة الرياضة مفيدة، وقد ذكرنا ذلك مسبقًا، كما أن تجنب النوم النهاري يعتبر أمرًا ضروريًا لتحسين الصحة النفسية والنومية.
والله الموفق

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً