الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالنقص وفقدان الثقة بالنفس... فما الحل؟

السؤال

مشكلتي تبدأ منذ صغري، كنت طفلاً ذا شخصية قوية جداً فتشاجرت مع شخص بالمدرسة، وكان أكبر مني فضربني، وبعد هذه الأحداث أصبحت شخصيتي مهزوزة، وانطوائياً نوعاً ما، شعرت بانكسار وأني ضعيف، وتعرضت للتحطيم منذ صغري، سواء من المدرسين أو أحد أقاربي، فكنت أخشى الحديث مع أحد خوفاً من أن يسخروا مني، لم أعد أثق بنفسي، وأحياناً أشعر أن بعض أحاديثي تجلب السخرية مني في نفوس الآخرين، ولا أثق بمظهري الخارجي، فأحياناً أقف أمام المرآة فترة طويلة لتعديل ملابسي لكي لا يسخر مني أحد، وإذا مررت بالقرب من أشخاص لا أعرفهم وأراهم يضحكون أسأل نفسي هل يضحكون عليّ أم على شيء آخر؟! وأشعر أن الناس يكرهونني ولا يريدونني، فبعض الأحيان إذا كنت جالساً عند عدد قليل من الأشخاص في المجلس أقول لنفسي سأخرج هم لا يريدونني، وأقارن نفسي بأشخاص آخرين، وهذه المقارنة تقتلني بقوة، وأعاني من التفكير الشديد والقلق، خصوصاً إذا حدثت مشكلة ولو كانت صغيرة، وفي بعض الأحيان أسرح عن المحيط الذي أنا فيه، وأحياناً أعاني من التفكير من لا شيء.

في الفترة الأخيرة حاولت أن أحرر نفسي من الانطوائية، فكنت أتحدث مع أشخاص آخرين لا أعرفهم، سواء في المدرسة أو في أي مكان آخر، على أمل أن أكون منفتحاً اجتماعياً، فتحسنت حالتي قليلاً من الناحية الاجتماعية، وأصبحت لدي جرأة أكثر من ذي قبل.

آسف على الإطالة، فقد حاولت أن أسرد كل ما عندي لتتضح الصورة لكم، وكل الشكر لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غالي الأثمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فرسالتك أعجبتني كثيراً، وهي واضحة وتعبر عن مشاعرك، وحقيقة ما ذكرته يفوق عمرك الميلادي، وهذا دليل أن عمرك متطور جداً - بفضل الله تعالى - والذي أريده منك هو أن تستغل هذه المقدرات العقلية الطيبة لتغيير هذه الأفكار النمطية السلبية الدعامية عن ذاتك.

أنت قرنت ما بين الحادثة التي حدثت لك حينما كنت طفلاً في المدرسة -حيث تشاجرت في المدرسة مع شخص وكان أكبر منك فضربك- وبين ما يحدث لك الآن، من هنا تعتقد أن شخصيتك قد أصبحت مهزوزة، هذا المفهوم ليس صحيحاً، أعتقد أنك حاولت أن تجد تفسيراً لما بنيته الآن من أفكار سلبية حول نفسك، دائماً الناس تحاول أن توجد قرائن أو روابط أو أحداث يرجع لها الإنسان ليبحث من خلالها عن السبب أو العامل الذي جعله يشعر سلبياً حول نفسه، فالماضي دائماً نقول أنه عظة وعبرة ويجب أن ندفنه في خزانة النسيان كما يقولون، فيجب أن تعيش الحاضر وتعيشه بقوة وبإيجابية.

الذي لاحظته أن انشغالك بمظهرك وبعض التوجسات البسيطة التي تأتيك حول نوايا الناس، هذا دليل قاطع أن شخصيتك حساسة، وهذه الأفكار هي أفكار سلبية وليست إيجابية، والشيء السلبي دائماً يعالج من خلال التحقير والتجاهل، وأن نضع فكراً مخالفاً له، وهذا الذي نرجوه منك.

أعتقد أن الطريقة التي عبرت بها في رسالتك كافية جداً لتشير إلى حجم وكمية القدرات التي تتمتع بها، فيجب عليك أن تستغلها استغلالاً إيجابياً، أنت في مرحلة عمرية حرجة لكنها أيضاً فترة جيدة للتأمل وللتفكر؛ ولأن تبني نفسك وجدانياً وعاطفياً ونفسياً، وفي هذه المرحلة يجب أن توجه طاقاتك نحو الدراسة، ضع أهدافاً لك، حتى هذه الأهداف إذا كان فيها شيء من أحلام اليقظة هذا ليس مرفوضاً، لكن لابد أن تضع الآليات التي توصلك لهدفك، وأعتقد أن هدفك أن تكون متميزاً، الإنسان حتى وإن كان فيه عيوب - أو هكذا يعتقد - هذا يمكن التخلص منه من خلال بناء الذات، وبناء الذات يكون بسلاح العلم وسلاح الدين، فعليك بالدين والتحصيل العلمي الرصين.

عليك بإدارة وقتك بصورة جيدة؛ لأن هذا من وسائل النجاح المعروفة والمجربة، واجعل صحبتك صحبة طيبة وخيرة لأن الإنسان يتخلق بأخلاق خليله، وحينما يجد الإنسان من يعينه على أمور الدنيا والآخرة فهذا فيه خير ومنفعة كبيرة.

أنا مطمئن عليك تماماً، لا أرى أبداً ما يشير إلى وجود مرض نفسي حقيقي، أو علة سلوكية أو اضطراب في شخصيتك، هي مجرد أفكار ألبستها أنت الثوب السلبي، ومن خلال تحقيرها وتجاهلها والتفاؤل والرجاء نحو المستقبل، واتخاذ الآليات الصحيحة نحو النجاح، أعتقد أنك ستعيش حياة سعيدة ومستقبلاً باهراً.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول وسائل زيادة الثقة بالنفس سلوكيا: (265851 - 259418 - 269678 - 254892).

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً