الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يزعجني ابني بكثرة صراخه وكلامه غير المفوم... فكيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدايةً أحب أن أشكركم على مجهودكم الطيب، وأنا دائمة الثقة بإجاباتكم، حيث أنني أبحث عن إجابات لأسئلتي بمنتداكم الرائع، فجزاكم الله كل خير.

سؤالي: ابني عمره سنة وعشرة أشهر، كثير الحركة، ويتكلم ولكن بلغة غير مفهومة، ممكن يقول جملة كاملة ولا أفهمه، وعندما أسأله عن قصده يعيدها بنفس النسق، وعندما لا أفهمه يذهب عني، وعندما أحدثه بنفس لغته يرد علي، وأنا لا أحب أن يتعود على ذلك، فأحاول أن أبين له الحروف والكلمات، ولا يستمع إلي إلا ما ندر، أحياناً يردد معي لثواني ويذهب عني، وعندما أحاول محاورته أو أقول قصه لا يريد ذلك، يحب اللعب فقط ومشاهدة التلفاز، وخصوصاً أناشيد الأطفال، وبدأ يتكلم بشكل خفيف بكلمات، مثل: (تعال) أو (داده) للنوم، ويفهمني عندما أقول (دادا) يذهب لسريره، ويذهب للمطبخ عندما أقول (همي) ولا يقول ما يريد، يكتفي بالصراخ والبكاء، وإذا أراد شيئاً أفهمه، ولكني أريده أن يقول ما يريد.

هو كثير الصراخ من أي شيء يزعجه أو يريده يصرخ بشكل مزعج، حتى إنه يحرجني عند الناس، ويحب وجود الأطفال، ولكن يلعب وحده ويركض حولهم، ولكن لا يشاركهم ولا يحب الاجتماعات العائلية، فيبدأ بالصراخ والبكاء حتى يسكت ويتأقلم، ولكن ذلك يحتاج لوقت، وبعد ملاحظة الناس لذلك يزعجني ولا يحب الألعاب التي بالمجمعات، ولا يستمتع بها، يحب الركض والباب الكهربائي والسلم، وإذا خرجنا لا يريد أن يمسكه أحد، يريد الركض فقط.

علماً بأن بيتنا صغير، وأقفل جميع الأبواب حتى لا يعبث بشيء، ويذهب العصر لجدته ويستمتع جداً عندها، وهو كثير الملل في البيت، وأنا أحزن عليه من الملل، يتقلب على نفسه ويبكي يريد الخروج، وأنا لا أستطيع إخراجه بشكل يومي، يتعبني ولا يستمتع ويجعلني أركض وراءه، وإذا أمسكته يسقط نفسه بالأرض، ولا أعرف كيف أتصرف معه، أحياناً أشك بأن لديه فرط نشاط، نومه طبيعي، وأكله طبيعي، ويبادلني المشاعر.

أرجو النصح وإفادتي وكيفية التصرف معه كي يستمع إليّ ويفهم ما أقول، حتى إذا طلبت منه إحضار شيء لا يستمع إليّ، ويحاول ألا يستمع، وإذا صرخت عليه يعصب علي ولا يحضره، وأحاول بأسلوب التعزيز ولا يجدي أيضاً.

أرجو التركيز على موضوع الصراخ، لأنه يجعلني أعامله بطريقة تزعجني وتزعجه ولا ينفع التجاهل، بل يزيد، أرجو إفادتي، واعذروني على الإطالة، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فهنالك جوانب عديدة حول الأطفال الذين نرى أن حركتهم وصراخهم لا يُحتمل، وأهم هذه العوامل:

أولاً: هل هذا الطفل طبيعي أم غير طبيعي؟

المحور الثاني: درجة تحمل الأم، هل هي طبيعية أم أقل من المفترض؟

هذه أيتها الأخت الكريمة أسئلة لابد أن يُجاب عليها، فهذا الطفل - حفظه الله - أطمئنك أنه لا يعاني من أي علة رئيسية مثل أمراض التوحد وخلافه، حيث إنه يبادلك المشاعر، وهو طفل تفاعلي ولاشك في ذلك، وفرط الحركة البسيط في هذا العمر نعتبره طبيعيًا، والطفل ما دام يجلس ويشاهد التلفاز أعتقد أنه لا يعاني من أي فرط في الحركة نستطيع أن نشخصه كحالة مرضية.

الصراخ لغة يحاول أن يوصلها الطفل إلى من حوله للاستجابة لطلباته، أو شد الانتباه إليه، وهذا يعالج عن طريق التجاهل، وأنت حاولت هذا، لكني أقول لك حاولي مرة ومرة ومرة، لا تتوقفي أبدًا، ومع التجاهل حفزي طفلك للأوضاع التي لا يتوقع فيها التعزيز أو التحفيز، مثلاً فجأة احمليه وقبّليه، هذا يعطيه مردوداً إيجابياً جدًّا، وهناك وسيلة أخرى مهمة جدًّا وهي أن تلاعبي طفلك، أن تنزلي إلى مستواه وإلى عمره وكأنك أنت طفل آخر.

هذه ممارسات مع تجاهل أمر الصراخ أو لحظات مشاغبة الطفل وكثرة حركته، هذا علاج أساسي وضروري، وهو ناجح ولا شك في ذلك، لكن مثل هذه الأمور التربوية السلوكية تتطلب الصبر، تتطلب التحمل، وأنت دائمًا انظري إلى ابنك على أنه نعمة عظيمة وهبها الله تعالى لك، حين تأتيك نزعات الانزعاج، عدم التحمل، عدم الصبر، قولي: (هذه مرحلة طبيعية في الأطفال، ربما أنا كنت كذلك حين كنتُ في عمره، وهكذا هو يعيش في عالمه، فلماذا أنا أحرمه) هذه هي الطرق الجيدة والمفيدة.

بالنسبة للكلام: الطفل الذي يتكلم لغة غير مفهومة غالبًا هو طفل واسع الخيال، تختلط عليه الحقائق بالخيال، ولذا تكون له طريقته في الكلام أو لغته المعينة، وهذه يجب أن لا تجاريه فيها، لا تخاطبيه بنفس هذه المفاهيم حتى لا تعززيها، تجاهلي طريقته في الكلام وتكلمي أنت معه بطريقة عادية، وأعطه فرصة متى ما أتيحت لأن يختلط بالأطفال، وأنت ذكرت بأنه لا يحب اللعب معهم، لكن بشيء من التدريج والممارسة أعتقد أنه سوف يختلط ويتفاعل مع الأطفال، والألعاب ذات الصفات التعليمية التي تناسب عمره أيضًا سوف تكون مفيدة له جدًّا.

هنالك أمر أيضًا لابد أن أذكره: الأطفال حين يصرخون أو يتكلمون بلغات غير مفهومة كما ذكرت في بعض الحالات النادرة يكون لديه مشكلة في السمع، لا تقلقي لهذا الموضوع أبدًا، أنا متأكد أنك تابعت طفلك حين كان صغيرًا، ومن الأصول الطبية المعروفة لدى أطباء الأطفال هي التأكد من السمع.

أخيرًا: حاولي أن تأخذي أكبر قسط من الراحة حين يكون الطفل نائمًا، هذا مهم جدًّا؛ لأن تعب الأم أيضًا ينعكس عليها سلبًا.

أسأل الله أن يحفظه وأن يجعله قرة عين لكم، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • عمان ام المنتصر

    سبحان الله كأنك تتكلمين عن ابني بنفس التفاصيل
    واستمر بنفس الوضع حتى اكمل سنتين و7اشهر وا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً