الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رغم إقلاعي عن الإدمان أعاني من كثرة النسيان والإهمال الشديد والنوم

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وبعد:
مشكلتي يا دكتور - جزاك الله خيراً - أني في سن السابعة عشرة بدأت في طريق الإدمان (حبوب وحشيش وخمر) والآن بعد 8 سنوات توقفت عن الإدمان - ولله الحمد - أي عمري الآن 25 سنة، وتعالجت عند طبيب مختص وتحسنت حالتي، ولكن يا دكتور أعاني الآن من النسيان الشديد، لدرجة أن أي أحد من الناس يقول لي شيئاً بعد نصف دقيقة تقريباً لا أذكر ماذا قال لي، ولدي أيضاً إهمال شديد لنفسي ولباقي شؤوني، وكثر نومي جداً، وإذا أردت النوم لا أستطيع أن أقاوم، ومثل المقاومة في الصلاة بعض الأحيان يؤذن وأنا أنعس فلا أستطيع القيام للصلاة.

وصراحة أنا خائف من هذا الأمر، ولدي شيء من الخوف، وخاصة في الإقبال على العمل، بالرغم من أنني قبلت في كذا قطاع ورفضت العمل لأنني قولي لنفسي: (لن أفهم الشغل لأنني سأنسى وسأتغيب بسبب النوم القهري) وأنا في قلق شديد من أمري، كما أن لدي ضعفاً شديداً في نشاطي الكلي، ولا أعلم ما هو السبب، مع العلم أني في بعض الحالات أكون نشيطاً إذا كنت في نشوة السعادة، وكما أكون في توهان شديد بعض الأحيان إذا كنت في حاجة للنوم.

أرجوك يا دكتور أخبرني بحقيقة مرضي ما هو وما اسمه؟ وكيف أتخلص منه بعلاج دوائي وسلوكي؟ هل لي امل بالشفاء؟ أم أن حالتي مزمنة وصعبة الحل؟ أرجو الرد بأسرع وقت ممكن لثقتي بكم.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليمان .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد،،،

الحمد لله تعالى أنك قد أقلعت عن تعاطي المؤثرات العقلية الخطرة، فهذا النسيان الذي يعتريك, وكذلك الإهمال واللامبالاة، وربما يكون ضياع الهدف بدرجة ما، هو ناتج من تعاطي المؤثرات العقلية، خاصة تعاطي الحشيش، لأنك بدأت التعاطي في سن صغيرة، وفي ذاك الوقت الدماغ تحت النمو والبناء، ويعرف أن الحشيش - بالذات الحشيش الموجود في منطقتنا - يحتوي على مركزات عالية من المواد النشطة، المواد الإدمانية، وهذه وجد أنها تؤثر بدرجة مباشرة على الفص الأمامي، وكذلك الفص الصدغي في المخ، وهذه أماكن الدماغ التي تساعد الإنسان في التركيز، والتخطيط والإقدام، ورفع العزيمة، والخطط المستقبلية، فأعتقد أن الأثر ناتج من التعاطي السابق، وإن كنت قد أقلعت بفضل الله منذ مدة، لكن أنت محتاج أيضاً لبعض العلاج ولبعض الإرشاد.

يعرف تماماً أن التوقف عن تعاطي حبوب الكباتغون والحشيش والخمر حين يتخلص الإنسان من هذه السميات سوف يبدأ الدماغ في عملية الترميم، وعملية الترميم تحتاج أن نساعدها وذلك من خلال الآتي:

أولاً: يجب أن تكون هناك ممارسة للرياضة، وهذا خط علاجي أول يجب أن تحرص عليه.

ثانياً: عليك بتحفيز مراكز المعرفة في الدماغ وذلك بالقراءة، اقرأ مواضيع قصيرة ركز فيها كررها أكثر من مرة، وأود أن ألفت نظرك أن قراءة القرآن بسكينة وتؤدة تحسن من التركيز لدى الإنسان (واذكر ربك إذا نسيت) هذا شيء واضح ومعروف ومجرب، فعليك بذلك.

ثالثاً: هنالك أدوية جيدة تساعد في تحسين التركيز، وكذلك إخراجك من حالة الإحباط وافتقاد الدافعية التي تعيشها، وكذلك ما أسميته بالنوم القهري.

الدواء الأول: يعرف باسم (نوتروبيل Nootropil)، فأرجو أن تبدأ بتناوله بجرعة 400 مليجراما في الصباح والمساء، استمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، بعد ذلك اجعلها 400 مليجراما في الصباح، ثم توقف عن الدواء، أما الدواء الآخر: (بروزاك Prozac) والذي يعرف علميًا باسم (فلوكسيتين Fluoxetine)، أرجو أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة تسعة أشهر بعد ذلك توقف عن تناوله.

هذه أدوية سوف تساعدك كثيرا في ما يخص الجانب البيولوجي -أي الجانب الدوائي- ففعاليتها إن شاء الله معروفة لتنشيط خلايا الدماغ، وكذلك تنظيم ما يعرف بالناقلات أو الموصلات العصبية.

ومن جانبك كما ذكرنا لك الرياضة تعتبر مهمة جداً، تنظيم الوقت أيضاً شيء مطلوب، الإنسان حين يعيش في فراغ ونوع من الخواء لا يكون لديه هدف واضح، قطعاً لن تأتيه لا الطاقات الجسدية، ولا الطاقات النفسية.

أخي الكريم: أريدك أن تكون لك خارطة ذهنية فعلية يومية لتنظيم وقتك تنجز من خلالها بعض التدريبات والمهارات كزيارة الأهل، وزيارة الأصدقاء، أخذ قسط كاف من الراحة، تنظيم النوم، أن تذهب للفراش في وقت معلوم، أن تمارس الرياضة، أن تقرأ، أن تصلي صلواتك الخمس في المسجد، أن تبحث عن عمل، هذه برامج متكاملة متى ما كنت حريصاً عليها - إن شاء الله ـ سوف تخرجك مما أنت فيه.

أنا أؤكد لك أن حالتك - إن شاء الله تعالى - قابلة للعلاج لأن تسير الأمور بصورة إيجابية جداً، فقط اتبع ما ذكرته لك، وأهنئك مرة أخرى أنك قد ابتعدت عن التعاطي.

أسأل الله لك العافية، وأشكرك كثيراً على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً