الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من حل للتخلص من الأفكار الوسواسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم على جهودكم الجبارة، أنا شاب في 23 من عمري، أعاني من وساوس، وأفكار تسلطية كدرت علي صفو حياتي، وجعلتني أعيش في دوامة من المعاناة، لا أستطيع الخروج منها, هذه الأفكار الوسواسية تتغير مع مرور الوقت، فتارة أعاني من وساوس تتعلق بالخوف من المرض، بطريقة مبالغ فيها.

مرة قرأت عن مرض الإيدز وعن معاناة المصابين بهذا الداء، فأصبحت أعاني من خوف شديد تجاهه، فإذا التقيت شخصا في الشارع وقمت بالسلام عليه تراودني وساوس أنه قد يكون مصابا بهذا الداء! وقد يكون نقل لي العدوى, وإذا أكلت أو شربت شيئا خارج البيت تراودني فكرة أن ما أكلته أو شربته قد يكون ملوثا بهذا الداء، وبالتالي يتعكر مزاجي وأصبح حزينا وكئيبا.

مع العلم أني في باطني أدرك سخافة هذه الأفكار، ولكني لا أستطيع التغلب عليها, كما عانيت من وساوس في العقيدة.

حاليا أعاني من وساوس تضايقني في دراستي، وأثناء قيامي بأي شيء فيه فائدة لي، فأنا كثير الخوف على مستقبلي الدراسي، ولهذا فكلما أردت مراجعة دروسي تتسلط علي فكرة ما، وتضايقني وتجعلني أصاب بتوتر لا إرادي، واكتئاب!

لا أستطيع إكمال مراجعتي، وسرعان ما أقوم، وأكف عن المراجعة، وحينها تخف هذه الوساوس.

أنا خائف من أن تؤثر هذه الوساوس على علاقتي بالأشخاص المحيطين بي خصوصا إخوتي، حيث تأتيني بعض الأحيان أفكار من قبيل أن أخي فلان لا يحبني، ولا يريد لي النجاح، ويعمل كذا وكذا، لكي يزعجني أتناء استعدادي للامتحانات.

بالتالي أتصرف معه على هذا الأساس، مع العلم أن أخي هذا طيب، وملتزم دينيا، وأنه يقوم بتلك الأفعال بعفوية، ولا يقصد بها مضايقتي, وأحيطكم علما أنه لم يسبق لي زيارة أي طبيب نفسي.

أتمنى أن أكون قد شرحت لكم حالتي جيدا، وأرجو منكم مساعدتي على الخروج من هذه الحالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زوهير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأود أن أطمئنك تمامًا أنك شرحت وعرضت حالتك بصورة ممتازة جدًّا، وقد تفهمناها تمامًا، ونسأل الله تعالى أن ينفعك بما سوف نرشدك إليه.

أولاً نحن نهتم جدًّا بالتشخيص، وأقول لك أن تشخيص حالتك هو أنك تعاني من المخاوف الوسواسية، وهي نوع من القلق النفسي المعروف، وهذه الوساوس والمخاوف تكون أيضًا مرتبطة بدرجة بسيطة من الاكتئاب النفسي، والاكتئاب النفسي يؤدي إلى ضعف الفعالية والدافعية لدى الإنسان.

فيا أخي الكريم: الحالة حالة بسيطة إن شاء الله تعالى، وذلك مقارنة مع حالات نفسية أخرى تعرض علينا.

أيها الفاضل الكريم: الوساوس تعالج من خلال تجاهلها وتحقيرها، ومقاومتها واستبدالها بفكرة مخالفة، ولابد أن تخاطب نفسك وتقنع نفسك بأنه توجد مبالغة في هذه المخاوف، وقل لنفسك: (الآن مشكلتي ليس الخوف من المرض، إنما هذا الخوف الذي يعتريني وطريقة التفكير الوسواسي) هذا سوف يُضعف القلق ويضعف الوساوس، والوساوس تتبدل وتتشكل، قد تكون مخاوف، قد تكون وساوس حول العقيدة، وهكذا.

دراسات كثيرة جدًّا أشارت أن الوساوس أحد العوامل التي تؤدي إليها كمسبب هو اضطراب في كيمياء الدماغ، والذي يحدث أن مادة تسمى بالسيروتونين - وهي من الموصلات العصبية المعروفة - يحدث اضطراب في إفرازها، وهذه المادة لا يمكن قياسها في أثناء الحياة، وبفضل من الله تعالى تم اكتشاف أدوية ممتازة جدًّا تؤدي إلى حالة من السكون والتوازن في هذه المنظومة الفسيولوجية الكيميائية في الدماغ، مما ينتج عن ذلك إن شاء الله تحسن كبير في النفسية والمزاجية.

أخي الكريم: أنصحك بتناول دواء معروف جدًّا منذ سنوات طويلة، وأثبت فعاليته وجدارته في علاج مثل حالتك هذه.

الدواء يعرف علميًا باسم (فلوكستين) وله عدة مسميات تجارية أشهرها (بروزاك) لكن ربما تجده في المغرب تحت مسميات تجارية أخرى؛ لذا أسأل عن الدواء تحت مسماه العلمي، وهو (فلوكستين) وابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناولها بعد الأكل، وبعد شهر ارفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ومن ثم خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.

أؤكد لك سلامة الدواء بإذن الله تعالى، وكذلك فعاليته، ومن جانبك لابد أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول الدواء في وقته.

أخي الكريم: هنالك جوانب سلوكية أخرى كثيرة مهمة وهي: الاستفادة القصوى من الوقت على أفضل وجه، وأن لا يكون هنالك فراغ، لأن الفراغ يجعل الإنسان ينكب على ذاته، ويزيد من القلق والوساوس.

إتقان وإجادة العمل مهمة جدًّا؛ لأن العمل يوسع من مدارك الإنسان، ويحسن من مهاراته، ويقلل من وساوسه وقلقه، ويشعره بقيمته الداخلية الذاتية.

الرفقة الطيبة الصالحة مهمة، لأن الإنسان بطبعه كيان اجتماعي، والإنسان إذا خالل الطيبين من الناس والصالحين لا شك أن هذا ينفعه في دينه ودنياه، فكن حريصًا على ذلك.

أخي الفاضل الكريم: أنا على ثقة تامة إن شاء الله تعالى باتباعك لما ذكرناه لك من إرشادات بسيطة، وتناول الدواء بالصورة التي وصفناها سوف تحس أن حالتك قد تغيرت وتحسنت بصورة إيجابية ومطردة.

ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة التالي: علاج الخوف من الأمراض سلوكيا: 263760 - 265121 - 263420 - 268738.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق العراقي

    كف ابدلها بفكرة جديدة وهذه الافكار متسلطه على عقل المريض كفاكم كذب والله لو تعلمون اذية هذا المرض فاتوقع لم ولن تتكلموا بهذه السخافات (هذا المرض هو علاجه فقط عند الله ومن خلال قراءت القران والالتزام بالصلاة وكذلك الدعاء)

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً