الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي رعشة في اليدين وخوف وخفقان وتلعثم في الكلام، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعطاكم الله العافية، عندي سؤال:
أنا أعاني من مرض نفسي، وتعالجت منه، وأحمد الله أنا بخير، لكن عندي رعشة في اليدين، وخوف وخفقان، وتلعثم في الكلام، عندما أواجه أناسا غرباء أو زملاء في العمل، ومديري العام، حتى صرت لا آخذ إجازتي السنوية في العمل!

حيث إني أقلق عندما أذهب إلى العمل من هذا الحالة، وأفكر فيه كثيرا حتى المناسبات صرت لا أحضر لها من هذه الحالة، فما هي أسبابها؟ وما علاجها؟ وكم مدة علاجها؟

بارك الله في جهودكم.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبادئ ذي بدء، أريد أن أؤكد لك أنك قد وصفت حالتك بصورة جيدة، وإن شاء الله تعالى هي من الحالات البسيطة، ومن المهم جدًّا أن تعرف تشخيص حالتك؛ لأن هذا جزء أساسي في العلاج، هذه الحالة تسمى بالقلق أو الخوف أو الرهاب الاجتماعي البسيط.

الأعراض التي تأتيك هي أعراض نفسية، وأعراض جسدية، مثلاً الرعشة في اليدين، وخفقان القلب، هذه ناتجة من تغيّر فسيولوجي يحدث نتيجة للخوف، حيث إنه تفرز مادة تسمى بالأدرانين.

هذه مادة طبيعية جدًّا، موجودة في جسم الإنسان، لكن في حالات القلق ربما يزيد إفرازها، ويؤدي إلى الأعراض التي ذكرتها.

هنالك حقيقة مهمة جدًّا، دائمًا نحب أن نبدأ بها الإرشاد السلوكي في علاج الخوف الاجتماعي البسيط، وهي أنني أريد أن أؤكد لك أن هذه الأعراض التي تحس بها ليست بالقوة والشدة التي تشعر بها، مثلاً ما ذكرته حول التلعثم في الكلام، هذا ليس حقيقيًا، تجارب كثيرة جدًّا أثبتت أن بعض الناس في حالات المواجهات الاجتماعية يأتيهم هذا الشعور، أنه يتلعثم أمام الآخرين، وأنه تحت الرصد والمراقبة منهم، وأنه سوف يُحرج أمامهم، هذا أخي الكريم شعور وليس حقيقة، هذه الحقيقة مهمة جدًّا لأني أريدك أن تتفهمها حيث إنها خطوة علاجية كبيرة.

الخطوات العلاجية الأخرى هي: الإنسان مثله مثل الآخرين لا يختلف منهم في أي شيء، والبشر بشر، والناس ترتبط في الأمور الإنسانية من أكل ونوم وشرب ومرض وموت.

يا أخي الكريم: هذه النظرة التي تجعلك لا أقول إنك تحقر الآخرين، لكن تنظر إليهم بنفس المستوى الإنساني، ولا يكون هنالك نوع من التضخيم والتجسيم لهم في نظرك.

بالطبع لابد أن نحترم بعضنا البعض، لكن ليس للدرجة التي تبني المهابة في الإنسان.

الخوف الاجتماعي يعالج أيضًا من خلال المواجهات، والتجنب يزيد الخوف الاجتماعي، وأنت ذكرت شيئا أزعجني بعض الشيء، وهو أنك صرت لا تذهب إلى المناسبات، وصرت أيضًا لا تأخذ الإجازة الثانوية من العمل، وذلك تجنبًا لمقابلة الزملاء والمدير.

لا، التجنب ليس أمرًا جيدًا، إنما المواجهة، وأكثر من هذه المواجهات حتى لو أصابك قلق، بعد ذلك سوف تجد -إن شاء الله تعالى- بتكرارك للمواجهات هذا الخوف والقلق سوف يتلاشى تمامًا، هذا مجرد ومؤكد.

أنصحك بأن تبدأ دائمًا بالسلام، حي الناس وتبسم في وجوههم، حتى بالنسبة لمديرك، هذا أمر طيب جدًّا، وسوف تجد أنه وسيلة للاطمئنان الداخلي.

هنالك أمور علاجية أخرى جيدة جدًّا، وهي أن تمارس الرياضة، الرياضة جيدة جدًّا خاصة حين تمارسها مع مجموعة من إخوانك وأصدقائك، مثل كرة القدم، السباحة، كرة السلة، أي نوع من الرياضات الجماعية تفيد جدًّا في علاج الخوف الاجتماعي.

المداومة على حضور الدروس والمحاضرات وحلق التلاوة والصلاة في الصف الأول مع الجماعة في المسجد.

هذا يا أخي نوع من التعريض النفسي المهم جدًّا والذي يرفع من مهارة الإنسان الاجتماعية، ويزيل القلق إن شاء الله تعالى.

أخي الكريم: أود أن أزف لك بشرى كبرى، وهو أنه توجد أدوية فعالة جدًّا وسليمة جدًّا لعلاج مثل حالتك، لكن الدواء لا يتحصل الإنسان على فائدته إذا لم يلتزم بجرعته والمدة المطلوبة للعلاج، وكذلك تطبيق الإرشادات السلوكية التي ذكرناها.

هنالك عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات)، من الأدوية الجيدة الممتازة التي ننصح بها كثيرًا، وهو متوفر في الصيدليات، ولا يتطلب وصفة طبية، ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة، الحبة تحتوي على عشرين مليجرامًا، تناول عشرة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية السليمة، الممتازة، الفعالة، لا يسبب الإدمان، وأسأل الله تعالى لك فيه خيرًا كثيرًا.

توجد أيضًا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، أريدك أن تتدرب عليها، فهي مفيدة جدًّا، ولتعلمها يمكنك أن تتحصل على كتاب أو شريط من أحد المكتبات، أو تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً