الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ارفض ابن عمي زوجا لوجود الفارق في مستوى التعليم

السؤال

السلام عليكم

أشكركم جزيل الشكر على توفير هذا الموقع حتى يتسنى لنا استشارة أهل الرأي أمثالكم وجزاكم الله عنا كل الخير.

أنا فتاة أبلغ من العمر 31 عاما, متوسطة الجمال, من عائلة بسيطة لكنها متدينة, ترددت كثيرا قبل إرسال سؤالي، ولكني بعد ذلك توكلت على الله لأني صدقا لا أعلم ماذا أفعل؟

إنني فتاة منذ الصغر وأهلي يضعون كل أملهم بي فقد كنت من المتفوقين بدراستي, وبعد الثانوية بدأت بدراسة الطب، وتقدم لخطبتي ابن عمي وهو حتى الدراسة الثانوية لم يكملها, فرفضت وأهلي بحجة الدراسة، وتزوج هو بعد سنتين تقريبا، وعنده الآن 3 أطفال، وزوجته سيدة محترمة.
ولكنه مازال يتحين الفرص حتى يثبت لي أنه مازال يحبني.

مضت بنا السنون وأنا يتقدم لي أعداد محدودة من الخاطبين, وكلهم بعد اللقاء الأول لا يعودون، أو من البداية عندما تأتي الأم لا تعود.

أنا اكملت الاختصاص العالي والحمد لله، جميع من أعمل معهم يكنون لي الاحترام والمحبة.

لا أريد أن أطيل، قدر الله أن أعمل عمرة في رمضان الماضي، وفي ضمن الرحلة كان موجودا ابن عمي، وقد أخبرني ونحن عائدون أنه قد دعا الله كثيرا أثناء الطواف بأن لا أكون لأحد غيره أبدا، وطلب مني أن أسامحه ولكني رفضت.

بعد ذلك تقدم لي شخصين مناسبين، ولكنهم لم يعودوا وأنا أعلم أن كل الأمور بيد الله, وأعلم أني عندما أدعو الله للزواج أطلب من مالك الملك القادر على كل شيء، وهو ليس صعبا عليه حتى وإن كنت قد كبرت فليس صعبا أن أتزوج من يناسبني, وخصوصا أن الجميع يلوموني ويقولون لي تنازلي فلن تجدين المناسب وأنت في هذا العمر.

اعتذر منكم على الإطالة، ودلوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله عنا كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الواثقة بالله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.

لقد أصبت أيتها الأخت كبد الحقيقة حين أيقنت بأن كل شيء بقضاء وقدر وأن الله سبحانه وتعالى بيده كل خير، فهو مالك الملك، ومن ثم توجهت بالدعاء إليه سبحانه وتعالى والطلب منه، وهذا دليل إن شاء الله تعالى على رجاحة عقلك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.

نحن أولاً أيتها الكريمة نذكرك بأهم أسباب الأرزاق وتفريج الكربات وهو الإكثار من الاستغفار، فإن الله سبحانه وتعالى جعل التوبة والإكثار من الاستغفار سببًا جالبًا لكل خير، فقال سبحانه وتعالى: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا * يرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا} كما وعد سبحانه وتعالى من اتقاه بالفرج والمخرج والرزق الوفير، فقال جل شأنه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

وحسن التوكل على الله سبحانه وتعالى والاعتماد عليه وتفويض الأمور إليه سبب أكيد في بلوغ الإنسان ما يقصده ويتمناه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصًا وتروح بطانًا) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى واعتقاد الإنسان أنه سبحانه وتعالى بر رحيم وأنه أرحم بالإنسان من أبيه وأمه بل ومن نفسه، وأنه لا يقدر للعبد إلا ما هو خير له، هذا الاعتقاد في الله سبحانه وتعالى وإحسان الظن به أيضًا سبب أكيد في تحصيل ما يحبه الإنسان ويرجوه، فإن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي).

ثم أيتها الكريمة نرشدك بعد ذلك إلى الأخذ بالأسباب الحسية في الزواج، وهذا ما ينبغي لك أن لا تفرطي فيه، فإن الله عز وجل جعل للمقادير أسبابًا وتعبد الناس بالأخذ بهذه الأسباب إذا كانت مشروعة، وكوني على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئًا هيأ له السبب، لكن المطلوب من الإنسان أن يأخذ بما تيسر لديه من هذه الأسباب، ومن ثم فنصيحتنا لك أيتها الغالية أنه إذا كان في ابن عمك هذا ما يناسبك من صفات الرجل الذي يصلح للزواج كأن يكون رجلاً قادرًا على تحمل المسئولية راغبًا في الزواج بك وكان صاحب خلق ودين فإننا ننصحك بأن تقبلي بالزواج به ولو زوجة ثانية، فإن هذا لا يضير، وليس عيبًا ولا ذمًّا، فقد عدد الزوجات خير هذه الأمة، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: (خير هذه الأمة أكثرها نساءً) فليس عيبًا في حقك وليس ظلمًا منه لزوجته أن يتزوج بثانية، فإذا كان يرغب في الزواج منك وكان يُكن لك كل هذا الحب الذي أخبرت به فإن نصيحتنا لك أن تستشيري العقلاء من أهلك الذين لم يمنعهم المشورة الصحيحة في هذا الباب مجرد ما ألفوا من العادات، فإن كثير من أبناء المجتمع يرون تعدد الزوجات على أنه شيء عظيم وشيء كبير ولا ينبغي للإنسان أن يقع فيه، وهذه نظرة ليست صائبة، فنصيحتنا أن تستشيري العقلاء من أهلك الذين يعرفون أحوال ابن عمك هذا وظروفه، وإذا رأيت فيه ما يناسب فاستخيري الله سبحانه وتعالى بعد ذلك، وأقدمي على الزواج، فإن الزواج خير كله.

وإن لم يتيسر هذا فوصيتنا لك أن تستمري على ما أنت عليه من دعاء الله سبحانه وتعالى والتوجه إليه بصدق واضطرار، مع اليقين بأن ما يقدره الله عز وجل لك خير مما تختارينه أنت لنفسك، فقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} فربما كان تأخير الزواج عنك لزمن معين أو فترة معينة خير، وإن كنت تكرهين أنت هذا، لكن الله عز وجل أعلم بما يصلحك، والأمر كما قلت أيتها الكريمة أولاً وآخرًا أن الله عز وجل على كل شيء قدير وأنت لا تسألينه شيئًا محالاً ولا صعبًا، فإنه إذا أراد شيئًا إنما يقول له كن فيكون، فأحسني ثقتك بالله، وقوي صلتك به، وتوبي إلى الله عز وجل من تقصيرك وذنوبك، فإن الذنوب سبب أكيد للحرمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه).

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.
وبالله التوفيق

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً