الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتفادى المريض بالوسواس القهري الوقوع في الطلاق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شخص مصاب بمرض الوسواس القهري منذ صغر سني، والآن أتاني بموضوع الطلاق، والله ثم والله إنه يكاد يدمرني.

سؤالي هو: هل الموسوس بمرض الوسواس القهري يعتبر مغلوباً في عقله، ويعتبر داخلاً في حيز إغلاق العقل الدارج ضمن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا طلاق في إغلاق )؟ وهل يعتبر مكرهاً؟ أتكلم معكم كونكم ملمين بهذا المرض وتعرفون تفاصيله العقلية التي يعرفها المصاب به.

أرجوكم أجيبوا على سؤالي بالتحديد، أرجوكم لا تتجاهلوا سؤالي، أريد إجابة شافية منكم، جزيتم الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

لا بد أولاً أن نستوضح ما هو المقصود بالوسواس القهري؟ هذا التعبير يعني أشياء مختلفة لعدد كبير من الناس.

الإنسان قد يعتبر حديث النفس نوعا من الوساوس القهرية، والفكر الاستحواذي المتسلط قد يعتبره البعض نوعا من الوسواس القهري، أيضاً الأفعال الرتيبة المكررة التي لا يستطيع الإنسان أن يقاومها، هذا نوع من الوسواس القهري، وكذلك الذين يحدث لهم اضطراب حول تحديد ذواتهم أو ما يسمى بالاضطراب الأنية، أي أن الإنسان يحس بأنه متغرب عن ذاته أو كأنه هو ليس هو، هذا أيضًا البعض يسميه وساوس قهرية، بعض أعراض الفصام، مثل أن يسمع الإنسان صوت عقله أو يعتقد أن الآخرين يقومون بقراءة عقله، هذا أيضًا يعتبر من الوساوس.

هنالك أمور كثيرة جدًّا ارتبطت بتعريف الوساوس القهرية، لكن الذي أود أن أذكره وأن أؤكده هو أن الذي نقصده بالوسواس القهري هو فعل أو فكرة متسلطة على الإنسان، يؤمن الإنسان ويقتنع ويعرف سخفها ويحاول أن يقاومها، ولكنها تظل مستحوذة ومتسلطة عليه، هذا هو الوسواس القهري من المفهوم العلمي.

الوسواس القهري وعلاقته بالطلاق:

هنالك من تأتيه كلمة الطلاق ككلمة وسواسية، وإذا أثبت الطبيب النفسي المقتدر والثقة بالتواصل مع أحد المشايخ أن هذا الأمر هو وسواس قهري فهنا أتفق على أن هذا الطلاق لا يقع، وأن الدافع هو الحالة الوسواسية.

هنالك من رأى من العلماء إلى أن يذهب ويستصدر ورقة الطلاق، ففي هذه الحالة هذا الطلاق أصبح واقعًا، بخلاف ذلك فصاحب الوسواس القهري الحقيقي لا يُقدم على الطلاق أصلاً، إنما تأتيه الكلمة أو تأتيه الخاطرة أو يأتيه حديث النفس أو يكررها ككلمة قهرية متسلطة عليه، هذا لا يعتبر طلاقًا أيها الفاضل الكريم.

لكن الأمور لا بد أن تكون واضحة، فما هو المقصود بالوسواس القهري؟ من الذي قام بهذا التشخيص؟ ولا بد أن يتم التشخيص بواسطة طبيب له الخبرة وله المعرفة، والطبيب نفسه قد يحتاج لأن يفحص الإنسان أكثر من مرة ويقوم بمناظرته ويقوم بالتحليل وبالاستقصاء، وبعد ذلك يقول هذه الحالة هي فعلاً وساوس قهرية أو أمر آخر.

هذا هو الموقف الصحيح، وأنا أقول لك أمر آخر: الوساوس القهرية يمكن الآن علاجها، فأنت أصبت بهذا المرض إذا كان فعلاً وسواسًا قهريًا في الماضي، ولم تكن الأدوية متاحة في الماضي بالدرجة التي نشاهدها اليوم، أما في الوقت الحاضر فالوساوس يمكن علاجها، يمكن قهرها، يمكن إزالتها، توجد الحمد لله تعالى أدوية متميزة وفاعلة وسليمة جدًّا، وبجانب ذلك توجد علاجات سلوكية ساعدت الناس كثيرًا.

أخي الكريم: أرجو أن تعيش على الأمل والرجاء، وأرجو أن تقدم نفسك للمختصين من أجل العلاج، وأنا أبشرك كما ذكرت لك أن الوساوس القهرية الآن تعالج، وتعالج بنجاح كبير وبفضل من الله تعالى، فلا تنزعج لهذا الأمر أكثر مما يجب، وأدعوك وأناشدك مرة أخرى أن تقدم نفسك للعلاج.

بخصوص الجانب الشرعي سوف يفيدك أحد الإخوة المشايخ الأفاضل في هذا الأمر.

د محمد عبدالعليم
__________________
ولإكمال الإجابة من الناحية الشرعية قمنا بتحويل سؤالك على المستشار الشرعي الشيخ/ أحمد الفودعي ، فأفاد بالتالي:

مرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية.

نحن نصيحتنا لك أيها الحبيب أولاً يجب أن تأخذ بالأسباب للشفاء من هذا المرض سواء كانت أسبابًا مادية من العلاج لدى المختصين من الأطباء، أو أسباباً شرعية، وذلك لمدافعة هذه الوساوس وعدم الاستسلام لها، فإن هذا خير دواء لها، ولا علاج لها مثله، كما صرح بذلك أهل العلم، واجتهد بدعاء الله سبحانه وتعالى حتى يُذهب الله عز وجل عنك هذا البأس.

أما طلاق الموسوس أيها الحبيب فإن كان الموسوس مبتلىً حقيقة بالوسوسة كما أوضح الدكتور محمد فإنه مغلوب على أمره، وطلاقه نوع من طلاق المُكره، وقد أدخله العلاّمة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في هذا الحديث الذي ذكرته لنا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (لا طلاق في إغلاق) والسبب في ذلك كما يقول الشيخ: أن الموسوس يقع منه هذا اللفظ من غير قصد ولا إرادة بل هو مكره مغلوب عليه، لقوة الدافع وقلة المانع، أي لقوة الدافع من قِبل الوسوسة فإنه يُدفع بتأثير هذا المرض إلى النطق بهذا اللفظ دفعًا وإن كان لا يريده، ومن ثم أفتى الشيخ - رحمه الله تعالى - بأن المبتلى بالوساوس لا يقع طلاقه إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً