الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يغتر بنفسه ولا يريدني مواصلة دراستي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ألف شكر مقدماً للقائمين على هذا الموقع الرائع.

سمعت الكثير من جاء إليكم ووجد الراحة والطمأنينة بعد الله تعالى من استشارتكم ورأيكم السديد.
وأطرح إليكم مشكلتي وهي:
أنا فتاة أبلغ من العمر (26 سنة)، متزوجة -والحمد لله- ويوجد عندي بنتان.

قبل زواجي كنت أدرس في السنة الأولى من الجامعة، وكان لا يقل مستواي الدراسي عن الجيد جداً، بعد زواجي رفض زوجي إكمالي لدراستي بسبب ظروفه المالية، ومع ذلك كنت أرى أنه ليس ذلك هو السبب، ولكن تفكيره كان بسبب أهله أن المرأة ليس لها إلا بيتها فقط، وبعدما تركت دراستي بسنتين قدم زوجي لدراسة الماجستير وذهبت معه للندن وأكمل هناك، بعدها بفترة رجعنا وأصبح مستواه المادي معقولاً جداً.
ناقشته في أن أكمل دراستي بالتعليم عن بعد ولكن رجع لنفس السبب القديم أن الشهادة للمرأة ستعلق في مطبخها .. وكل من حصلت عليها لم تستفد منها بشيء وأنها خسارة مالية.

تعبت نفسيتي وتحطمت، وأصبحت أعاني من اكتئاب شديد؛ لأني أرى في زمننا هذا أهمية التعليم والحصول على شهادة جامعية أصبح أقل ما يمكن أن يحصل عليه الشخص.

أنظر إلى من حولي ولا يوجد أحد ليس لديه شهادة إلا أنا، لا أقارن نفسي بهم، ولكن على الأقل أستغل شبابي في دراسة لأكون قدوة لأولادي مستقبلاً، ولأني أرى أنني أملك طموحاً ورغبة شديدة في إكمال دراستي.

هذا الموضوع أثر على نفسيتي وتعاملي لزوجي لأني أرى أني لم أقف في طريقه، بل على العكس وقفت بجانبه وتحملت مرارة الغربة، والآن يريد إكمال الدكتوراه وأنا لا أمانع أبداً وأشعر أنه سوف يأتي اليوم وسيقول أنا دكتوراه!! هناك فرق تعليمي بيننا كبير! هذا ما أخافه ويقلقني دائما! لأن زوجي فيه نوع من الكبر والغرور لما وصل له من مستوى.

أرجوكم أشيروا عليّ بالرأي الصحيح لأني في أمس الحاجة لذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روز حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فقد أفرحني حمدك للحميد سبحانه، وأسعدني دعمك لزوجك، وأهنئك بما وهبك الله من البنات، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم الذرية وأن يرفعنا بفضله عالي الدرجات.

وننصحك بأن تكرري طلبك لمواصلة الدراسة، واختاري لذلك الطلب الكلمات المناسبة والأوقات الفاضلة، واعلمي أن ميادين النجاح في الحياة واسعة، وليس التعليم إلا واحداً من تلك الميادين، بالإضافة إلى أن العلم هو الوسيلة الموصلة إلى كل الخبرات، وقد نلت من التعليم ما يؤهلك للنجاح في ميادين الحياة، فاحرصي على حفظ القرآن، وتوسعي في العلوم التربوية حتى تحسني تربية بناتك وأولادك مستقبلاً، وكوني واثقة من أن الرجل لا يستطيع أن يتكبر على زوجته، وإذا تكبر المتعلم فإنه يفقد ثمرة تعتبر من أهم ثمرات العلم، فابعدي عن نفسك هذا الهاجس ولا تدخلي أهله في الموضوع فليس في ذلك مصلحة.

وكم تمنينا أن يدرك الجميع أن الهدف من التعليم ليس مجرد الشهادات ولا الوجاهات ولكن طلب العلم عندنا عبادة، ومذاكرة العلم عندنا تسبيح وبذل العلم عندنا صدقة، والسهر والتعب من أجل العلم عبادة – وكل ذلك لمن أخلص في طلبه ورغب في نفع نفسه وأهله وبلده وأمته – ومن أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، ومن أراد الدنيا والآخرة فعليه بالعلم.

ولا يخفى عليك أن استقرار أسرتك وقربك من زوجك هدف كبير، وأن مواصلة الدراسة أو غيرها من المطالب ما هي إلا وسائل ومراحل على طريق الحياة، وأرجو أن تعلمي أن العلم متاح، وأن الثقافة وتعلم مهارات الحياة هي الأشياء المطلوبة بل النجاح الحقيقي يكون باكتساب مهارات التواصل والتفاعل مع الحياة والناس، وقد ينال الإنسان التفوق الأكاديمي ويحرم النجاح في الحياة، بل قد يتحول من يمتلك الشهادات إلى إنسان معاق اجتماعياً.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ولا مانع من أن تطالبي زوجك بأن يساعدك على مواصلة الدراسة، فإذا لم يوافق فلا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، ولا تتركي الفرصة للمشاعر السالبة حتى لا تتمدد في حياتك، وتذكري إيجابيات زوجك ومصلحة أولادك، وحافظي على رسالتك الكبرى كأم، ووثقي صلتك بربك بكثرة ذكره وشكره وحسن عبادته.

ونسأل الله أن يحقق لك المراد، وأن يلهمك السداد والرشاد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً