الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طفلي أصبح يكره المدرسة ويبكي ويتبول على نفسه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه لخدمة الإسلام والمسلمين.

أنا أم لثلاثة أطفال، الكبير عمره (5) سنوات، والأوسط (3) سنوات، والطفلة (20) شهراً، المشكلة تكمن في طفلي الأوسط وعمره (3) سنين، حيث إنه هادئ وخجول، وشخصيته ضعيفة أمام الآخرين من الأطفال، وحنون، ويتأثر بالصراخ بسرعة، وانطوائي يحب الجلوس وحده عندما يشاهد الأطفال يلعبون، ولا يحب الاجتماعات الكبيرة، على عكس طفلي الكبير، فهو منفتح على الأشخاص الكبير قبل الصغير، ويحب التعامل مع الناس، ومتكلم، والكل يحبه لأنه يندمج بسرعة.

المشكلة هي أن طفلي الأوسط قبل شهرين بدأ الدراسة بالصف التمهيدي، وهو وأخوه في نفس المدرسة والصف معاً، مع العلم أن ابني الكبير هذه هي السنة الثانية له في المدرسة، ولكن تم دمج الإخوة مع بعض، مع أنه يوجد فارق في السن بينهما، المهم في الأمر أن طفلي الصغير قبل عشرين يوماً بدأت معه مشاكل لا أعرف سببها! وهي أنه عندما طلبت المعلمة منه كتابة اسمه واجه صعوبة في ذلك؛ لأنه لا يجيد الأحرف كلها، وأيضاً أعطته المعلمة بما يُعرف بواجب البيت، وعندما رأيته وجدت أنه أكبر من سن طفلي بكثير، كون المدة لا تتعدى شهرين للطفل، والأعراض التي ظهرت عليه:

1- أصبح شديد البكاء طول اليوم بسبب أو بدون سبب.

2- يذهب إلى غرفته ويغلق الباب، ويبدأ بالبكاء وهو يتلفظ أنه لا يريد الذهاب إلى هذه المدرسة، ولا يريد أن يشاهد معلمته.

3- أصبح يردد أنه لا يريد أن يكبر، بل يريد أن يبقى طفلاً؛ لأننا كنا نقول له:إن الكبير والرجل سوف يتعلم.

4- أصبح يكذب أثناء الحديث معي، مع أنه غير ذلك.

5- أحياناً أثناء جلوسه في غرفته يبكي ويتبول على نفسه.

6- يردد الكلام أكثر من مرة - ربما 15 مرة - ونفس الجملة أيضاً.

7- يردد أن الأولاد في المدرسة أخافوه وهو لا يحبهم.

ملاحظات:

- في بداية الدراسة لم يكن هكذا، بل كان سعيداً بها.

- أخوه الأكبر منه متسلط بشكل كبير عليه، ويوجه له الأوامر.

- غيرت له المدرّسة، لكن استمر نفس الوضع معه.

- قريب من والده كثيراً ومتعلق به.

- سألت معلمته إذا كان هناك أحد أغضبه أو حدث شيء في المدرسة، فأجابت بـ "لا".

أرجو الإفادة، فأنا متعبة من أمره؛ لأنه مثل الوردة الذابلة، ودائماً حزين، أسأل الله أن يحفظه وأبناء المسلمين، وأن يرفع عنه ما أهمه، ولا تنسوه من دعواتكم.

أتمنى الإجابة بأسرع وقت، حتى أعرف كيف أتصرف معه، وآسف على الإطالة، ولكن العشم بكم لسماعي، دمتم في حفظ الرحمن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الأمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن رفض الطفل للمدرسة، أو معاناته من أي نوع من المخاوف حول الدراسة، وإبداء عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، أو الاحتجاج من خلال البكاء وإظهار الحزن، هي علة منتشرة، ومن الناحية العلمية ندرس الأسباب من ثلاثة محاور أو اتجاهات، فيجب أن ننظر:

1) هل المشكلة لدى الطفل؟

2) أم في المدرسة؟

3) أم في البيت؟

4) أم هي لعوامل مشتركة ما بين هذه الثلاثة محاور؟

فنحن كآباء وأمهات كثيراً ما نقع في خطأ، وهو أن نقارن بين أبنائنا، فالأطفال مقدراتهم مختلفة وليسوا شريحة واحدة، ويتطلب المنهج التربوي الصحيح لتربية الطفل أن نشجعه ونحاوره ونحفزه، وهناك من الأطفال من ينفع معه مبدأ التجاهل، وثالث قد يكون التوبيخ هو الأفضل معه... وهكذا.

هذا الطفل - حفظه الله - أعتقد أنه أصبح يُعاني من قلق الفراق، فهو لا يريد أن يفتقد أمان البيت، خاصةً أنه مرتبط بوالده كثيراً كما ذكرت، وربما لم يشعر بالأمان في المدرسة، لذا أصبح يُعبر عن احتجاجه بالتبول اللاإرادي، وعدم تحري الصدق فيما يقوله، وإن كنتُ لا أحب أبداً أن أصف الأطفال بالكذب؛ لأن الطفل كثيراً ما يختلط عليه الخيال بالحقيقة، خاصة قبل عمر الست سنوات.

الذي أنصح به في مثل هذه الحالات أن نحاول أن نرغب هذا الطفل لأن يذهب إلى المدرسة بأي وسيلة، وفي نفس الوقت يكون هناك شيء من الحزم والتجاهل لتصرفاته السلبية.

أيضاً التشجيع، وذلك من خلال التحفيز والكلمة الطيبة، والابتسامة، وتقبيله، واحتضانه، وتقديم هدايا بسيطة له، وهي أمور بالطبع معلومة لديك، ويمكن أن تعطي المعلمة من قبلك هدايا بسيطة لتقدمها له دون أن يعلم أنك مصدر هذه الهدايا.

طبقي معه طريقة النجوم، وهي طريقة معروفة جدّاً لدى الأمهات، وهي طريقة تحفيزية ممتازة جدّاً، وهي أن تثبتي لوحة بالقرب من سريره، واشرحي له أن كل فعلٍ أو تصرف إيجابي يقوم به سوف يكافأ عليه، وذلك بأن تلصق نجمتين على هذه اللوحة، وكل عمل سلبي يقوم به سوف يخسر ما بين نجمة إلى نجمتين، ويكون هنالك اتفاق معه أنه سوف يكافأ ويحفز حسب عدد النجوم التي يكتسبها في نهاية الأسبوع.

هذه الطريقة ممتازة جدّاً، وأول نجوم المكافآت يجب أن يكتسبها من خلال ذهابه إلى المدرسة، ولا ننسى أن نكافئه أيضاً لأي سلوك حسن يصدر منه داخل المنزل، وفي نفس الوقت يُعاقب دون أي نوع من التوبيخ بسحب هذه النجوم منه، وهذا التمرين السلوكي البسيط والجيد ينجح جدّاً إذا شرحنا للطفل كل تفاصيله، والطفل حين يستوعبه سوف يصل إلى قناعة تامة أن كل سلوكه وتصرفاته سوف يُحكم عليها من خلال هذه اللوحة التي تلصق بها النجوم، وسوف يكون أمراً ممتعاً للطفل، فأرجو أيتها الفاضلة الكريمة أن تطبقي هذه الطريقة.

الطفل حين يقول: إنني لا أريد الذهاب إلى المدرسة لا نساومه في ذلك، وعلينا أن نقول له سوف تذهب إلى المدرسة ونحن نعرف أنك سوف تذهب إلى المدرسة، واجعليه أيضاً يحضر كل متعلقات المدرسة في الليلة السابقة، أي لا يحضر شنطته والمتعلقات الأخرى من ملابس وخلافه في الصباح، إنما يجب أن تكون مجهزة في الليلة السابقة للذهاب إلى المدرسة.

التبول اللاإرادي هو نتاج لعدم الاستقرار النفسي وقلق الفراق الذي يعاني منه الطفل، وهذا يعالج أيضاً بالتحفيز وبالتشجيع، وأن نجعل الطفل يتجنب تناول المدرات مثل الحليب ليلاً، واجعليه أيضاً يمارس أي تمارين رياضية تناسب عمره.

أرجو أن تسعي لتحسين العلاقة بينه وبين أخيه، وأشعري أخاه الأكبر بأنه فعلاً هو الأكبر، وأنه هو الذي يرعى شئون أخيه دون أي نوع من التسلط، هذا سوف يساعد الطفل كثيراً، كما أرجو أيضاً أن تسعي لأن تجعليه يختلط بالأطفال الآخرين بقدر المستطاع، دون أن يكون الأخ الأكبر معه، والهدف من ذلك أن نعطيه شيئاً من الاستقلالية وبناء الذات بصورة غير اعتمادية.

لا أعتقد أن الطفل في حاجة لأي نوع من الأدوية؛ لأن بعض الأطفال نضطر لأن نعطيهم دواء يعرف باسم (تفرانيل) يعرف عنه أنه دواء جيد جدّاً في علاج التبول اللاإرادي وتحسين المزاج لدى الطفل، ولكن قطعاً لا نعطي هذا الدواء قبل أن يبلغ الطفل من العمر سبع سنوات.

أرجو أن تتحملي الطفل، وأن تزيدي من صبرك، وهذه الأحوال والمتغيرات السلوكية إن شاء الله تكون عابرة، وبالصبر عليه سوف يتحسن الطفل كثيراً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا خالد الورقي

    نفس مشكلتي مع ابني يرفض المدرسه نفس قصه الاخت الفاضله حتى اني كرهت اسمع صوته ولا اطيقه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً