الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس قهري بضعف التدين والإيمان

السؤال

لدي وسواس بأن ديني والتزامي ضعيف، وكلما حاولت وبذلت مجهوداً للاستقامة جاءني وسواس بأني غير ملتزمة، وأن الله سوف يعذبني على عدم استقامتي.

ما هو طريق الاستقامة والالتزام ليرضى الله عني وأكون راضية عن نفسي؟ فأنا أرهق نفسي بالعبادات والطاعات وقراءة الأذكار، وأخشى إن أصابني شيء ولا يرضى الله عني، وبعض الأحيان أطيل قراءة القرآن وأهمل واجبات عائلتي، مما يصيبني بالخوف والقلق من الموت، وأفكار تسلطية تتعبني.

أرجو مساعدتي لإخراجي من هذه الدائرة المغلقة من الأفكار، حيث أنني كلما رأيت فتاة غير محجبة قلت في نفسي كيف تمشي هذه في الشارع؟! ألا تخاف ممن أخاف أنا منه؟! لا تخاف الحساب ولا العقاب، وإن أصابها الموت فكيف تلاقي الله على معصية؟!

أفكر كثيراً بالذنوب، أو أخاف أن أذنب ولو حتى ذنباً بسيطاً، وهذا كله أصابني بعد أن مات فجأة شاب من فترة وتأثرت بموته، وعلى هذا صرت أخاف من الأمراض والموت والحساب والعقاب بشكل جنوني، والخوف من الذنب مازال يؤرقني ويكدر علي عيشي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ورد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

من الواضح تماماً أن الوساوس القهرية هي السبب الرئيسي في مخاوفك وتشكك حول عقيدتك وقبول عملك، وكذلك المخاوف الأخرى المتعلقة بالذنوب والموت والحساب.

أيتها الفاضلة: أقول لك إن شاء الله تعالى أنت على خير، وهذه الوساوس تعالج بالمقاومة وبالتجاهل وبالقناعة بأنها بالفعل هي وساوس، ومادامت وساوس فيجب أن لا أطيعها ويجب أن لا أتبعها.

العلاج الآخر هو والضروري جداً لحالتك هو الدوائي، وهذا النوع من الوساوس يستجيب كثيراً للعلاج الدوائي، بشرط أن يكون هنالك التزام قاطع من جانبك للالتزام بتناولك للدواء، ومن الأدوية الجيدة التي تعالج قلق الوساوس المصحوب بالمخاوف هو عقار سبرالكس (Cipralex) واسمه العلمي هو استالوبرام (Escitalopram) والجرعة المطلوبة هي (10) مليجرام ليلاً بعد الأكل، لا بأس من تناوله وقت النهار؛ لأن البعض يفضل ذلك، ولكن إذا حدث لك أي نعاس زائد يجب أن يتم تناوله في المساء، واستمري على جرعة (10) مليجرام لمدة شهرين ثم ارفعي الجرعة إلى (20) مليجرام في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى (10) مليجرام في اليوم لمدة ستة أخرى، ثم اجعليها (5) مليجرام، أي نصف حبة في اليوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، وأؤكد لك أن الدواء سليم وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية.

أرجو أن لا تترددي مطلقاً في تناول الدواء، فالكثير من الناس استفادوا منه، وبعد مضي سبعة إلى ثمانية أسابيع من بداية تناول الدواء ستحسين إن شاء الله تعالى أن هذه الوساوس قلت، وكذلك المخاوف، وأصحبت أكثر استرخاءً، وهنا بعد أن تبدأ فعالية الدواء الحقيقية يجب أن تسعي لتطبيق التطبيقات السلوكية، وذلك بالمزيد للمقاومة للوساوس، وعدم اتباعها بل تحقيرها، وهذا إن شاء الله سوف يكون علاجاً كافياً أي الدواء زائد التطبيقات السلوكية.

الذي أرجوه منك أن تتخلصي من الفراغ بقدر المستطاع، والتخلص من الفراغ دائماً يكون من خلال حسن إدارة الوقت، وإدارة الوقت يجب أن تشمل أنشطة مختلفة وأنت أدرى بظروفك، ومن خلال ظروفك الاجتماعية يمكنك تنظيم وقتك بظروف جيدة، وإن شاء الله يقلل من وقت الفراغ لديك؛ لأن القلق الوسواسي والمخاوف تصيد الناس في أوقات فراغهم غالباً - كما تفضلت في رسالتك - فإن الوساوس كثيراً ما تثار بأحداث حياتية، ونشاهد هذه الظاهرة أي الروابط المثيرة للوساوس من 60 إلى 70% من الناس، فأنت حدث عندك الموت الفجائي لهذا الشاب ـ رحمه الله ـ قد أثارت لديك الوساوس، فلا تنزعجي كثيراً لمثل هذا الرابط الطبيعي للوساوس القهرية.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً