الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة التفكير وتشتت الذهن .. والأرق الذي ترتب عليهما

السؤال

أنا طالب في المرحلة الجامعية، أعاني من التفكير الشديد في كل كبيرة وصغيرة، بل وتصل عندي في بعض الأحيان عندما أتحاور مع شخص، وعندما ينتهي الحوار أذهب إلى المنزل وأظل أردد الحوار في رأسي وأوهم نفسي بأشياء تتعبني كثيراً، ولا أستطيع التخلص من كثرة التفكير، وهذه المسألة أثّرت على مستواي التعليمي، وأنا - والحمد لله - أواظب على قراءة القرءان (جزءاً في اليوم)، وأصلي في المسجد، وأداوم على أذكار الصباح والمساء، ولكني تعبت كثيراً من هذه المسألة، وأرهقت بسبب تشتت الذهن.

أرجو إفادتي أثابكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن لديك درجة متوسطة من القلق النفسي، وهذا القلق أخذ الطابع الوسواسي؛ لذا أصبحت تعاني من هذه الاجترارات وتكرار الأفكار، وكذلك تحليلها، والنظر في أبعاد تفصيلية كثيرة حول الأمور التي قد لا تستحق ذلك، وهذا نوع من القلق النفسي ولا شك في ذلك.

والقلق هو طاقة مطلوبة لنا في حياتنا حتى نثابر وننجح، وتكون لنا الدافعية والتوجه الإيجابي، ولكن حين يزيد عن المعدل المعقول قد يؤدي إلى الإرهاق والإجهاد الذهني كما ذكرت وتفضلت.

وقد سعدت عندما عرفت أنك ملتزم بصلاتك وتواظب على قراءة القرآن وأنت في تلك البلاد البعيدة، فأسأل الله تعالى أن يزيدك في هذا العمل الصالح، وأن يجعله مفتاح خير وبركة بالنسبة لك، ولا شك أن قراءة القرآن بتدبر وتأمل تحسن من تركيز الإنسان، وتبعث فيه طمأنينة كثيرة، فكن حريصاً على ذلك.

ويجب أن تحتم على نفسك أن هذا التفكير الشديد الذي يسيطر عليك يجب أن لا يأخذ كل هذا الحيز من كيانك، وقل لنفسك: لماذا لا أوجه هذا التفكير نحو أنشطة فكرية مفيدة كأن أكون أكثر مواظبة على دراستي أن تبدأ في مشاريع بحوث، أن تُكثر من اطلاعاتك غير الأكاديمية، هذا يؤدي في نهاية الأمر إلى توجيه الطاقات النفسية القلقية نحو مسارات أفضل.

المحور الثاني: هو أن توزع وقتك بصورة صحيحة، وأن تدير الزمن بصورة جيدة؛ لأن هذا وجد أن الإنسان إذا كلف نفسه بقيام بمهمة معينة وحدد زمناً لذلك، فسوف يكرس جهده من أجل إنجاز هذه المهمة، وهذا يقلل كثيراً من فرص تشتت الأفكار وتطايرها، ويكون انكبابه وانسجامه وتركيزه كله على المهمة التي يريد أن ينجزها.

فإذن: قم بوضع جدول يومي واجعل لنفسك برامج تحتوي على أنشطة مختلفة، وقم بتنفيذها، وهذه البرامج يجب أن تشمل الراحة، ممارسة الرياضة، قراءة القرآن، الترويح عن نفسك بما هو مباح وطيب، ليس من الضروري أن تقضي كل الوقت انكباباً على الأكاديميات، فإدارة الوقت تحسن التركيز.

الأمر الآخر الذي أريدك أن تتدرب عليه: هو أن تمارس تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء يمكنك تصفح بعض المواقع على شبكة الإنترنت، وتطبق التعليمات والتوجيهات التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، وهناك طريقة تسمى بطريقة (جاكبسون) تعتبر من الطرق الجيدة جدّاً فكن حريصاً على ممارسة تمارين الاسترخاء.

الجزء الأخير: هو أن أصف لك دواءً يقلل من القلق والتوتر والوسواس، ويجعلك أكثر هدوءً وسكينة وطمأنينة واسترخاءً، وهذا يعود عليك بمنافع إيجابية كثيرة تحسن من انتباهك وتركيزك.

الدواء الذي أنصح بتناوله يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تتحصل عليه وتتناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناول هذه الجرعة البدائية الصغيرة لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة (عشرة مليجرام) يومياً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يومياً لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أرجو أن تكون متفائلاً، وباتباعك لهذه الإرشادات وتناول الدواء بصورة صحيحة سوف تجد أن تركيزك أصبح أكثر صلابة، وكذلك انتباهك؛ مما يعود عليك بمنافع إيجابية كثيرة، وختاماً نشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً