الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر طلب الواسطة على التوكل على الله

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من المعلوم أن المسلم يجب عليه التوكل على الله في كل صغيرة وكبيرة، وحتى يحقق ذلك عليه أن يأخذ بالأسباب قدر استطاعته، فهل الواسطة من الأسباب؟ مثلاً لو قدمت على وظيفة في مكان معين، وأعرف شخصاً لديه القدرة على التوسط، فهل هذا ينافي التوكل أم يدعمه؟ مع الأخذ في الاعتبار أن كل الوظائف تدخل فيها الواسطة بشكل كبير جداً.

قرأت في مجال التنمية البشرية أن الإنسان الناجح هو الذي يجيد تكوين العلاقات التي تساعده على النجاح، وتحقيق أهدافه، فهل هناك إثم لو تقربت من شخص كي يقدم لي خدمة تساعدني على تحقيق أهدافي، وإن كان هذا المفهوم خاطئاً وينافي التوكل على الله، فما هو الصواب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحباً بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، وقد أحسنت حين فهمت أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله سبحانه وتعالى، فقد شرع الله سبحانه وتعالى لعباده الأخذ بالأسباب، لتكون موصلة إلى الأقدار التي قدرها الله عز وجل، كما قال الشاعر وهو يتحدث عن مريم – عليها السلام – حين أمرها الله بأن تهز النخلة فقال:

ألم تر أن الله قال لمريم *** وهزي إليك الجذع يَسَّاقط الرطب
ولو شاء أن تجنيه من غير هزَّةٍ *** جنته ولكن كل شيء له سبب
قدر الله سبحانه وتعالى المقادير، وجعل لها أسباباً، وتعبّد العباد بسلوك هذه الأسباب، لتكون موصلة لتلك المقادير التي قدرها، ولكن من المهم جدّاً في موضوع الأسباب أن ينتبه المسلم لمسألتين:

المسألة الأولى: أن يكون جازماً معتقداً بأن هذه مجرد أسباب، وأن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى، ومن ثم فيعلق قلبه بالله جل شأنه؛ لأن هذه الأسباب لا تفعل بنفسها، وقد يأخذ الإنسان بسبب لكنَّ الله عز وجل لا يقدر له ما يريد؛ لأنه سبحانه وتعالى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ومن ثم فيتوجه بالقلب ويتعلق بالله لا بهذه الأسباب، فلا يعتمد عليها بقلبه، ولا يركن إليها غافلاً عن الله مسبب الأسباب.

الأمر الثاني في الأسباب: هو أن يقف الإنسان عن الأسباب المشروعة - وهذا فرع عن الأول – فإنه إذا كان يوقن أن الأمر كله لله سبحانه وتعالى، فإنه يعلم أن الله عز وجل لا يجعل ما حرمه الله على العباد سبباً لأرزاقهم، فيقف عند الأسباب المباحة ويتجنب الأسباب المحرمة، وبهذا الفهم سيكون أدى لمقام التوكل حقه، فاعتمد على الله سبحانه وتعالى، وفوّض الأمور إليه، وأخذ بالأسباب التي لا تقطعه عن الله، ولا توقعه فيما حرم الله سبحانه وتعالى.

الواسطة – التي هي الشفاعة – للوصول إلى مقصود من المقاصد المباحة - إذا لم تتضمن أمراً حراماً، كالاعتداء على حقوق الآخرين ممن هم أقدم، أو نحو ذلك، إذا لم تتضمن شيئاً من المحرمات فإنها جائزة ومشروعة، وهي من جملة الأسباب، فلا حرج على الإنسان أن يأخذ بها، وأن يطلب ويبحث عن من يشفع له أو يتوسط له ليحصل على وظيفة معينة، فإن هذا من جملة الأسباب، مع التفاته للأمرين السابقين اللذين ذكرناهما.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفتح لك أبواب الخير، وأن يقدر لك الخير حيث كان وييسره لك.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً