الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانطواء والعزلة والاكتئاب وكيفية التخلص منها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية أشكر القائمين على هذا الموقع، وأسأل الله تعالى أن يكتب أجرهم ويجزيهم عنا خير الجزاء.

منذ سنوات وأنا أعاني من الانطواء، وتغير المزاج، ولا أحس ببهجة الحياة الدنيا، وما جعلني أكتب إليكم هو تكرار هذه المعاناة، وخصوصاً عندما أقدم على شيء مهم تجدني أتحمس في بادئ الأمر، وعند اللحظة الحاسمة أغيّر رأيي، لا لسبب معين سوى كره المضي فيـه.. فآمل منكم نصحي وإفادتي لعل الله ينفع بكم، ولكم الأجر والمثوبة من رب العباد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإذا كان الإنسان متحمساً لأمر ما، وبعد ذلك فقد روح المبادرة وقل حماسه، ووجد نفسه عاجزاً عن أداء ما يريد أن يصل إليه، فهذا دليل على وجود نوع من الهشاشة النفسية التي جعلت الإنسان قابلاً لدرجة بسيطة من الاكتئاب النفسي، وهنالك مؤشرات كثيرة ذكرتها في رسالتك، ومنها الانطواء، وتغير المزاج، وعدم الإحساس بجمال الحياة، هذا كله مؤشر على وجود اكتئاب نفسي، أسأل الله تعالى أن يكون من الدرجة البسيطة.

والاكتئاب النفسي يعالج من عدة طرق، أهم طريقة هي ما يسمى بالتخلص من الأفكار السلبية المشوشة والمشوهة؛ لأن الاكتئاب كثيراً ما يكون ناجماً عن هذه الأفكار أو هذه الأفكار ربما تكون هي السبب في ظهور الاكتئاب، وهكذا يجد الإنسان نفسه قد دخل هذه الحلقة المفرغة.

ولذا وجد علماء السلوك أن أفضل طريقة لعلاج الاكتئاب بجانب العلاج الدوائي هو أن يلجأ الإنسان إلى التفكير الإيجابي، التفكير الإيجابي مهم؛ لأن الاكتئاب يجعل الإنسان ينسى تماماً الأشياء الطيبة والجميلة في حياته، وحين تسيطر هذه المشاعر تتقلص الأفعال، أي أقصد أن تتقلص في نظر الإنسان، قد يكون الإنسان يقوم بأعمال جيدة وممتازة، ولكنه لا يستشعرها ولا يحس بالرضا؛ لأن مشاعره هي الغالبة؛ ولذا نقول للناس حاولوا دائماً أن تحكوا على أنفسكم بأفعالكم، ولا تحكموا على أنفسكم بمشاعركم، فالمشاعر تقود الإنسان نحو التشاؤم إذا كانت سلبية، ولكنَّ الأفعال إذا تذكرها الإنسان وشعر بقيمتها هذا فيه نوع من التحفيز الذاتي.

فلابد أن حياتك فيها إنجازات، ولابد أن تكون أنت الآن تقوم بأعمال طيبة، فأرجو أن تتذكر هذا، وأن تعظم هذه الفكرة، ولا تظلم نفسك، ولا تقسو في حق ذاتك، أنت مُنجز وهذا يجب أن تُقدره، وهذا يساعدك كثيراً أن تخرج من هذه المعانات النفسية.

الأمر الآخر: هو إدارة الوقت بصورة فاعلة، القلق والاكتئاب والانطوائية تجعل الإنسان لا يعطي للزمن أهمية، والدراسات الآن تشير أكثر الناس نجاحاً هم الذين يديرون وقتهم بصورة صحيحة، ونحن كما تعرف نعيش في زمنٍ الواجبات فيه أكثر من الأوقات، فأرجو أن تكون مديراً حقيقياً ناجحاً ونافعاً لوقتك، وهذا قد يضطرك لأن تكتب ما تود أن تنفذه في اليوم، وهذا ليس بأمر مرفوض أبداً، بل نفضله في كثير من الحالات، الإنسان إما أن يضع خارطة ذهنية لإدارة وقته ويتبعها أو يكتب ذلك في ورقة، بعد صلاة الفجر سوف أقوم بكذا، ثم سأقوم بكذا، ولابد أن يكون هناك نوع من التنوع ونوع من التشكيل في الأنشطة التي يقوم بها الإنسان، يعطي للعمل جزءا، يعطي للراحة وقتا، لممارسة الرياضة، العبادة، الترفيه عن النفس بما هو مشروع، تقديم الخير والمساعدة للآخرين... هذه كلها نماذج جيدة وفعاليات إذا التزم بها الإنسان سوف ترفع من قيمتك الذاتية في نظرك، وهذا مهم جدّاً.

أمر آخر مهم وهو الصحبة الطيبة والقدوة الصالحة والنموذج الفاعل، هذه متى ما اتبعها الإنسان سوف يخرج من الانطوائية ولا شك أن هذا المنهج سوف يكون دافعاً لك لأن تخرج من هذه الحالة الإحباطية التي تعيشها، فلابد أنك تعرف الكثير من الطيبين والصالحين فاجعلهم لك أخلاء، وحاول أن تتفاعل معهم، وهذا يرفع من مهاراتك الاجتماعية، وسوف تزيدك خيراً إن شاء الله.

ممارسة الرياضة أيضاً لها أهميتها، دراسات كثيرة الآن أمامنا تشير أن الرياضة تعمل من خلال تغيير المنظومة الكيميائية الداخلية في الجسم، وهذا يزيل الإحباط والاكتئاب، فكن حريصاً على ذلك.

بقي أن أقول لك أخيراً أن العلاج الدوائي سوف يساعدك أيضاً كثيراً في حالتك، وأنصح لك بتناول الدواء الذي يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وهو من الأدوية الطيبة المضادة للقلق والاكتئاب، وأعتقد أنك سوف تحتاج بجرعة صغيرة، وهي أن تبدأ بخمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناولها لمدة أسبوع، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى عشرة مليجرام، تناولها يومياً بعد الأكل، يمكن أن تتناول الدواء في الصباح، ولكن إذا شعرت بشيء من النعاس أو الاسترخاء الزائد فتناول الدواء مساءً، يجب أن تستمر على جرعة العشرة مليجرام يومياً لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة أبداً، بعد ذلك خفض جرعة الدواء إلى خمسة مليجرام يومياً لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

ويمكنك الاطلاع على علاج الانطوائية والعزلة سلوكياً في الاستشارات التالية: (265122 - 263794)، وكل عام وأنتم بخير.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر مالك

    والله قرأت سؤال الأخ فإستعجبت ! وكأنني انا من يسأل وكأنه يصف حالتي.. فكل ما يعانيه ينطبق علي.. نسأل لله الشفاء

  • مصر حياة

    افادكم الله ولكن الكلام سهل ولكن من يطبق وكيف اعالج نفسى وانا اكرهها والشعور بعدم رضاالضمير يلازمني سنى19 ولكنى من حزنى اشعر انه100

  • لبنان ميرا

    لا حول ولا قوة الا بالله والله هذا البعد عن الدين

  • السودان wafa

    نفس الإحساس الذي أشعر به. انا أكون وسط الناس ولكن لا اتفاعل معهم بل لا استمع لما يقولونه وكأني لست موجوده
    أكون شاردة الذهن دائما مما أثر علي حياتي الجامعية وعلي دراستي

  • رومانيا احمد يوسف

    انا حسيت انك بتوصفنى انا بس احمد ربنا اانا بعانى من اضعاف الى انت قولتوا الحمد لله على كل شئ

  • المغرب سيرين

    سلام عليكم انا اتعبني هدا المرض اصبح الانطواء بسيطير على حياتي كتيرا الله يشافي الجميع يارب

  • أمريكا R

    يا الله نفس شعوري حاليا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً