الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تربية الأطفال على المحافظة على الصلاة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابني عمره 7 سنوات وشهر، مشكلته أنه يتكاسل عن الصلاة، جربت معه جميع الطرق، القصص، الترغيب، المكافأة، التشجيع، الهدايا، أخيراً حينما يؤذن للصلاة أخبره بأنه حان موعدها، وحين لا يصلي أتجاهله ولا أتحدث معه أبداً، ويعرف أن السبب أنه لم يصل، ويذهب ليصلي، ولكن بعد فوات الأوان، وأحياناً لا يصلي إلا إذا كان يريد مني شيئاً، فهل طريقتي هذه صحيحة أم لا؟

خصوصاً أني أشعر أنه لا يصلي إلا إرضاءً لي، وأنا أرفض هذا المبدأ تماماً، فأرجوكم أرشدوني كيف أحبب ابني بالصلاة، دائماً أحكي له عن الجنة، وعن الحسنات والسيئات، وأنه أول ما يسأل عنه المؤمن هو صلاته، أحتاج نصائحكم لي بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أولادي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، ونسأل الله تعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم.

وبخصوص ما ورد برسالتك أحب أن أقول لك -أختي الكريمة-: إن الأطفال في مثل هذه السن لا يميزون ما بين حق الله تعالى وحق عباده؛ ولذلك كونه يصلي إرضاء لك هذا شيء طبيعي؛ لأنه لم يستشعر الإيمان بعد، ولم يستقر في قلبه معرفة عظمة الله تعالى؛ ولذلك هو يتجاوب فقط مع الظاهر من أعماله، فهو يستجيب لك بناء على حبه لك، وحرصه على إرضائك، وأيضاً على الأسلوب الذي تتعاملين به معه، وهذا أمر عادي في هذه المرحلة، ولكن عندما يستمر على هذا الوضع فإنه سيأتي عليه يوم يعرف أن الصلاة هي حق الله تعالى، وذلك من خلال التوجيه الذي ستقومين أنت به، وقد يقوم به الوالد، وقد تقوم به المؤسسات التعليمية، كالمدارس، ومراكز التحفيظ، وغير ذلك، إذن فكرة أنه لا يصلي إلا إرضاء لك، هذا أمر عادي خلال هذه الفترة.

أرى أن ما تقومين به من تصرفات ومعالجات أمر معقول، إلا أني لا أتمنى أن تبالغي فيه؛ لأن سن السابعة كما تعلمين هو سن مجرد الحث على الصلاة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع) فأنت تقولين له: صل، ولكنه إذا ترك بعض الصلوات فلا مانع من تجاهل هذا الأمر، حتى لا يكره الصلاة من كثرة الإلحاح، ومن كثرة التعنيف أو التوبيخ، فانا أتمنى أن تستمري في أسلوبك معه، حتى تشعريه بأهمية الصلاة، لتصبح جزءا من مكوناته الشخصية، وكلما صلى حاولي أن تكافئيه، ولا يلزم أن تكون المكافأة مادية، حتى لا تتحول الصلاة عنده إلى وسيلة لابتزاز مادي أو غير ذلك، وإنما قد تكون المكافأة الخروج مثلاً في رحلة، وقد تكون مثلاً تحقيق رغبة معينة، وقد تكون شراء لعبة جديدة، وقد تكون إعطاءه الفرصة لمشاهدة بعض الأشياء التي يحبها، وقد تكون الثناء والإطراء والمدح، وقد يكون مجرد تعليق لوحة في البيت نسميها لوحة الشرف، يسجل اسمه عليها كلما صلى يوماً كاملاً ولم يترك صلاة، تكتبين في لوحة الشرف هذه بأن فلاناً اليوم حقق أعلى درجة من الإنجاز، وأن الله تعالى يحبه، وأن أمه تحبه وكذلك أباه.

حاولي ابتكار وسائل بعيدة عن الماديات، حتى تشعريه بأنه إذا صلى يلقى منك قبولا وترحيبا، وأيضاً يثني عليه والده، وإذا كان له جد يأتي البيت أيضاً فأنت أمام جده تقولين: (فلان يصلي) حتى يمدحه ويثني عليه، وبذلك سنرفع عنده معدل الحرص على الصلاة، ونشعره بأن الصلاة نحن نستقبلها باهتمام بالغ؛ مما يترتب عليه أنه سيحب الصلاة بطريقة تلقائية، وهنا أقول بأن هذا الأسلوب سيكون جيداً ومفيدا - بإذن الله تعالى -.

أما أسلوب التوبيخ أو التعنيف فأرى أن تقللي منه قدر الاستطاعة، وأن تتغافلي عنه بعض الشيء حتى لا يشعر بأنه مجبر أو مكره على الصلاة، وإنما دائماً حثيه وشجعيه عن طريق القصص، والتذكير بالحسنات، وبالجنة، وما عند الله، وحاولي أن تتنزلي إلى مستواه العقلي، واصلي ما أنت عليه، ولكن قللي فكرة التجاهل أو عدم الحديث، حتى لا يشعر بأن هناك إلزام أو إجبار منك بصورة لا تفارقه أو تضغط عليه، وإنما كما ذكرت وسعي دائرة التحفيز والمكافأة والدعاء له، لا تنسه بظهر الغيب لأنه مازال طفلاً صغيرا، ولا يعقل هذه الأشياء التي تفعلينها، هو يتفاعل مع الظاهر من رؤيته لك، ومع الظاهر بكلامك وشكلك عندما تكونين في حالة غضب وعدم راحة لتصرفاته، هذا الذي يتفاعل معه، ولكن أبشرك بأنه مع استمرار هذا الأسلوب، حتى وإن ترك فرضا أو فرضين في اليوم بنوع من التغافل منك، فإنه سوف يخرج - إن شاء الله - وقد أصبحت الصلاة جزءا من مكوناته الشخصية؛ لأنه كما قال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه

وأيضاً هناك وسيلة أخرى، وهي أن يأخذه الوالد معه إلى المسجد، كونه يأخذه معه إلى المسجد ويصلي بجواره فيه نوع من التشجيع، خاصة وأنه في المسجد قد يتعرف على بعض من هم أمثاله في مثل سنه، وقد يتعرف على رجال يسلمون عليه ويفرحون به، فهذا سيكون دافعاً قوياً.

وأوصيك بالدعاء، والإلحاح على الله أن يحبب إليه الصلاة، وأن يجعله من صالح المؤمنين؛ لأن الدعاء من أعظم وسائل التغيير، وسيكون معينا لك إلى درجة كبيرة في تحقيق ما تتمنينه من صلاح أولادك واستقامتهم، وإذا كان هو الولد الكبير بهذا الوضع فإنه أيضاً سيشجع إخوانه، وأسأل الله أن يصلح أولادك وأولاد المسلمين، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • البحرين ام علي

    راااااااااائع جزاكم الله عنا خير الجزاء

  • جنوب أفريقيا حسناء

    مشكوووووورة على المعلومات جزاك الله خيرا

  • مصر ياسمين من مصر

    جزاكم الله كل خير وبارك الله فيكم

  • مصر على نور الدين

    عليكم بدعاءسيدنا إبراهيم عليه السلام:
    رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى ربنا وتقبل دعاء

  • الكويت Asad asonna

    ما الضير من الابتداء بتعريفه بالله فضلا و قوة و تصرفا لترغيبه وترهيبه كما جاء في محكم التنزيل على لسان لقمان وهو يعظ ابنه حيث انه عرّفه بالله ثم جاء الأمر بالصلاة و هذا حال المفرطين في صلاتهم من الكبار اذ لا يعلمون عظم ذنبهم لعدم معرفتهم بعظم من عصوا فمعرفة الله تورث محبته و الانصياع لأمره و اجتناب نواهيه

  • مصر ابو سلمان

    جزاكم الله خير

  • المغرب محمد

    جزاكم الله خيرا

  • أمريكا عبيدة العبدالله

    وفقكم الله

  • مصر التائبة الى الله

    جزاكم الله خيرا، موقع أكثر من رائع

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً