الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب الملل والاكتئاب عند القراءة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب أدرس خارج المملكة، ومشكلتي حينما أرجع إلى بيتي لا أستطيع فتح كتابي، فقد تأتيني الأعذار والتبلد وعدم المبالاة، مع العلم بأنني أحب القراءة والمذاكرة.

لكن يعلم الله أن هنالك شيئاً يأتيني حينما أريد أن أذاكر، ويدفعني، ويصيبني بالكتمة الداخلية في صدري!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد المجيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فكما تعرف أن الإنسان حين يبتعد عن وطنه وأهله ربما يحس بشيء من عدم الارتياح والتغرب، وهذا بالطبع ناتج عن عدم القدرة على التواؤم، والانتقال من مجتمع إلى مجتمع له منهج مخالف، وعادات لم يتطبع عليها الإنسان، أو لم يكن يتعايش معها سابقاً.

هذا أيضاً قد يفقده القدرة على الموائمة، ولكن هذه الأمور أصبحت الآن أسهل من الزمن السابق كثيراً؛ لأن التواصل بين الإنسان ووطنه وأهله أصبح من السهولة بمكان، كما أنه بفضل الله تعالى توجد الكثير من الجاليات العربية والإسلامية في هذه الدول مثل كندا.

الذي أريده منك هو: أن تستشعر أهمية ما هو مطلوب منك، فأنت ذهبت من أجل تلقي العلم، وذهبت لتستفيد من تلك البلاد، والحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها فهو أحق الناس بها.

حين تحدد هدفك وتستشعر المسئولية، أعتقد أن ذلك سوف يعطيك الدافع، وتقول لنفسك: (ما الذي يجعلني لا أقرأ؟ أنا يجب أن أرتفع بمشاعري ووجداني، وأحول طاقاتي كلها إلى طاقات إيجابية)، وتشرع أيضاً في إدارة وقتك بصورة صحيحة، فمن حقك أن ترفه عن نفسك بما هو مشروع، أن تمارس الرياضة، أن تأخذ قسطا كافيا من الراحة، أن تشاهد البرامج المفيدة في التليفزيون، هذا كله أمر جيد وطيب ومشروع، ويعطيك إن شاء الله الدافعية لتخصص وقتاً أكبر بالنسبة للقراءة.

هنالك أيضاً موضوع مهم جدّاً، وهو: في هذه البلدان لابد للمؤمن أن يكون أكثر تمسكاً بدينه وإسلامه، فالإنسان حين يكون في معية الله في مثل هذه الظروف، لا شك أنه سوف يحس بالقوة وبالرضا، وسوف تتحسن دافعيته.

أنا مثل ما أوصي نفسي أوصيك بهذا المنهج، وحقيقة الإنسان حين يذكر ربه تقوى شكيمته وتتحسن دافعيته وتركيزه وذاكرته، مصداقاً لقوله تعالى: ((وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا))[الكهف:24].

هذا أمر لابد أن نركز عليه، وأنا حقيقة لا أقوم أيها الفاضل الكريم بوعظ ديني، فأنا أعرف أنك مسلم ومتيقن بما أقوله، ولكن الذي أقوله لك هو علاج سلوكي نفسي أصيل، فأرجو أن تأخذ بذلك.

وحبذا أيضاً لو استطعت أن تبني شبكة اجتماعية تساعدك، فالإنسان يحتاج إلى أخيه الذي يعينه على أمر الدين والدنيا، فابحث عن الطلاب الجيدين من أصحاب الخلق والدين، والمتميزين المتواجدين في الجامعة أو الكلية التي تدرس بها، وهم والحمد لله كُثر.
فإذا بنيت شبكة اجتماعية على هذا الطراز، وعلى هذا النمط أيضاً بإذن الله تحسن من دافعيتك.

أود أيضاً أن أوصيك بتناول أحد الأدوية البسيطة التي تساعد في إزالة القلق والتوتر، وتحسن المزاج، مما ينتج عنه رفع درجة التركيز، سيكون أمراً جيداً، ربما يصعب عليك الحصول على الدواء في كندا، ولكن إذا ذهبت إلى طبيب الكلية، أو إذا تواصلت مع أهلك ليرسلوا لك هذا الدواء، فليس هنالك ما يمنع.

الدواء يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، تبدأ في تناوله بمعدل خمسة مليجرام يومياً، والدواء يوجد في شكل حبوب تحتوي على عشرة مليجرام.

إذن تناول نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة – أي عشرة مليجرام – يومياً لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسة مليجرام يومياً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء من الأدوية السليمة جدّاً والفاعلة جدّاً، وأسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً