الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتعامل الأم مع انحراف الأب وبناته؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا أم لخمسة أولاد، ثلاث بنات هن الكبار، وصبيان تتراوح أعمارهم بين الرابعة والعشرين والأربع عشرة، ربة منزل وزوجة لبناني، عشنا الحرب بتفاصيلها، وحملنا آثارها وتبعاتها من قلق وخوف وعدم استقرار...

سافرنا فترة من الحرب إلى بلاد أوروبية، مما ترك بصمات لا تمحى على دراسة الأولاد وتربيتهم سواء الآن أو بعد عشر سنوات من العودة، خلالها تحجبت فيها البنات من دون أي ضغط أو إقناع من ناحيتي، باستثناء بعض التوجيهات الغير مباشرة، لكن بعد فترة ست سنوات، بدأت الكبيرة بالتمرد وترك الصلاة، ثم خلعت الحجاب، وتبعتها الثانية بعد سنة، أما الصغيرة فلا تزال محجبة ثبتها الله.


أسباب هذا التمرد والعصيان عائد للمحيط الشاذ وافتقار العائلة والأقارب للأجواء الدينية التي تساعد، والأهم من ذلك زوجي الذي كان ملتزما ومبالغا بالالتزام ثم فجأة بدأ بالابتعاد وانتقاد الدين والإسلام والمسلمين، لدرجة أنه ترك الصلاة أيضاً، مما انعكس على علاقتنا تدريجياً، حتى وصلنا إلى حافة الطلاق.

أنا أتابع دراسة العلوم الشرعية في الفترة الأخيرة، فقد وجدت فيها المرجع والملجأ والمشورة، ولكن الملاحظ ازدياد البعد والعصيان والتمرد، مع العلم أني لا أطبق التوجيهات إلا بشكل هادئ يتناسب مع الحالات الصعبة هذه...

دعوت لله، وحاولت كل مستطاعي، واتبعت كل نصيحة، فرغت جعبتي إلا من رحمة الله، ونعم بالله. أشيروا عليَّ علَّني تهت عن طريقة أو أسلوب...

شاركوني الدعاء جزاكم الله كل خير...

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / إيمي حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بدايةً أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يثبتك على الحق، وأن يكثر من أمثالك في المسلمين، وأن يرد زوجك وبناتك إلى الإسلام مرداً جميلاً، وأن يغير حالهم إلى أحسن حال، وأن يجعلك وإياهم من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، وأن يهديكم ويصلح بالكم، اللهم آمين .

الأخت الفاضلة! كان الله في عونك، وسدد الله خطاك، وقواك الله على مواجهة تلك التحديات الصعبة والمرهفة، وأحب أن أبشرك بأن الله سيرد زوجك وأولادك إليه، وسيكونون من الصالحين بإذن الله رب العالمين .

ولكن لكي يتحقق ذلك لابد من مراعاة عدة أمور :

1- عدم إغفال سلاح الدعاء في جميع الأوقات؛ لأن لله ساعات تتنزل فيها رحماته، وتستجاب فيها الدعوات، فأكثري من الدعاء والإلحاح على الله بهدايتهم جميعاً.

2- عليك كذلك بالإكثار من الاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عل الله أن يهديهم ويعيدهم إلى الطاعة والالتزام .

3- واصلي الدعوة إلى الله، والحث على طاعته بغاية الرفق واللين، واستغلال الفرص المواتية للدعوة، وتوظيف كل الإمكانات لتحقيق هذا الهدف .

4- استعيني ببعض الصالحين أو الملتزمين للمساعدة معك في الدعوة إلى الله، وحث الزوج والأولاد على العودة إلى الطاعة والعبادة .

5- استخدمي مع زوجك أسلوب الزوجة المحبة الحريصة على زوجها، والتي تود له كل خير في الدنيا والآخرة، واستفيدي من لحظات الأنس والرضا، وذكريه بما كان عليه من طاعة والتزام، واشرحي له بهدوء عاقبة ما هو عليه على نفسه خاصة وأولاده عامة .

6- إذا أمكن الاستعانة ببعض أصدقائه الصالحين، وشرح ظروفه لهم؛ لعل وعسى أن يؤثروا عليه ويساعدونه في العودة إلى ما كان عليه وأفضل.

7- إذا لم يتيسر شيء من ذلك بخصوص المساعدين الصالحين، فاستعملي الوسائل الدعوية الأخرى من أشرطه وكتيبات ومطويات وغيرها .

8- احرصي على ضم البنت الملتزمة إليك، واقربي منها أكثر، وشاركيها معك في برنامج إصلاح أخواتها، حتى لا يؤثروا عليها، إذ أنها بذلك ستهاجمهم قبل أن يهاجمونها، وهذا أٍسلوب نافع ومفيد.

9- غيري أسلوبك الدعوي القديم، واستخدمي وسائل أكثر فعالية مع زوجك وأولادك .

10- حاولي أن تعرضي عليهم الاتصال بالموقع كما فعلت أنت، ومساعدتهم على طرح ما لديهم من مشكلات أو عقبات، وبالتالي سيسهل علينا مساعدتك ومساعدتهم، فاجتهدي في ذلك، ونحن هنا سنكون على استعداد للرد عليكم فوراً بإذن الله رب العالمين .

11- واصلي طلب العلم الشرعي والتزود منه؛ لأنه زادك الأول بعد التقوى، وقارب النجاة الذي سيحملك إلى بر النجاة في الدنيا والآخرة .

12- إياك أن تنشغلي بطلب العلم الشرعي عن زوجك وحقوقه؛ لأنك بذلك تفقدين كل شيء، وإنما دائماً أبداً اجعليه هو هدفك الأول قبل نفسك وأولادك؛ لأن هذا هو حقه عليك.

13- يقول الحق بتارك وتعالى: ((وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ))[الإسراء:81] فمهما طال الليل فلابد من صبح يبدد ظلماته، فلا تستسلمي أو تضعفي أو تتوقفي عن إنقاذ زوجك وأولادك، وتذرعي بالصبر الجميل، وأكثري من الدعاء كما أشرت، والغلبة لك، والنصر لك، والتوفيق لك بإذن الله رب العالمين، مع خالص دعواتنا لك بالتوفيق في مهمتك الصعبة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً