الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج الرهاب الاجتماعي اليسير المؤدي إلى الشعور بالخجل وعدم التركيز

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من رهاب اجتماعي بسيط، وهو الشعور بالخجل وعدم التركيز أي: ضياع الأفكار، وذلك عندما أتكلم أمام مجموعة كبيرة من الناس، وأيضاً تأتيني بعض الأفكار بأن الجميع يحدقون بي، بالرغم من أنني أعلم أن هذا الشيء خطأ، فكيف أتخلص من هذا الرهاب؟ لأنه يضايقني كثيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمير محمد المصري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإن حالتك هي من الحالات البسيطة، والرهاب الاجتماعي هو في الأصل يأتي تحت القلق النفسي، وهو يتفاوت في شدته وحدته، وفي بعض الأحيان قد يكون مصحوباً بنوبات هرع ووساوس قهرية ومخاوف أخرى.

كما أن الاكتئاب النفسي ربما يكون مصاحباً لنوبات الرهاب، لكن بفضل الله أنت حالتك تعتبر من الحالات المحدودة والبسيطة والعارضة إن شاء الله، والمطلوب منك هو أولاً أن تتفهم حالتك أنها حالة بسيطة، وكما ذكرنا لك هي قلق نفسي من النوع المبسط، وهي لا تعني أبداً أنك أقل من الآخرين بأي حال من الأحوال، وتصحيح المفاهيم هذا هو أهم نقطة بداية للعلاج السليم.

ثانياً: معظم الذين يعانون من الخوف الاجتماعي تأتيهم أفكار خاطئة حول نظرات الناس إليهم، فصاحب الرهاب يعتقد أنه مرصود ومراقب من قبل الآخرين، وأنه سوف يفشل في أي نشاط اجتماعي، أو أنه سيكون موضع استهجان واستحقار من الآخرين، هذا أيها الفاضل الكريم ليس صحيحاً.

ثالثاً: ما ينتابك من شعور بالخوف وربما تسارع في ضربات القلب ومشاعر أخرى كالتلعثم هذه أيضاً مشاعر مبالغ فيها، والتجارب والشواهد العلمية أثبتت أن الذين يعانون من الخوف والرهاب الاجتماعي دائماً تكون هناك مبالغة شديدة جدّاً في أفكارهم السلبية حيال أنفسهم.

هذه النقاط الثلاث أريدك أيها الفاضل الكريم أن تأخذها كنقاط أساسية لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول الرهاب الاجتماعي، وأعتقد أن ذلك سوف يساعدك كثيراً في التخلص من هذا الخوف.

خاصة وأنك بفضل الله تعالى في بدايات الشباب والحيوية، وهذا هو وقت الطاقات النفسية والجسدية التي يجب أن يُستفاد منها وتوجه الاتجاه الصحيح.

هناك علاج يسمى بالعلاج السلوكي، وما ذكرناه لك هو جزء من العلاج السلوكي، ونريد أن نضيف عليه أن العلماء قد أجمعوا أن أفضل وسيلة لعلاج الرهاب الاجتماعي وكل أنواع الخوف هي أن يعرض الإنسان نفسه لمصدر خوفه دون أن يستجيب استجابة سلبية، وهذا يعني أن تعرض نفسك لهذه المواقف التي تحس فيها بعدم التركيز وضياع الأفكار والخوف، وفي نفس الوقت تتذكر النقاط الثلاث الخاصة بتصحيح المفاهيم التي ذكرناها لك.

والتعريض للمواقف الاجتماعية يمكن أن يكون في الخيال، وبعد ذلك يُطبق في الواقع، وأعني بالخيال أن تغرق نفسك في أفكار أنك تقف أمام مجموعة كبيرة من الناس وتقوم بتقديم عرض في مادة معينة، أو أنه قد طُلب منك أن تصلي بالناس في حالة غياب الإمام، وهكذا.

عش هذا الخيال بقوة وبجدية وتركيز، وكرره بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم، سوف تجد أن ذلك يساعدك كثيراً.

هنالك أيضاً برامج يجب أن تطبقها يومياً، وهي أن تقابل مجموعة من أصدقائك، أن تقف أيضاً مع مجموعة من زملائك الطلاب الذين هم ليسوا من أصدقائك، أن تحيي أحد الأساتذة يومياً.

وإذا لم تكن في الدراسة بالطبع فيمكنك أن تستبدل الأستاذ بجار أو بشخص تعرفه معرفة سطحية أو هكذا.

المهم هو أن تعرض نفسك لمقابلة ثلاث مجموعات مختلفة من الناس على الأقل يومياً، ويجب أن تنظر إلى الناس في وجوههم، تحييهم بتحية الإسلام، ولا تنس أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، هذه كلها إن شاء الله ذات عائد علاجي كبير جدّاً.

هنالك أيضاً تمارين سلوكية تتمثل في ممارسة الرياضة مع مجموعة من الشباب مثل لعب كرة القدم مثلاً، أو أن تصلي في جماعة في المسجد كما ذكرنا لك، وأن تحضر حلقات التلاوة، وكذلك المحاضرات والدروس، ويا حبذا أيضاً لو انخرطت في أي أنشطة اجتماعية وثقافية وتطوعية، هذه ذات قيمة علاجية كبيرة جدّاً.

بقي في نهاية الأمر أن أصف لك الدواء الذي يفيد أيضاً في هذه الحالات؛ لأن التمازج أو الجمع بين العلاج السلوكي والعلاج الدوائي دائماً يعطي أفضل وأروع النتائج فيما يخص الرهاب الاجتماعي.

أنت لست في حاجة لجرعة كبيرة من الأدوية، جرعة بسيطة جدّاً سوف تكون كافية بالنسبة لك؛ لأن حالتك بسيطة إن شاء الله، وأنا أثق أنك سوف تكون حريصاً لتطبيق التمارين السلوكية.

الدواء الذي أنصحك بتناوله يعرف تجارياً باسم (زيروكسات SEROXAT) ويعرف علمياً باسم (باروكستين PAROXETINE)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام) يومياً، تناولها بعد الأكل.

استمر على هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم ارفعها إلى حبة كاملة (عشرين مليجراماً) واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم إلى نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية السليمة، من الأدوية الممتازة والجيدة وغير الإدمانية وغير التعودية، ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للرهاب: (259576 - 261344 - 263699 - 264538)، نسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية Ssm

    من لازم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لايحتسب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً