الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم رجل لخطبة فتاة أثناء تعلقها بآخر عرفته عن طريق الهاتف

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحببت أن أكتب لكم قصتي بعدما ضاقت علي كل السبل بالخروج من هذه المأساة، فأنا فتاة بالعشرين من عمري، بدأت معاناتي تزداد سوءاً منذ سنة وثلاثة أشهر تقريباً، كنت بتلك الأيام أدخل غرف المحادثة عبر الإنترنت، وكنت أضحك مع هذا وأدردش مع ذاك، والحمد لله أن الأشخاص الذين كنت أدردش معهم كانوا يتصفون بالاحترام، وهذا الشيء الذي جعلني أستمر بالدردشة معهم؛ لأنهم أشخاص ذووا أخلاق، ربما تتساءلون عن سبب دخولي إلى هذه الأماكن ويكون تبريري هو عائلتي، فمنذ أن تخرجت من المدرسة وأنا أشعر بأني وحيدة بالمنزل، لدرجة أنني أشعر أحياناً بأنني غريبة، أشعر بأنني لست منهم، وعندما أكون بحاجة إلى أن أفضفض ما في قلبي لا أجد من يسمعني ويشاركني همومي، ولهذا لا أجد ملجأً لمشكلتي غير هذه الغرف، وبعد مرور أسبوعين تقريباً من دخولي غرف الدردشة أحسست بأنني مهتمة بشخصٍ منهم، وكان يضيق خاطري إذا لم أره موجوداً بيننا، وفي يوم من الأيام قال لي أنه يحبني ويهتم لأجلي كثيراً، ولكن لم أهتم بما قاله؛ بحجة أن الرجال كلهم يقولون هذا الكلام للفتيات للتقرب منهم، وبعد مرور أسبوع تقريباً قال بأنه يريد مكالمتي هاتفياً ليقول لي عن شيءٍ ما، في البداية رفضت طلبه، ولكن مع ضغطه علي بالمحاولة وإذلال نفسه خضعت له، بشرط أن لا يكرر اتصاله مرةً أخرى، عندما هاتفني حدثني أولاً عن نفسه بأنه أحبني من كل قلبه، وأن قصده شريف، ويريدني أن أكون شريكة حياته، أحسست عندها بوجودي بهذا الكون؛ لأنني ولأول مرة أسمع كلاماً كهذا، وكانت طريقة كلامه مقنعة.
تكررت الاتصالات بيننا، وكنت دائماً أستمع إلى كلامه العذب الحنون، وكان يعدني بكل شي، ويتمنى أن يحقق لي كل ما أتمناه على هذا الكون، لقد أحببته من كل قلبي ولا تعرفون مدى حبي له، وكنت أشعر بالاختناق عندما لا أهاتفه يومياً، لقد أصبح حبيبي وأبي وأخي وصديقي وكل شيء في هذه الدنيا، وكنا دائماً نعاهد بعضنا على أن لا يفرق بيننا غير القدر.

بعد مرور 4 أشهر تقريباً من تاريخ أول مكالمة قال لي بأنه يريد مصارحتي في شيء، وهنا كانت الصدمة الكبيرة، قال لي بأنه من جنسيةٍ أخرى ويعيش بالإمارات بدون جواز، وينتظرون المرسوم منذ أكثر من 30 سنة، والأكبر من هذا كله أنه متزوج منذ 4 سنوات، وعمره 28 سنة، في البداية اندهشت من كلامه؛ لأنه ليس من عادة عائلتي أن نتزوج من غير الإماراتيين حتى ولو كانوا مجنسين، ولكن بعد ذلك أقنعني بكلامه العذب بأنه سيحصل على المرسوم "جواز السفر" بأقرب وقت ممكن، وأن زوجته على علم بأنه يحبني وهي مقتنعة بهذا الشيء، مرت الأيام وحبنا يزداد يوماً بعد يوم، وكنت أتحمل كل همومه، كانت حياته صعبة جداً لا يتحملها إنسان من ناحية دخله الشهري وطبيعة عمله التي تجبره أحياناً بالغياب عن المنزل أكثر عن 3 أسابيع، ضللت أنتظر اليوم الذي سيحصل فيه على المرسوم ليتقدم لخطبتي مع أن كل رجل يتقدم لخطبتي أرفضه بحجة أنني أريد إكمال دراستي، وبعد مرور سنة وشهرين على حبنا اتصلت بي صديقتي وقالت أنها تريدني لأخيها وأنه يحبني منذ الطفولة، وكنت أعرف عائلة صديقتي، فهي عائلة محترمة وذو مكانة مرموقة بالمجتمع، في البداية تضايقت كثيراً وقلت لها بأنني أعتبر أخيها كأخ لي، وأنا لا أفكر بالزواج حالياً؛ لأنني أريد إكمال دراستي، ولا أريد أن أشغل نفسي في شيء غير الدراسة، ولكنها ألحت علي وقالت: إنه متعلق كثيراً بك ولا يريد سواك زوجة له، فقلت لها دعيني أفكر بالموضوع وأمهليني أسبوعاً لأفكر فيه على راحتي، فقالت لي بأنه يريد محادثتي بأمر مهم، وعندما كلمته قال لي أنه يتمنى أن يتزوجني منذ الصغر، وأنه يتمنى أن يسعدني في حياتي و.و.و.و. لقد تحادثت معه قرابة الساعة والنصف ساعة، وكان يعدني بأشياء كثيرة، وكان كثير القسم، أي أنه كل ما يقول لي شيئاً يقسم بربه، ويقول لي أنه يمسك بيده القرآن ليثبت صدقه بالكلام.

استخرت ربي في الأمر، ورأيت بأن أخ صديقتي هو الرجل المناسب لي، كنت دائمة التفكير بالأمر، كنت محتارة بكيفية مفاتحة حبيبي بالأمر، وإذا كنت سأبتعد عنه بأي طريقة أكلمه، وأنا قلبي لا يسمح لي بأن أضايقه في شيء، ولقد عملت مقارنة بين الأول والثاني، فالأول لا يملك المال المناسب للزواج، وكان دائماً يقول لي وهو يمزح "يوم بتشتغلين ابيج تشترين لي سيارة همر وبتاخذين لي موبايل أخر موديل" وأحياناً يقول لي بأنه سيسكنني وزوجته في "شقة صغيرة على قد الميزانية" وأيضاً يقول لي أنه سيتزوجني بدون مهر ولا حفلة عرس، كيف ترضون بفتاةٍ في مقتبل عمرها أن تتزوج بهذه الطريقة؟

أنا الآن مترددة بكيفية مفاتحته بالموضوع، وكيف لي أن أتصرف معه؟ كيف أقول له أنني لا أريدك؟ أحياناً يأتيني شعور بأنني خائنة للوعد، وأحياناً أقول من حقي أن أعيش سعيدة مع رجل مستقر في حياته ولا أعيش مع رجل يواجه الكثير من المشاكل.

أرجو منكم إفادتي ونصحي، أشعر بأنني أهملت دراستي بسبب التفكير بهذا الأمر، لا أعرف ماذا أفعل أو كيف أتصرف!
أختكم المحتارة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ المحتارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنّه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، وأسأله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك لما فيه صلاحك وسعادتك في الدنيا والآخرة .

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن أعظم شيء في هذه الحياة هو الحب، ولذا جعله الله من علامات الإيمان؛ لأن الإنسان بدونه جمادٌ لا حياة فيه، إلا أننا ولظروف ما قد نعيش الحب كنوعٍ من رد الفعل المؤقت، ولا ننظر لعواقب الأمور، خاصةً في مرحلة الشباب والمراهقة؛ حيث يكون التعلق بالجنس الآخر سمة من سمات هذه الفترة، والحياة الزوجية والاستقرار الأسري لا يكفي فيها أن نحب وفقط، وإنما تفرض أموراً لابد منها لكي تنجح، والحب أحد هذه الأمور العظيمة، ولكنه لا يكفي وحده لإنجاحها، والدليل على ذلك أن هناك مئات من حالات الطلاق حدثت بين المتحابين رغم أنهم لم يتصوروا يوماً أن يحدث هذا؛ لأن الأسرة لها شأنٌ آخر ومتطلبات أخرى لا يمكن للحب أن يعوضها مهما كان، نعم قد نصبر على بعض، ولكن للصبر أيضاً نهاية وحد يقف عنده، لذا أقول لك بعد هذه المقدمة: إن حياتك مع هذا الشاب قطعاً سيُحكم عليها بالفشل؛ لأنها تفتقر إلى مقومات النجاح بكل تأكيد، فأهلك لن يوافقوا عليه، وهذا معناه أن تدخلي في حرب لا قِبل لك بها، وقد تخسرين نفسك أو أهلك، وهذه خسارة سوف تدفعين أنت وحدك ثمنها، ثم ستفاجئين بأن حياتك دون المستوى الذي تعودتِ عليه بمراحل، وهذا عامل آخر من عوامل الفشل المؤكد، ولذا أقول لك: اعتذري للأخ بأي وسيلة، أو توقفي عن الاتصال به أو الرد عليه، وسوف تتعذبين بعض الوقت إلا أنك سوف ترتاحين تماماً عندما تعيشين حياةً طبيعية مستقرة، وسوف يغمرها التفاهم بالحب والمودة والتفاهم، فلا تضيعي هذه الفرصة تحت أي ظرف من الظروف، وأكثري من الدعاء أن يُعينك الله على نسيان هذا الشاب محبة الشاب الأخير المناسب لك ديناً ودنيا.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً