الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لزوج يعاني كدر حياته الزوجية لتدخل أم الزوجة فيها؟

السؤال

السلام عليكم..

باختصار: أنا متزوج من شهرين، وأنا وامرأتي من الملتزمين دينياً والحمد لله، ومن أول يوم أسسنا بيتنا على الدين وربطنا سعادتنا بديننا وعشنا مع بعضنا أياماً جميلة سابقة، المشكلة أن زوجتي نشأت في بيئة ينفصل فيها أبوها عن أمها، وأبوها اهتمامه بهم يقتصر على المال والإنفاق، زوجتي أكبر إخوانها، وكانت متعلقة جداً بأمها، وكل أسرار أمها عندها حتى الشخصية التي كانت بين أمها وأبيها، زوجتي متعلمة وكانت تعمل وكانت تمتلك السيارة، وهي من كانت تقوم بأخذ والدتها للسوق ولقضاء حوائج البيت.

أمها شخصية طيبة ومتدينة تديناً جيداً وبفهم عميق للدين، لكنها عنيدة وتصر على رأيها ومعتزة بنفسها وليست عزيزة نفس، تتدخل وتحاول فرض رأيها بكل شيء، زوجتي وقافة على الحق فاهمة لدينها محبة جداً لدينها، تقرأ وتسمع أموراً إسلامية كثيرة، عاطفية كثيراً في كل أمور حياتها، وتبكي وتتعظ من المواقف وتتأثر بالموت والقرآن، وتبكي لهما، محافظة على دينها، حافظة الكثير من القرآن، متفوقة بدراستها.

أنا وهي متفقان على كل شيء تقريباً، كنا متفقين أن علاقتنا مع والدتها يجب أن تبقى جيدة من غير السماح لها بالدخول والتدخل بحياتنا الخاصة، نتجنب ذكر التفاصيل أمامها حتى اليومية منها، أيضاً كنت متفقاً مع زوجتي أنني لا أحب خروج المرأة إلى الأسواق من غير محرم، ولا أحب أن تذهب بزيارات مع أمها إلا في المناسبات الاجتماعية؛ لأن ذلك سوف يفتح باباً كبيراً علينا خاصة أن أمها تحب أن تبقى مع بنتها دائماً، وكما أسلفت فإنها إن سمحنا لها بشيء تتمادى.

لغة التكلم دائماً بينها وبين أمها العاطفة، المشكلة بدأت فجأة من غير سابق إنذار عندما حاولت تغيير موعد زيارة أمها ليتناسب مع عملي دون الإنقاص من المدة الزمنية، وهي يوماً بعد يوم لمدة 5 ساعات، اختلفنا وهنا انفجرت بالبكاء وقالت: إنها تشعر أنها بالسجن، وليست حرة وأنها من قبل كانت حرة أكثر وأنها تحب أن تخرج مع أمها وتزور مع أمها! وأنا لا أفضل هذه العلاقة نظراً لأنني أخاف من تدخل أمها بحياتنا وتأثر بنتها بشكل غير مباشر، خاصة أن زوجتي عاطفية وأمها وأختها الصغرى دائماً تكونان معها، وبالذات عند الوداع.

وتشعر هي أنها مقصرة بحق والدتها؛ لأن والدتها أصبحت تشعر بفراغ بعد زواج بنتها، اشتد الكلام بيننا وأخبرتها أنها يجب أن تتحكم بعاطفتها وأنني لا أمنعها من زيارة والدتها بالشكل المتفق، ولا أمنعها إن احتاجت والدتها الذهاب إلى السوق أن نأخذها ونذهب بها سوياً، ولكن أحب أن نشتري ونختار أشياءنا وحدنا بعيداً عن أمها لأني أخجل من التكلم بالمال أمام أمها.

غضبت زوجتي كثيراً وأخبرت أمها، وهنا أمها غضبت كثيراً خاصة أنني كنت أعامل أمها بشكل ممتاز، وأمها كان متوقعة أنني سوف أسمح لها أن تتصرف مع بنتها كما تريد، وغضبت كثيراً، وأنا أيضاً غضبت، وأصبحت تردد وتؤكد أنني أضغط على بنتها وأنني أعيش بنتها بسجن! تحسنت العلاقة كثيراً بيني وبين زوجتي، وأعدنا حساباتنا واتفقنا على ما كنا متفقين عليه، ولكن زوجتي الآن تشعر بأن أمها مظلومة، والكل ظالم لأمها وأن أمها مسكينة، وتشعر بقربها من أمها، وأمها أيضاً تتعامل الآن بعاطفة أكبر مع بنتها وكأنني أشعر أنها تستغل طيبة وعاطفة زوجتي.

والآن زوجتي تحاول إخفاء بكائها أمامي، ولأنني مرات أشعر وأراها وهي تبكي، والمشكلة الآن أن حياتنا أصبحت نكدا كلما سعدنا، وتعود أمها للاتصال بها أو رؤية بنتها فنرجع نعيش بنكد! أنا -والله- مدلل امرأتي ولا أصيح عليها وأثقل كاهلها بالطلبات، وأتجاوز عن الأخطاء، وأردد دائماً عند الغضب: حسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، الرجاء أفيدوني ما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابن الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله أن يوفقنا ويهدينا وإياكم سواء السبيل.

وقفت على رسالتك يا ولدي، وقرأتها بتمعن، وجزاك الله خيراً على صبرك وتعاملك، وأرجو في بداية الرسالة أن أذكرك بالآتي:

1- أرجو ألا تغفل عن وضع زوجتك كبنت عاشت حياتها كلها في كنف أمها صباحاً ومساءً، وفجأة وجدت نفسها بين كنف رجل غريب عنها، مارست معه ما لم تمارسه من قبل ولم يكن مألوفاً، فهذه وإن كانت شيئاً حتمياً في حياة الإنسانية، إلا أنها من الناحية النفسية أمر كبير جداً، ونقلة صعبة، ومعظم المشاكل الزوجية تبدأ في هذه المرحلة، ولذا أرجو أن تراعي هذا الجانب، وهو صعوبة الانفصال إن لم يكن بالجسد لكن بالعاطفة، ومهما فعلت فلن تنفصل نفسياً، وستظل معلقة بأمها، وستظل معها.

2- قلّة التجارب، فأتتما جديدان في الحياة الزوجية، وهي حياة تقوم على التجارب العملية لا العلمية ولا النظرية، ولذا فمهما وضعت من نظريات قبل الزواج فإنك ستضحك من نظرياتك بعد الزواج؛ لأنها بعيدة عن الواقع.

لهذا فوسيلة الإقناع بما تريده لا تأتي إلا بالجانب العملي، وبالصبر، أعني بالجانب العملي أن تعاملها كزوجة معاملةً طيبة وفق ما أمر الله، وتشاركها في حياتكما، بأن تتحمل بعض المسئوليات، وتصدق معها في التعامل، ثم تعطيها جرعات خفيفة من الكلام، تحتوي على خصوصية الحياة الزوجية وواجباتها، وما تتطلبه، كما أرجو أن تتحدث معها أيضاً عن التفرقة بين الحقوق، وهي حق الله وحق الوالدين، وحق الزوجين كل منهما على الآخر، وأنها لا ينبغي أن تخلط بين هذه الحقوق، ولكل حق حدوده، حتى حق الله في العبادة، فإن تجاوز العبد في حق العبادة بأن أعطى كل وقته للصلاة والذكر والتلاوة لم يكن منجهاً سديداً، فأعطِ كل ذي حق حقه، فاطرح لها هذه المعاني بلطفٍ ولين شيئاً فشيئاً.

أما التعامل مع أمها (النسيبة) فاعلم أن هذه النسيبة يمكن أن تقطع هذه الرابطة، ويمكن أن تربطها، وذلك بما لها من المقدرات في ذلك، وعليك ومن اليوم أن تحسن علاقتك بها، وتكتسبها لجانبك، وألا تجعل بينك وبينها عدواة، ولا بأس أن تغض الطرف عن المسائل الصغيرة التي تتدخل فيها، ولكن ليكن هناك حد فاصل تعلّمه زوجتك في حق أمها عليها، وفي التدخل في شئونها.

فهذا المنهج إن شاء الله سيحل كل المشاكل، وبقدر ما تكسب زوجتك وتجعلها تثق فيك تتجاوز كثيراً من العقبات والمشاكل.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه، ولا تنس كثرة الدعاء، وحسن الصلة بربك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً