الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغير سلوك طفلي في البيت والمدرسة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو من الله أن تعينوني على مشكلتي وإيجاد حل لها؛ لأن حياتي أصبحت جحيماً.

أنا متزوج ولدي ولدان، الكبير 8 سنوات والصغير 4 سنوات، المشكلة في ابني الكبير، فهو كان متفوقا جداً العام الماضي، وذا شخصية معقولة، وأخلاقه ممتازة، وكان جميع الناس يحبونه ويحترمونه! هذا العام تغير تماماً فأصبح مستواه الدراسي ينحدر جداً والمدرسون دائمو الشكوى منه، وحتى أولياء أمور أصدقائه يشتكون لزوجتي منه؛ لأنه يشتت انتباه التلاميذ أثناء الدراسة! حتى في تمرين السباحة الذي كان متفوقا فيه أصبح مدربه يشتكي منه!

المهم أن الشكوى العامة أنه بطيء جداً في كل شيء وعديم التركيز، فهو لا يريد أن يركز في أي التزام عليه، فأصبحنا أنا وزوجتي دائمي الشجار معه، وزوجتي بطبعها عصبية جداً فلا مجال عندها للتفاهم أو المسايسة وأصبحت ألتمس لها العذر الآن فهو أصبح استفزازيا جداً وبطيئا، والشجار والعقاب والزعيق معه أصبح لا يجدي! فهو أصبح لا يبالي بكل ذلك، ومستهترا جداً ويضيع وقته بطريقة غريبة، فما يستطيع أن ينجزه في ساعة ينجزه في 5 ساعات بدون مبالغة!

وفي كل شجار دائماً يقول: يا رب أموت! اتفقنا أنا وزوجتي أن نتبع معه سياسة الثواب والعقاب بدلا من الزعيق، فلم تجد! اتفقنا أن نتحدث معه في هدوء ونصادقه ونشرح له أن هذه الأفعال تضر به هو شخصياً وأنه الوحيد المتضرر من ذلك والله لا يحب هذه الأفعال ولكن دون جدوى! فبمجرد انتهائنا من الكلام يرجع إلى نفس تصرفاته مرة أخرى! وأصبح دائم البكاء على أتفه الأسباب، وأصدقاؤه أصبحوا يسخرون منه.

لا يذاكر إلا وأمه بجانبه ولابد أن تشرح له كل ما أخذه في اليوم الدراسي؛ لأنه لم يكن منتبها! وفي أغلب الأحوال لا ينقل الدروس في الفصل ولا يعتمد على نفسه في أي شيء فتتصل زوجتي بأولياء أمور زملائه حتى تعرف ماذا أخذوا في الفصل، حتى وصل الأمر إلى أنه لم يحضر أحد المجاميع التي يأخذها.

لم تكن هذه شخصية ابني ولا أسلوبه وهذا الاستهتار واللا مبالاة لم تكن موجودة عنده! فأنا وزوجتي لا نبخل عليه بأي شيء أبدا، وفعلاً حياتنا أصبحت متوترة جداً فزوجتي في انهيار دائم بسبب استهتاره وتصرفاته الاستفزازية، وأنا أحاول أن أتماسك ولكن من داخلي متمزق؛ لأني أخاف أن يضيع الولد مني فهو ما زال بذرة ولا أريده أن يكبر على ذلك، وثاني سبب أن البيت أصبح جحيماً، فمنذ أن أدخل البيت حتى أنام وأنا في شجار مستمر معه، وكذلك أحياناً أدخل في مشاحنات مع زوجتي من كثرة الشجار معه وأطلب منها مسايسته إلى حد ما؛ لأنه حساس جداً.

رجاء إفادتي، ماذا أفعل حتى يستعيد ابني تفوقه الدراسي وثقته بنفسه التي اهتزت جدا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تامر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً على سؤالك.

دائماً في مثل هذه الحالات يكون الخلل النفسي والسلوكي مرده إما الطفل نفسه، أو المدرسة، أو البيت، وذلك مع احترامنا الشديد لكم، وفي معظم الحالات يكون هنالك تفاعل بين هذه العوامل الثلاثة؛ مما يؤدي إلى اضطرابٍ في المسلك من النوع الذي ذكرته.

بالنسبة لعلاج مثل هذه الحالة، يجب أولاً ضرورة التأكد من أن هذا الابن غير مُصابٍ بداء إفراط الحركة، والذي يكثر تواجده وسط الأطفال، ويؤدي إلى ضعفٍ في التركيز، واندفاعية، وعصبية، وتمرد اجتماعي من جانب الطفل.

الشيء الثاني: أصبح من المؤكد الآن أن هنالك بعض الأطفال يُصابون بالاكتئاب النفسي، ويظهر على الطفل في مثل الوصف الذي ذكرته، حيث إن الاكتئاب عند الصغار يختلف منه عند الكبار.

المبدأ العام لعلاج هذا الابن يرتكز على محاولة تقليل تصرفاته السلبية، وذلك بتجاهل التصرفات السلبية البسيطة، وتوبيخه في حالة القيام بتصرفات سلبية لا يمكن تحملها، والجانب المهم أيضاً في العلاج السلوكي هو تشجيع هذا الطفل على الإيجابيات، ومحاولة تضخيمها وتجسيمها مهما كانت صغيرة، علماً بأن الخارطة الفكرية والوجدانية للطفل سوف تبدأ في التغير، بحيث حين تتسع الإيجابيات تنحسر السلبيات .

لابد أيضاً من تشجيع هذا الابن، وإشعاره بأنه عضو مهم في الأسرة، كما أرجو أن يكون تعاملكما معه على نمط واحد أنت وزوجتك، بمعنى أن لا يكون هنالك ضغط وشد من أحدكما وتساهل من الآخر.

أرجو أيضاً أن تُتاح فرصة للطفل لممارسة المزيد من الرياضة؛ حتى تمتص طاقاته الغضبية وغير المرغوب فيها، ويا حبذا لو أُتيحت لهذا الطفل فرص أكبر للاختلاط بأقرانه، خاصةً من ذوي السلوك الحسن؛ لأن الطفل يتعلم من الطفل أكثر من تعلمه من الكبار .

أريد أن أنصح بعرض الطفل على طبيب نفسي متخصص في الطب النفسي للأطفال واليافعين، إذا أتيحت الفرصة لذلك؛ وذلك من أجل التأكد من وجود داء الحركة الزائدة أو الاكتئاب النفسي من عدمه، حيث أن لكل واحدٍ منهما علاجه الدوائي الخاص به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً