الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدت الشعور بالمسؤولية وأخفقت في الوصول إلى الزواج!

السؤال

أنا شاب قصتي عبارة عن مأساة: أنا ولدت لأب كان في السبعين من عمره، وأنا الأول والأخير في العائلة، أي أن أبي لم ينجب سواي، توفي والدي وأنا في سن التاسعة، ومنذ تلك الحادثة ابتدأت مأساتي، لم يقف أحد بجانبي سوى والدتي، وأقاربي تخلوا عني، ولم يعترفوا بي حتى هذه اللحظة.

كبرت وتعلمت في الجامعة، وتوظفت بمهنة مدرس، أشعر أني فاقد لحس المسئولية، خطبت مرتين، وفسخت خطبتي، وكلما أريد أن أتزوج فلا أحد يوافق علي؛ وهذا سبب لي اكتئاباً مزمناً.

فكرت بزيارة الكعبة، وفعلاً أديت العمرة والحمد لله، والآن رجعت إلى الله، ولكن أريد أن أتزوج لأكمل نصف ديني، ولكن لا أحد يوافق!

أنا خائف على ديني، أرجوكم ما الحل؟ مع أنني حسن السيرة والسلوك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابن الكريم/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

نسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير، وأن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يهيئ لك من أمرك رشداً، ويجعل لك مما أنت فيه فرجاً ومخرجاً.

لا شك أن الله الكريم سبحانه هو الذي حفظك ورعاك في بطن أمك، ووفقك؛ فأصبحت معلماً، وهذه من أشرف المهام، وأخذ بيدك إلى طريق الهداية؛ فله الحمد والمنة، وحق لك أن تفرح بهذه النعم، وتحمد الله الذي جعلك صاحب سيرة حسنة.

والإنسان إذا تذكر آلام الناس وجراحهم نسي مصيبته، كما أن لذة الثواب تنسي المؤمن ما يجد من آلام، فما من هم ولا غم إلا كان كفارة للإنسان، و(عجباً لأمر المؤمن؛ فأمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).

ونسأل الله أن يرحم والدك وجميع موتى المسلمين، وشكراً لوالدتك على اجتهادها وصبرها، ونسأل الله أن يرزقك برها، واعلم أن ظلم ذوي القربى مع مرارته وصعوبته لن يضرك كثيراً بعد أن وصلت إلى هذا العمر، وأصبحت مربياً ومعلماً للأجيال، وهذه هي عاقبة الصبر، ونسأل الله أن يرزقك أجر الصابرين.

ولا أظن أنك فاقد لحس المسئولية، والدليل على ذلك هو تخطيك لكل تلك الصعاب، ولكن أرجو ترك التردد في موضوع الخطبة والزواج، وعليك أن تحسن الاختيار، وقبل أن تعلن خطبتك عليك بصلاة الاستخارة، وشاور الصالحين من زملائك المعلمين، ثم توكل على الله سبحانه، واعلم أنه لن يندم عبدٌ يستخير ربه، ويشاور الصالحين من إخوانه.

وإذا كان سبب فسخ الخطوبة منك؛ فنصيحتي لك هي أن تترك العجلة، واعلم أن الإنسان لا يرضى لأخته أن تخطب ثم تترك؛ لأن هذا يؤثر جداً على مشاعر الفتيات وأسرهن، وإذا عرف الناس أن الرجل يخطب البنات ثم يهرب ويترك؛ فسوف تتردد كل أسرة في تلبية طلبه؛ خوفاً على سمعة البنات.

أما إذا كان سبب الرفض من الناس فلعل في ذلك خيراً، والنساء كثيرات ولله الحمد، والأفضل أن تختار معلمة ناضجة وعاقلة وصاحبة دين، ولا داعي للحزن أو الاكتئاب؛ فلكل أجل كتاب، وهذه الأمور كلها بقضاء وقدر وأجل معلوم، فاحرص على طاعة الله، والزم طريق التائبين، وأبشر؛ فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، وهو يجيب المضطر إذا دعاه.

وإذا لم يتيسر لك أمر الزواج في المكان الذي أنت فيه؛ فلماذا لا تذهب إلى منطقة مجاورة، وتبحث فيها عن امرأة صالحة، وسوف تجد من يعاونك على ذلك، والخير باقٍ في أمة النبي صلى الله عليه وسلم.

وحتى يتيسر لك الأمر - بإذن الله - أرجو أن تلزم طريق العفة والطهر، وهذا توجيه القرآن لأهل الإيمان، قال تعالى: ((وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ))[النور:33].

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً