الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدوار الشديد وفقدان التوازن نتيجة القلق النفسي

السؤال

السلام عليكم

أنا بطبعي قلق وشديد التوتر منذ صغري، وأعاني من (فوبيا) من عدة أمور، منها المستشفيات والطائرات والامتحانات، وقائمة طويلة تزداد يوماً بعد يوم، وقد عانيت خلال 14 سنة الماضية من حالات شديدة من القلق، كانت تتمثل في دوار شديد وفقدان للتوازن، وكنت أعاني منها الشهور الطويلة حتى أبدأ في التغلب عليها، وازدادت حدتها أيام دراستي الجامعية، والتي أدت إلى تأخري، حتى أنني تخرجت بعد 7 سنوات بسبب الانقطاع عن الدراسة في بعض الفترات، بسبب نوبات المرض.

وقد كنت طوال تلك السنوات أعتقد جازماً بأن الأعراض التي لدي نتيجةً لمرض عضوي جسمي، ولكن كانت نتائج الفحوصات دائماً سليمة، مما جعلني في حيرةٍ شديدة من أمري، فالدوار يلازمني ليل نهار ويعيق حركتي.

وقبل حوالي 3 شهور توظفت في إحدى الدوائر الحكومية بعد بحثٍ عن العمل دام قرابة السنتين، وهي وظيفة مرموقة وجيدة، وبالرغم من ذلك فإن كل من توظف هذه الوظيفة من قبلي تركها بسبب الضغوطات الشديدة التي كانوا يتعرضون لها، وقد كنت طوال الشهرين الماضيين ولله الحمد محط إعجاب وتقدير من المسئولين.

ولكني ومنذ الشهر والنصف تقريباً بدأت أشعر بدوار غريب، أشد من الحالة التي كانت تأتيني في السنوات السابقة، وتتميز بشدة فقدان التوازن، والوصول لمرحلة قريبة جداً من الإغماء تخور فيها قواي وتضعف أطرافي (رجلي ويدي) وأتغلب على ذلك بصعوبة، وقد راجعت أطباء عدة وأُدخلت المستشفى لعمل الفحوصات السريرية، وكان الأطباء يرون بأن عندي خللاً بسيطاً جداً في جهاز التوازن في الأذن، ولكن جميع الاختبارات والنتائج جاءت سليمة ولله الحمد، وبعد خروجي من المستشفى بدأت أعاني من قلق شديد وخوف من الرجوع للعمل خاصةً وأن علي العديد من المسئوليات، من الإشراف على الموظفين وإعداد الاجتماعات وكتابة المحاضر ..وغيرها، حتى أنني فكرت جدياً في ترك العمل، بالرغم من أن هذا العمل هو العمل الذي أجيده جيداً.

واتجهت أخيراً للعلاج النفسي، ووصف لي الطبيب عقار السيبراليكس حبة واحدة تبدأ بجرعة 5 مليجرام وتزداد إلى 10 مليجرام حالياً، مع عقار آخر هو الليكسوتانيل 1.5 مليجرام مرتين في اليوم، وقد بدأت تأتيني أعراض غريبة إضافةً إلى الدوار الشديد والدوخة من تنميل ووخزات تبدأ في مؤخرة الرأس وتنزل إلى أسفل الرقبة واليدين والرجلين والأطراف، وأصبحت لا أُمارس حياتي بالشكل المطلوب، وأصبحت لا أتحمل أي موقف، فعندما أسمع خبراً سيئاً مثل وفاة أحد الأشخاص، أو رؤية منظر دموي بشع تأتيني حالة شديدة من الدوخة وفقدان التوازن، وأصل لمرحلة قريبةٍ جداً من الإغماء أقاومها بصعوبة بالغة، وصرت أذهب إلى العمل وأنا في قمة القلق، وأخاف دائماً أن تخونني أعصابي ويغشى علي في أية لحظة، أرجوكم أرشدوني ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

كل الأعراض التي ذكرتها تدل على وجود قلق نفسي، ورهاب اجتماعي، وهو العلة الأساسية التي تعاني منها.

ما يحدث لك من دوار وما شابهه من أعراض، من الأعراض النفسوجسدية التي نشاهدها في مثل هذه الحالات، لكن لا شك أن فحص الأذن الداخلية يعتبر ضروري؛ للتأكد من عدم وجود سبب عضوي.

نؤكد لك يا أخي أن هذه الحالة يمكن أن تعالج، وتتحسن حالتك للدرجة التي تستطيع أن تحافظ على وظيفتك، وتكن فعالاً حتى في المحيط الاجتماعي والأسري.

المخاوف يمكن أن تُعزى إلى شخصية الإنسان، أو إلى الظروف الحياتية المحيطة به؛ حيث أنها مكتسبة في معظم الحالات، إلا أن النظرية الأقوى والأكثر اعتباراً هي أن هنالك خلل بسيط يحدث في كيمياء الدماغ، والمادة التي دارت حولها البحوث تعرف باسم سيروتينين، ومن هنا أصبح العلاج الدوائي مهمٌ جداً في معالجة القلق والرهاب الاجتماعي.

يعتبر السبرالكس Cipralexمن الأدوية الجيدة، ولكن الدواء الأفضل يُعرف باسم زيروكسات Seroxat، وعليه يمكن استبدال الدواء، وتبدأ جرعة الزيروكسات بنصف حبة ( 10 مليجرام ) ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفعها بواقع نصف حبة كل أسبوع، حتى تصل الجرعة إلى ثلاث حبات في اليوم، وبعد شهرين يمكن أن تُخفض الجرعة بواقع نصف حبة كل أسبوعين، حتى تصل إلى حبةٍ واحدة، وتظل على هذه الحبة لمدة شهرين آخرين، ثم تخفض الحبة الكاملة إلى نصف حبة لمدة أسبوعين، وبعدها يمكن أن توقف العلاج.

الدواء الآخر الذي وُصف لك وهو الليكسوتانيل لا بأس به لعلاج القلق، وتحسين النوم، ولكن يُعاب عليه أنه تعودي وإدماني، وعليه لا أنصحك بتناوله لأكثر من أسبوعين .

بجانب العلاجات الدوائية لابد أن تمارس شيء من الرياضة وتمارين الاسترخاء، وتقوم بإجراء بعض التمارين الذهنية، والتي تتمثل في مواجهة المخاوف في الخيال بصورةٍ مسترسلة، وأن لا تقل هذه المواجهة الخيالية عن نصف ساعة في اليوم، وبعدها ابدأ في المواجهة الفعلية للمخاوف بالتدريج، ابدأ بالأقل، ثم يمكن أن تواجه مصادر المخاوف الأكثر أو الأكبر حدة .

أود أن أبشرك أن البحوث العلمية تدل الآن أن المخاوف يمكن أن تُعالج بنسبة 80 %، وهذه نسبة عالية جداً في الطب .

أرجو يا أخي أن تعض بالنواجذ على وظيفتك، وأن لا تتأثر بما حدث للآخرين في السابق، فلكل إنسان ظروفه ومقدراته ومهاراته، وأرى أنك تملك بإذن الله المؤهلات الكافية للاستمرار في هذه الوظيفة، ولابد للإنسان أن يسعى لترجيح ما هو إيجابي على ما هو سلبي .

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب عزيز المغربي

    السلام اعليكم دكتور. أنا ايضا تعرضت الى ما يعاني منه الأخ الأفضل ،قمت بعلاج دواءي لمدة شهرين النتيجة جيدة.لكن ليست دائمة .فبعد مرور مدة من الزمان تعود المخاوف و الا ضطراباتً. النفسية ا الغالب فيها هو الدوار الشديد الدي يغيب و يعود على غفلة .

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً