الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصيحة لشاب هاجر لتضرره من حال عائلته

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌ أسكن في مدينة تبلغ فيها مهور الزواج أرقاماً قياسية، حيث لا يراعى فيها شرط من شروط كل عبادة، فنرى من المتزوجين المجنون والمعتوه والمريض النفسي.

ولدت في عائلة من هذا القبيل، فالأب يعمل في مدينة أخرى ولا نراه إلا أياماً معدودات في السنة، والأم دائماً تذهب إلى بيت أهلها ( أخوالنا )، أين دور الأب والأم؟ لم نتلق أي تربية ولا رعاية ولا حتى اهتمام بالملبس والمأكل والدفء والترويح عن النفس، باختصار: كأننا بلا أهل.

مضت السنين وظهر أثر ذلك الفساد على العائلة، فمنهم من انحل خلقياً، ومنهم من مرض أمراضاً بعضها كان خطيراً، ومنهم من رسب في دراسته، جمعت نفسي وفكرت وقررت أن أكتشف سر هذه المصيبة، خرجت إلى بعض بيوت أخوالي فسرعان ما اكتشفت أصلها (المصيبة)، فالأب والأم لا يقومان بدورهما مرةً واحدة، الأب لا يأخذ من القرآن ولا من السنة، وإنما ما يمليه رأسه بما لا يمت للدين بصلة (مشاهدته للتلفزيون لا تقتصر إلا على الغناء والمسلسلات اللذين ضررهما أكثر من نفعهما، وهذا ما يفعله دوماً).

نصحته بنصيحة شاملة لما نحن فيه، ولكن لم يكترث، وراح يردد لأمي أنني ألغو وأقول ما لا يليق! أما إخوتي فلا يحركون ساكناً، ما عدا أمي فهي تُظهر بعض الانتباه، لكن خوفها منه يمنعها من الخوض معه، أما عن بقية الأهل فلا اهتمام البتة، ولا حولا ولا قوة إلا بالله.

لا أخفي عليكم فأنا من أُجريت له عمليتان جراحيتان، ومرضت بعدهما مرضاً فتاكاً كدت أن أفقد حياتي لولا أن الله تداركني برحمته، فقد شفيت والحمد لله، وكذلك رسبت في دراستي بعدما كنت طالباً نجيباً حتى ضاقت بي المدينة بما رحبت، وفي وقت قريب اكتشفت أشياء جديدة أكثر خطورة، فهذا الأب أصبح إلى الجنون أقرب، فهو لا يفقه أي شيء في الدين والدنيا ويبادله الشعور إخوتي فهم لا يهتمون بالنظافة ولا بالهدوء ولا بالرفق ولا بالترويح على النفس ولا بالإحساس، ما عدا أمي فإنه يرى منها بعض الحسن.

لقد تضررت العائلة كلها ضرراً بليغاً، وقد قدمت من الأسباب ما شاء الله، وأحيطكم علماً بأنني الأكثر ضرراً، وأريد أن أبتعد عن الضرر عسى أن أجعل له حداً، وهذا يكون بخروجي من مدينتي إلى مدينةٍ أخرى معروف أهلها بالصلاح، طبعاً هذا بعد أن استشرت بالخروج ولم ينكروا علي، ولما عشته في تلك المدينة، فقد أفلحت في المدينة الأخرى ورأيت ما فيها من الفأل الحسن لصلاح ديني ودنياي، وأما عن أهلي فإني لن أبخل عليهم بالزيارة وبالنصح والدعاء عسى الله أن يفرج عنهم.

وأخيراً أفيدونا بنصائحكم مأجورين إن شاء الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل المهاجر/ همام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك أيها المهاجر، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يجعل هجرتك هجرة موفقة، وأن يوسع رزقك، وأن يزيدك إيماناً وتوفيقاً وصلاحاً وسعادةً وهداية.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فكم أنا سعيدٌ فعلاً باتخاذك لهذا القرار الجريء القوي، واعلم أن الله قال سبحانه: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ))[الرعد:11]، وقال سبحانه: ((أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ))[النساء:97]، فالحمد لله أن وفقك لهذه الهجرة، والمهم أن تحرص على كسب رضا والديك والإحسان إليهما بكل الوسائل الممكنة، وأكثر لهما من الدعاء بقول: (رب ارحمهما كما ربياني صغيراً)، ولا تحرم الأسرة من نصحك وتوجيهك وإرشادك، ولكن بالتي هي أحسن خاصة مع الوالدين، وإذا أُتيحت لك فرصة لأخذ الأسرة كلها معك فهذا خيرٌ كثيرٌ لك.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق والدوام، والسعادة في الدارين، وأبشر بالخير، فإن الله يُحب المجدين الصادقين، ولا يضيع عمل العاملين.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات