الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفضته لعدم ارتياحي الداخلي له

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا الفاضل! أود أن أستفسر عن أمر يؤرقني، فلقد تقدم لخطبتي شابٌ يشتغل معي عن طريق أحد الإخوة الذين يشتغلون معي، وكنت قد رفضته لا لعيب في خلقه أو دينه لكني لا أجد ارتياحاً له في داخلي، حاولت التفكير ملياً في الموضوع خصوصاً وأن هذا الشاب عاود الاتصال بي لأن الأخ لم يرد عليه، لكني -كما قلت- أجد نفوراً كبيراً تجاه هذا الشاب، خصوصاً أني دائماً أصلي وأدعو الله أن يرزقني الزوج الصالح، لذلك صارحته أني لا أريد الزواج به؛ لأني أعرف أن الزواج مسئولية وخطوة كبيرة يجب التفكير فيها ملياً، وسؤالي الآن: هل أنا مذنبة حين رفضت الزواج بهذا الشاب خصوصاً أني ملتزمة وأحاول ألا أغضب ربي قدر المستطاع؟

أرجو سرعة الرد لأني محتارة في الأمر، ولا تنسونا يا رعاكم الله من الدعاء لي بالزوج الصالح.
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي العزيزة/ نعيمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،

نسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وأن يرزقنا جميعاً السداد والرشاد.

لا شك أن الرأي الحاسم في مسألة الزواج هو رأي الفتاة، وهي التي سوف تعيش مع الرجل، ورحلة الحياة ممتدة بحلوها ومرها، وهي شراكة ومسئولية، وإذا أُشكل على الإنسان أمر الاختيار فعليه أن يستخير الخالق سبحانه، ويصلي صلاة الاستخارة، واحرصي كذلك على مشاورة الصالحات، فإنه ما ندم من استشار ولا خاب من استخار.

وأرجو أن تعرفي أن هذا النفور قد تكون له أسبابٌ ظاهرة وقد لا تُعرف دوافعه، فإن كان من النوع الأول وكان للنفور أسباب فإننا ننظر فيها، فإن كانت مقنعة ومعتبرة من الناحية الشرعية فلا خير في من لا يطيع الله، وإن كانت من النوع الثاني ولم تعرفي أسبابها، فانظري هل يمكن أن تؤثر في القيام بحق هذا الرجل؟ فإذا ترجح عندك أنك لن تقومي بواجباتك كزوجة فلا مانع من الرفض، ولكن بأسلوب لطيف يحفظ لذلك الأخ ماء وجهه، ويكافئ مشاعره الطيبة تجاهك وظنه الحسن فيك،
ولا يجوز لك إعلان هذا الرفض أو ذكر أسبابه في المجالس وبين الزميلات؛ لأن من لا يصلح لك سوف يصلح مع غيرك وقد تسعد به، (فالأرواح جنودٌ مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).

وهكذا تتجلى لنا عظمة هذه الشريعة التي شرعت للخاطب أن ينظر المخطوبة، وذلك أحرى أن يؤدم بينهما، وجعل الخيار في يد الفتاة فلا تتزوج إلا بمن ترتضيه وترتاح إليه، والإنسان قد يرى إنساناً فلا يرتاح له دون أن يكون في الشخص عيب، ويجب أن لا يدعونا ذلك إلى ظلم الناس، والله تبارك وتعالى لا يحاسب الإنسان في الأمور التي لا يملكها فإنه سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها، فاحفظي لسانك عن هذا الأخ الذي لا تجدين في نفسك ميلاً إليه، وإذا سألك من أرسله لك أو غيره فأرجو أن تحسني الاعتذار، وتذكري هذا الأخ بما عرفت فيه من الخير.

نسأل الله أن يرزقه الزوجة الصالحة وأن يهيئ لك الرجل المناسب الصالح، وأن يعين الجميع على طاعته، وكل شيء بقضاء وقدر، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.
والله الموفق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً