الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرغبة في التقرب إلى الله وسط أسرة لا تساعد على ذلك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة كلما اقتربت من الله سعى الشيطان بيني وبينه، أريد أن أصبح فتاة يرضى عنها الله بكل معنى الكلمة، وأريد أن أغطي وجهي؛ لكن أهلي غير راضين عن ذلك، كما أن الأجواء التي أعيش فيها لا تساعدني على ذلك.

أهلي يشكلون أسرة مسلمة تصلي وتحب الله، فوالدي رجلٌ كريم تحبه الناس وتحترمه، لكن ذلك ليس كل شيء، فهناك ما ينقصني وهو أن أعيش في بيت يخلو من حرية سماع الأغاني، وتنقصني الإرادة والمساعدة في تغطية وجهي، والذي كان السبب في فتنة كل من رآني، كما ينقصني الكثير الكثير.

أما في هذه الأيام فإنني أواجه ضغطاً كبيراً من قبل والدي بسبب فكرة الزواج، فكلما جاء شخص لخطبتي وكان مناسباً رُفض، لكنني عاهدت الله على أن لا أتزوج إلا رجلاً متديناً، لكي يهديني الله على يديه، ولكي يساعدني ويعينني على عبادة الله.

وأخيراً: آمل أن أكون قد نجحت في توصيل فكرتي، واعذروني من سوء التعبير، وآمل أن تنصحوني بسرعة جزاكم الله خيراً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الفضلى/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،

نسأل الله لك الثبات والسداد، ونسأله تبارك وتعالى أن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.

شكراً لك على هذه الرغبة العظيمة في الخير، وإذا علم الله منك صدق النية وحسن التوجه فسوف ييسر لك الأمور، فاحرصي على طاعة الله، واحفظي الله يحفظك، وتأكدي أن صراعنا مستمر مع هذا العدو ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)) [فاطر:6]، ولكن كيده ضعيف، وليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، فعمّري وقتك بذكر الله وتلاوة كتابه، فالشيطان يبتعد من الذاكرين.

وأرجو أن تعاملي أهلك بالرفق والحسنى، وخاصة الوالدين؛ حتى يشعرا بأثر الدين عليك، واستعملي الأسلوب الحكيم في عرض طلباتك، وبيني لهم أهمية تغطية المرأة لوجهها أمام غير محارمها، وأن هذا دين الله الذي يصون المرأة ويحمي عرضها، واعرضي هذا الأمر على كل من تتوسمي فيها الخير من القريبات والجارات، وإذا كان أهل البيت من أهل الصلاة والدين فسوف تجدي بإذن الله من يقف إلى جوارك ويعينك على طاعة الله.

وإذا كان الوالد محبوباً فعلينا أن نستفيد من محبة الناس واحترامهم له بتوجيههم نحو الخير، وإذا صبرت على التمسك بالحجاب والدين فسوف تتأسى بك فتيات أخريات، وسوف تجدين أجر ذلك في موازين الحسنات، وذكري أهل البيت بأن نعم الله تدوم بالشكر واستخدامها في الطاعات.

أما بالنسبة لوجود الأغاني في المنزل فهذا والعياذ بالله يمكّن الشيطان من الدخول إلى البيت، فالغناء هو قرآن الشيطان وبريد الزنا، وهو الزور والشرور، ورحم الله مالكاً عندما سُئل عن الغناء فقال: إنما يفعله عندنا الفساق، والغناء في هذا الزمان مخالفٌ لدين الله لما فيه من كلمات عشق وغزل حرام، بل وفيه ألفاظ وكلمات تُصادم عقيدة المسلم فضلاً عن الصورة التي يؤدي بها الفاسقين والفاسقات تلك الأغاني، بالإضافة إلى استخدام الآلات الموسيقية المحرمة، فعليك بمواصلة النصح لأهل البيت، واستعيني بالله، واعلمي أن طاعته أعلى وأغلى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه.

أكرر: كوني مؤدبة مع والديك، ولا تقبلي إلا بصاحب الدين، فلا قيمة لمال ولا فائدة لحسب أو جاه أو مظاهر خادعة، والذي ينفع الله به هو صلاح الدين وكمال الأمانة وحسن الخلق، نسأل الله أن يعينكِ على طاعته، وأن ييسر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

وإذا استطعت أن تجمعي بين رضا والديك وصاحب الدين فذلك هو الفضل العظيم، وإلا فعليك بصاحب الدين، واحرصي على صلاة الاستخارة، واطلبي الدلالة على الخير ممن بيده الخير سبحانه، وشاوري أهل الخير من محارمك والصالحات من زميلاتك، ثم توكلي على الله واحرصي على طاعته .

وأرجو أن تجدي في كبار السن من أرحامك من يساعدك على إقناع والديك بوجهة نظرك، خاصة والمرأة هي التي ستعيش مع الزوج لسنوات طويلة، ولذلك لا ينبغي أن تُزوج إلا برضاها واختيارها.

نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يرضيك به، ونسأل الله لك الثبات والسداد.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً