الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع رجل كبير يطاردني ويرغب في الزواج بي؟

السؤال

منذ فترة أخبرني رجلٌ يكبرني بأكثر من 20 سنة أنه يرغب في الزواج مني، ولكنني رفضت، ولكنه يطاردني ويقول: إنه لا يستطيع أن يعيش بدوني، وأنه يحبني بجنون، وأنه مستعد أن يطلق زوجته من أجلي، وأن يفعل أي شيء، ولقد أفهمته أن وضعي لا يسمح بهذا الزواج، وأنا أكن له كل الاحترام، ولا أستطيع أن أفعل ما يحرجه، ولا أستطيع أن أخبر أي مخلوق عن ذلك، فهل كلامه لي الذي يشمل كلام غزل وعشق حرام؟
لقد حاولت كثيراً أن أمنعه وهو دائماً يتحدث معي في التلفون؛ لأنني أتجنب مقابلته، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ديدو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يحفظك وأن يسددك، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.

ابنتي العزيزة: إن المرأة لا يجوز لها أن تسأل طلاق أختها لتدخل بيتها، وهذا من آداب هذه الشريعة التي تُعلم الإنسان أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، وأن يكره كذلك للآخرين ما يكرهه لنفسه، فلا تطلبين منه هذا الطلب، ولا تشجيعه على هذا العمل.

وإذا كانت عند هذا الرجل قدرة وكان صاحب دين، فلك أن تقبلي به شريطة أن يأتي البيوت من أبوابها، ولا يجوز له أن يطاردك بكلماته وهواتفه، وقد أحسنت تحاشي مقابلته، وأنت لا زلت أجنبية عنه، وإذ تمادى وسمح لنفسه التوسع في مطاردتك، فمثل هذا الرجل لا يؤتمن، خاصة وهو أعلن استعداده عن تخليه عن زوجته الأولى، فالعاقل من وعظ بغيره، والكلمات المعسولة سهلة، ولكن هذا الكلام والمشاعر التي يُطلقها يجب أن تكون بعد الرباط الشرعي.

وعلينا أن نلاحظ كذلك أن فارق السن كبير، ولكن هذا في النهاية راجعٌ لرأيك أنت، ولا مانع من الناحية الشرعية، ولكن الرجل الكبير كثيراً ما يعجز عن مجاراة رغبات زوجته الشابة، وقد يصعب التعايش كذلك بين أجيال مختلفة في طريقة التفكير ونمط الحياة.

ونصيحتي لك أن تصلي صلاة الاستخارة، وتطلبي الدلالة على الخير من الله الذي بيده الخير، وشاوري بعض الصالحات المؤتمنات ولو كنت من غير الأقارب، وليس من الضروري أن تقولي لها كل شيء، ولكن يكفي أن تعرفي معلومات عن حياة هذا الرجل، وتعامله مع زوجته الأولى، وسيرته بين الناس، ثم بعد ذلك تقرري في نفسك ما يظهر لك أن الخير فيه، ثم تطلبي منه إن كانت له رغبة أن يكف عن أفعاله، ويتقدم بطلب يديك بصورة رسمية، وعندها سوف يكون الأمر واضحاً، ويأتيك بأخباره من لم تزودي.

ونشكر هذا الامتناع عن مجاراته في الحديث والتهرب من مقابلته، وخيرٌ لك المسارعة في حسم هذا الموضوع الذي يبدو أنه يحدث من خلف ظهر الأسرة، وهذا أمرٌ لا تؤمن عواقبه، وهو في النهاية سوف يكون على حساب سمعتك وسمعة الأسرة، وعندها لن تستطيعي أن تقنعي أهلك بأنك كنت رافضة ومتهربة من مقابلته وسماع كلامه، وحقٌ لك أن تخافي من رجلٍ كبير لا يراعي ضوابط الشرع، ويطلق لشهواته العنان، وإذا علم أنك جادة في إيقاف هذه الممارسات فسوف يتركك أو يأتي البيوت من أبوابها.

ولست أدري لماذا لا تستطيعين أن تخبري أي مخلوق بهذا الأمر؟ والبر يا ابنتي ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس.

وأخيراً: لا تتركي الأمر معلقاً، فإما القبول والإعلان أو الرفض ونسيان هذا الموضوع، وانظري في كل رجل إلى دينه وخلقه وأمانته، واعلمي أن صاحب الدين وحده هو الذي يُرجى منه الخير، ولن يغني عن الإنسان نسبه وحسبه أو ماله شيئاً إذا لم يكن له دين.
إذا المرء لم يلبس لباساً من التقى تقلّب عرياناً ولو كان كاسياً
وخير لباس المــــرء طاعة ربه ولا خير في من كان لله عاصياً
والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً