الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخاطب المتدين وليس معه شهادة.

السؤال

السلام عليكم..


تقدم لخطبة أختي شاب متدين كما يقولون، وأمي وخالي معجبون به وبعائلته جداً، وأمي لم تدخر جهداً لإقناع أختي به بدءًا من أنهم أناس قريبون لوضع حياتنا، وانتهاءً بأنه مشهود له بالسمعة الطيبة، وخالي معجب به جداً، ويقول إنهم يلقبونه بالشيخ، وهو جاء عن طريق خالي ولكن أختي رفضته زعماً منها بأنه جاء من طرف خالي وهي لا تريد شيئاً من طرف خالي، كذلك لأنه من بلدنا -أي قريتنا- وهي تقول بأنه لا يوجد في قريتنا أناس يشبهوننا في أسلوب حياتنا؛ حيث تتميز عائلتنا بالحوار والثقافة والانفتاح على العلم والعالم وما به من جديد، أعني على حد زعمها أنه لا يوجد من يضاهي أسلوب حياتنا أو لا يوجد نموذج شبيه لنا في قريتنا.

والسبب الآخر على حد قولها هو أنه شيخ كما يقولون، فهل سيعطيها حريتها أم أنه سيقيدها؛ مع العلم أن أختي محجبة وتصلي، ولكن أمي شجعتها كثيراً وقالت: إنه أقرب نموذج لنا في كل قريتنا، كما أنه يناسبنا حيث أنه ابن عم لنا (أي أنه من نفس بلدنا) ولكن عيبه الوحيد على حد قولها إن كان هذا عيباً أصلاً فهي لا تراه عيباً هو أنه لا يحمل شهادة جامعية (مدرس) كما أنهم أقل ثقافة منا.

في الحقيقة جواب أختي النهائي كان الرفض، وسؤالي هو أن خالي كان من البداية يحاول أن يقنعه بي أنا بدل أختي، لأنه قال إنه يناسبني أكثر من أختي في طبعه ولكني رفضت وقلت: إنه نصيب أرسله الله لأختي فلا آخذ نصيب أحد، فإن هي رفضت بعد ذلك فسأفكر في الموضوع، وها هي الآن ترفض وخالي قال: إن الرجل جاء بالدرجة الأولى لسمعة العائلة وهو لا يهمه أي فتاة يأخذ، المهم من هذه العائلة نظراً لسمعتها، ولكن ما يقلقني في الموضوع هو هل هو متدين حقاً؟ أعني من الذي حكم عليه بأنه متدين، ومن أطلق عليه لقب شيخ؟ إنهم أناس من عامة الشعب من صلى وأطلق اللحية قليلاً لقبوه بالشيخ، أنا أريده متديناً ولكن من يضمن لي ذلك؟ لا يوجد في عائلتنا من يلتزم فعلاً بكامل الأحكام الشرعية والسنة ليحكم لي عليه حتى أطمئن، فهم كلهم كعامة الشعب من صلى بالجامع وسبح قليلاً أصبح شيخاً، هل تعلم أن التعامل هو أساس الحكم؟ ولكن حتى الذين يتعاملون معه لا يفقهون في الدين شيئاً فكيف يحكمون عليه، إنهم عامة الشعب، هل فهمت قصدي؟ كما أن أمر ضعف ثقافته عنا يقلقني، فهل هذا يؤثر؟ أرجوك ساعدني فأنا أريده شيخاً يخاف الله ولا يخاف سواه فهذه أمنية حياتي، كما أنه ليس غنياً وأنا أتمناه أن يكون غنياً؛ لأن أعمال الخير تحتاج إلى المال فأنا أتمنى أن أكفل يتيماً وأربيه، وهذا يحتاج للمال وحال هذا الأخ متوسط.

أرجوك أشر علي وادع الله لي أن يرزقني شيخاً، شيخاً حقيقياً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل علا أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يمن عليك بزوجٍ صالح يكون عوناً لك على طاعته، ويأخذ بيدك إلى السعادة والاستقرار.

وبخصوص ما ورد برسالتك: فأنا سعيدٌ جداً لوجود إنسانة مثلك في هذا الزمن، تحرص على أن تتزوج شاباً لدينه فقط، فهذه علامة خير وبشرى طيبة فعلاً على أن هذه الأمة ما زالت بخير ما دامت قادرة على إنجاب فتيات مثلك ولله الحمد والمنة.

وأما عن مسألة الالتزام بالدين وتعاليمه فإنها في الحقيقة مسألة نسبية، وقد يكون مثل هذا الأخ نظراً لالتزامه الظاهر في قريتكم يعتبر شيخاً حقاً، في حين أنه قد يكون في مكان آخر لا يسمى حتى ملتزماً، فالبيئة والعلم والاحتكاك بالعلماء والدعاة له دوره في تحديد مفهوم الالتزام، إلا أنني أقول بأنه مجرد وجوده بهذه الصفة في بلدكم وانفراده بها يدل على أنه على خير، وأن فيه الخير والبركة إن شاء الله، وأنه يمكن مساعدته في نواحي القصور إن وجدت، وأن لديه الاستعداد للاستجابة والتلقي والاستفادة من غيره، فأرى أنه مناسب حتى وإن كان مستواه في الالتزام متواضعاً، وكفاه فضلاً وشرفاً أن يلتزم بالمحافظة على الصلاة في الجماعة، ويلتزم بالسنة الظاهرة، وفوق ذلك فهو يتمتع بسمعة طيبة كما ذكرتِ، ويصعب علي أن أقتنع بأن خالك لا يريد لك الخير أو أنه يزكي الرجل وهو لا يستحق ذلك، نعم أنا معك في كونه قد لا يفهم معنى كلمة شيخ بالمعنى الصحيح، ولكن في العموم لن تطلق هذه العبارة عن أحد من فراغ، ويمكنك أنت بعد الزواج أن تساعديه على قدر معرفتك، وأن تكملي النقص الذي عنده إن وجد، فتوكلي على الله، وصلي صلاة الاستخارة، واسألِ الله من فضله.

وأما عن كونه ليس غنياً حتى يكفل يتيماً أو غيره، فهذه مسألة ليست جوهرية، وما يدريك لعله بزواجه منك وضم رزقك إلى رزقه يوسع الله عليه، ويصبح من الأغنياء الذين يخدمون الدين بالنفس والمال.

مع أطيب التمنيات لك بالتوفيق والسداد، وسعادة الدارين، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر أمينة

    بارك الله فيكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً